انطلقت أعمال المشاورات حول «تفاعل المنطقة العربية مع الإجراءات الخاصة بحقوق الإنسان في الأممالمتحدة»، والتي تأتي بالشراكة بين المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومكتب مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بمشاركة ممثلين عن إدارات حقوق الإنسان بوزارات الخارجية والعدل والشؤون القانونية في 20 دولة عربية. افتتح المشاورات التي عقدت بالقاهرة أمس ،كل من محمد النسور رئيس فريق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمكتب مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان، والدكتورة ريم السالم مقررة الأممالمتحدة الخاصة بمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، والوزير المفوض منير الفاسي مدير إدارة حقوق الإنسان بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وعلاء شلبي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان. شارك في الفعاليات من المنظمة العربية لحقوق الإنسان كل من مها البرجس الأمينة العامة، وبوبكر لركو عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، والدكتورة نيفين مسعد عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، وعصام شيحة عضو مجلس الأمناء، والدكتور عبدالباسط بن حسن عضو مجلس الأمناء، وفريق من باحثي الأمانة الفنية بالمنظمة. وشارك من مكتب مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان مازن شقورة الممثل الإقليمي للمفوضية، وفريد حمدان وياسمين شمس من فريق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمفوضية، ومن الجامعة العربية جابر المري رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية، وفريق من أعضاء إدارة حقوق الإنسان بالأمانة العامة للجامعة. من حانبه، قال علاء شلبي، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن الحدث بالغ الأهمية، لتعزيز النقاش والتفاهم حول سبل تعزيز التفاعل بين الدول العربية وبين الإجراءات الخاصة لحقوق الإنسان بالأممالمتحدة، ضمن مسار يلبي الحاجة لتعزيز التفاعل الإيجابي بين حكوماتنا العربية وبين منظومة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بكافة تنويعاتها. وأكد شلبي أن اللقاء يهدف إلى ترسيخ دعائم حقوق الإنسان في منطقتنا، مشددًا على أن تلبية حقوق الإنسان هو جزء لا يتجزأ من دوافع وغايات حرصنا المشترك على استعادة السلم وترسيخ المواطنة وتقوية التماسك الاجتماعي، ذلك أن ضمان الحقوق والحريات سيسمح بتعبيد الطريق لبلوغ التقدم والتنمية والرفاه. وتابع شلبي، شهدت بلداننا- ولا تزال مرحلة بالغة التعقيد، تمتزج فيها المآسي التي ولدتها إخفاقات القصور في معالجة أوجه التمييز والتهميش واللامساواة ونقص الحريات في بعض الساحات، مع بعض التقدم الذي تحقق في تعزيز المواطنة وضمان المساواة في ساحات أخرى، والتحرك نحو الحريات- ولو ببطء مثير للقلق، لكنه أيضا تقدم يبقى معززًا للآمال في إمكانية تقديم نماذج عربية واعدة يمكن اقتفاء آثرها والاستفادة من تجاربها. وواصل خلال السنوات العشر الأخيرة، وقعت تقدمات دستورية مهمة وفرت ضمانات إيجابية لتبني وإعمال معايير حقوق الإنسان، بات ممكنًا البناء عليها تشريعياً وقضائياً، وأتاحت بالتالي تبني خطط وطنية للنهوض بحقوق الإنسان، بل وإدماج ضوابطها في خطط تحقيق التنمية المستدامة، ووضع غاياتها في خانة الاستحقاقات والتعهدات، كما تراجع الخطاب الرجعي الذي عمد في السابق إلى إهدار حقوق الإنسان، وحال دون الاعتزاز بإسهامات عربية ملموسة في تطوير وصوغ القانون الدولي لحقوق الإنسان، والتعزيز الكمي والكيفي لمنظومة حقوق الإنسان العالمية. وأوضح شلبي أن السياق السياسي الإقليمي الراهن يُوفر مؤشرات إيجابية تُضاعف الآمال في معالجة الأزمات وما بات يعرف بسياسة «تصفير المشاكل»، وهو ما يسمح بتوفير بيئة صديقة لنمو حقوق الإنسان، والتي أيضاً تُشكل الأساس الصلب لإستدامة أية تسويات سلمية في ساحات الأزمات. اكد شلبي إن تعزيز التفاعل العربي مع منظومة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بصفة عامة، ومع الإجراءات الخاصة بحقوق الإنسان من المقررين الخاصين والخبراء المستقلين والفرق العاملة المعنية على وجه الخصوص- سيكون له أثر إيجابي بالغ الأهمية في جسر الفجوة القائمة لناحية تحقيق فهم مشترك لطبيعة التحديات التي تُكبل مسيرتنا للوفاء بالتزاماتنا الدولية، وفي تمكيننا من الاغتناء بالخبرات الثرية لأصحاب الولايات في جهودنا لتفعيل الالتزامات، وفي إزالة الالتباسات حول توافر الإرادة السياسية الإيجابية للتقدم في تلبية الالتزامات وفق المصالح الوطنية والأولويات المجتمعية. وشدد على أن كل تقدم في وتيرة التفاعل الإيجابي سيكون لها فائدة كبرى في جسر ما يمكن لنا وصفه ب«الفجوة الثقافية»، فضلاً عن تمهيد السبل نحو مساهمة عربية أكبر كماً ونوعاً في مسيرة مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، وعلى نحو يُيسر للخبراء الحقوقيين العرب ذوي التميز والنزاهة احتلال مزيد من الولايات بين الإجراءات الخاصة لحقوق الإنسان، ويُتيح بالتبعية استعادة التوازن المفقود في علاقتنا بأفرع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان ما بين الآليات التعاهدية والإجراءات الخاصة.