رئيس الوزراء الماليزي يلتقي المفتي في كوالالمبور ويشيد بدور مصر في نصرة قضايا الأمة    الكنيسة الكاثوليكية تشارك في أعمال المؤتمر الدولي السادس لمجلس الكنائس العالمي    ضمن مبادرة "صحح مفاهيمك".. ندوة علمية حول الأمانة طريق النجاح بأوقاف الفيوم    أسعار اللحوم مساء اليوم الجمعة 24 أكتوبر 2025    رغم زيادة الوقود.. الزراعة تؤكد استقرار أسعار اللحوم وتتعهد بمواجهة الغلاء    هيئة «الرقابة المالية» تكشف معايير الانضمام إلى المختبر التنظيمي sandbox    أسعار العملات العربية والأجنبية مقابل الجنيه فى البنك المركزى    رئيس أفريكسيم: أصول البنك تضاعفت 6 مرات فى 10 سنوات لتتخطى 40 مليار دولار    الناتو: عقوبات أمريكا على روسيا تزيد الضغط على بوتين للتفاوض    رفح من معبر أفراد لشريان حياة.. كيف تحدت مصر قيود إدخال المساعدات لغزة؟    اللجنة المصرية فى غزة تقود أكبر قافلة مساعدات إنسانية لأهالى القطاع.. فيديو    الإمارات تستضيف نهائي سوبر اليد المصري 12 نوفمبر    عبد العال يعلن قائمة غزل المحلة لمواجهة حرس الحدود في الدوري    الخطيب: مباراة إنبي كانت وراء عودتي للعمل في الأهلي    إيقافات وغرامات بالجملة على الأهلي، عقوبات الجولة ال11 للدوري المصري    حبس المتهم بدهس طفل على طريق مصر–أسيوط الزراعي بالحوامدية    انطلاق حفل ختام مهرجان الجونة السينمائى بالسلام الوطنى    آية سماحة ورنا رئيس تخطفان الأنظار على ريد كاربت ختام "الجونة السينمائي" (صور)    أعماله تتحدث عنه.. من هو أحمد الجنايني الذي دخل القفص الذهبي مع منة شلبي    بعد فوزه بمنصب مدير اليونسكو، المجلس الأعلى للجامعات يكرم خالد العناني    قصر العيني يحتفي ب عصام الطوخي أول عربي ينضم لمجلس إدارة مؤسسة طب العيون العالمية    قوافل الخير تواصل دعم الأسر الأكثر احتياجًا بالإسكندرية    ضبط 3997 قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    ضبط تشكيل عصابي للترويج للأعمال المنافية للآداب بالمنيا    ضبط طن لانشون غير مطابق للمواصفات بمدينة قها    وزارة الرى تعلن أسباب ارتفاع منسوب النيل وتؤكد: الاستمرار فى إزالة التعديات    محادثات الفصائل الفلسطينية في القاهرة.. مساع إلى توافقات بشأن "إدارة غزة"    القاهرة الإخبارية تكشف: ضم الاحتلال للضفة الغربية قائم رغم نفى واشنطن    رئيس نادي المنصورة: لن أتنازل عن حلم الصعود إلى الدوري الممتاز    التنمية المحلية: إزالة عدد من الأدوار المخالفة لتراخيص البناء في بعض العقارات بحي الزيتون بالقاهرة    تفاصيل العثور على جثة عامل داخل مغسلة سيارات بأكتوبر    إنقاذ حياة شاب تعرض لحادث واستئصال ورم بجدار البطن لسيدة بمستشفى الإبراهيمية بالشرقية    مريضة تهدد طبيبة نساء بالسحق.. أطباء بني سويف توضح ملابسات الواقعة "تفاصيل"    استطلاع: تراجع شعبية ترامب في أوساط المنحدرين من أصول إسبانية    محافظة الجيزة تخصص شاشات عرض كبرى بالميادين لمتابعة افتتاح المتحف المصري الكبير    مين الفنجري ومين اللي بيحسبها بالقرش؟.. كيف يختلف الإنفاق على الشراء بين الأبراج؟    يسري جبر: الداعية الصادق يتعامل مع أصحاب المعاصي كطبيب يعالج مريضه لا كقاضٍ يحكم عليه    الكرملين: بوتين لا يستبعد عقد قمة روسية أمريكية فى المستقبل    تعرف على موعد تغيير الساعة في مصر 2025 وبدء العمل بالتوقيت الشتوي    تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين تعلن عن مرشحيها في انتخابات مجلس النواب 2025    ساندويتش السمك المشوي.. وصفة المسلسلات التركية (طريقة تحضيرها)    نجيب سرور.. شاعر العقل الحاد واللسان السليط.. 47 عاما على رحيله.. تمرد على الواقع واختار الجرأة في الشعر والمسرح.. من أعماله "الحذاء" و"بروتوكولات حكماء ريش"    الوداد المغربي يتعاقد مع حكيم زياش    وزير الدفاع والفريق أحمد خليفة يلتقيان رئيس أركان القوات البرية الباكستانية    تدريب 25 صيدليا بالإسماعيلية على مهام العمل الحكومي بالمنشآت الصحية    آس: رافينيا خارج الكلاسيكو ومدة غيابه تمتد لشهر    محمد وهبي - مُعلم خجول أصبح بطلا للعالم.. ورحلة خاصة ل فهم اللعبة واكتشاف المواهب    جمارك مطار أسيوط تضبط تهريب كمية من مستحضرات التجميل    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    جذوره تعود لآل البيت.. من هو إبراهيم الدسوقي بعد تعليق الدراسة أسبوعًا بسبب مولده؟    إصابة شاب في تصادم سيارة بسور استراحة محافظ مطروح    رفع إشغالات الكافيهات بشارع جزيرة العرب فى المهندسين وتحرير محاضر للمخالفين    وزيرة التنمية المحلية: إزالة أدوار مخالفة في حي الزيتون بالقاهرة واتخاذ إجراءات قانونية حازمة تجاه المخالفين    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. وحكم الاستماع إليها من الهاتف    سر ساعة الإجابة يوم الجمعة وفضل الدعاء في هذا الوقت المبارك    أفضل الأدعية والأذكار المستحبة في يوم الجمعة وفضائل هذا اليوم المبارك    قيادي بتيار الإصلاح الديمقراطي الفلسطيني: 3 ركائز أساسية لضمان نجاح اتفاق وقف النار    هنادي مهنا: «أوسكار عودة الماموث» يصعب تصنيفه وصورناه خلال 3 سنوات بنفس الملابس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما قاله السَمّاك للزيّات!
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 07 - 2010

لعلمك، أنا ضعيف تجاه الأسماك وباعتها وطهاتها، وكل ما يَمُتُّ لها بِصِلَة، وأشيلهم على رأسى من فوق دائما، ولذلك لو كنت قابلت تاجر السمك الذى قابله الأستاذ منتصر الزيات فى الإسكندرية الأسبوع الماضى، وسألنى مثلما سأله: «لماذا ينبش الدكتور خالد منتصر فى الماضى؟ ويطالب بمحاكمة جيل ثورة يوليو الذى سماه جيل الحلم والكابوس.. قل له تلك أُمّةٌ قد خَلَت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون».
لو قال لى عمنا السماك كل ذلك لكنت قد وافقته فى رأيه طمعاً فى أسماكه الطازة، ولكتبت عنه مقالة أحييه فيها، مثلما فعل الأستاذ منتصر الذى لا أتهمه هنا بأنه ضعيف تجاه الأسماك مثلى، لكننى أعتب عليه أن انبهاره بثقافة العم السماك والذى أعلنه الزيات فى مقال نشره فى «المصرى اليوم» منذ أيام، أنساه أن يقول للسمَّاك وللقراء الذين يعشقون الأسماك مثلى، إنه لا يصح أن يتم إدخال آية قرآنية كالتى استشهد بها فى جدل سياسى كالذى دعا إليه الدكتور خالد، خصوصاً إذا كانت هذه الآية قد وردت فى سياق قرآنى بعيد كل البعد عما كان يناقشه الدكتور خالد، لكى لا يجد كل من يفكر فى فتح ملفات ثورة يوليو نفسه متهماً بمخالفة القرآن الكريم، ويلقى نصيبه من الويل والثبور وعظائم الأمور.
الآية التى استشهد بها العم السماك ووافقه الأستاذ الزيات هى الآية رقم 134 من سورة البقرة، والتى تكررت بذات النص فى الآية رقم 141 من نفس السورة، وهى ترد فى معرض تحذير القرآن الكريم للمسلمين من أن يكتموا شهادة الحق كما فعل الذين من قبلهم، حيث يقول تعالى فى الآية السابقة لتلك الآية مباشرة «أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون»، وكما يقول الإمام الشوكانى فى فتح القدير نقلاً عن كبار المفسرين مثل قتادة وابن الربيع فإن المقصود بقوله تعالى «تلك أمة قد خلت» هم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق والأسباط.
والنهى هنا للمسلمين متعلق بسياق محدد هو كتم الشهادة كما كتمها الذين من قبلهم، وحاشا لله أن يطالب عبيده بأن يغفلوا الماضى ولا يتأملوا فيه ولا يوسعوه تقييما وبحثا ومحاسبة، خاصة وهو القائل فى سورة آل عمران آية رقم 137 «قد خلت من قبلكم سُنَنٌ فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين»، وهو القائل فى سورة النساء آية رقم 26 «يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم»، فأين هذا كله ممن يريد أن يصور لنا ولو بحسن نية أن محاكمة تاريخ معاصر لاتزال بلادنا تعتصر تحت وطأة سياساته، هو حديث عن أمة قد خلت.
يمكن أن تختلف مع الدعوة التى أطلقها الدكتور خالد منتصر لأسباب سياسية كيفما شئت، وهو ما فعله الأستاذ الزيات فى جزء من مقاله، وإن كان قد زايد على خالد، فصوره كأنه رجل لا يكتب إلا عن الماضى ولا يهتم إلا بنبش القبور، مع أن كل من يقرأ لخالد منتصر، اختلف معه أو اتفق، يعلم أن الرجل مشغول دائماً بحاضر بلاده ومستقبلها، ويكتب فى ذلك كتابات محترمة هى التى استحق عنها جائزة البحرين لحرية الصحافة. بالمناسبة لا أكتب هذا المقال دفاعا عن خالد منتصر، الذى تدافع عنه كتاباته، بل أكتبه ضد إقحام نص قرآنى فى جدل سياسى مع لوى عنق النص ليصبح دعوة باسم الدين لإغلاق أخطر الملفات السياسية التى مازالت تؤثر فى واقع مصر والمصريين بدعوى أنها تخص «أمة قد خلت».
المؤلم أنه فى نفس الأسبوع الذى كتب فيه الزيات هذه الكلمات، كانت الأرجنتين مثلا تعيد محاكمة قادة الانقلاب العسكرى الذى حكمها فى أواخر السبعينيات لتحديد مسؤوليتهم عن مقتل 300 معارض يسارى، وكانت فنزويلا تفتح قبر محرر أمريكا اللاتينية سيمون بوليفار ليحدد خبراء الطب الشرعى ما إذا كانت هناك شبهة فى موته مسموماً أم لا،
وكانت بريطانيا قبلها بأسابيع تشهد صخباً سياسياً بسبب إعلان الحكومة نتائج تحقيق مطول فى وقائع حادثة الأحد الدامى التى قُتل فيها منذ سنين طويلة عدد من المواطنين الأيرلنديين العزل على يد البوليس البريطانى وانتهت بإعلان اعتذار رسمى لأهالى الضحايا بعد مرور كل هذه السنين، وحتى رومانيا قررت منذ أيام فتح قبر طاغيتها تشاوشيسكو بناء على طلب من أهله لتحديد ما إذا كان هو المدفون فى قبره أم لا، ولن تجد لو عدت إلى الأرشيف القريب دولة محترمة فى العالم أو حتى قررت أن تسير فى طريق الاحترام، إلا وهى تعتبر أن فتح الملفات التاريخية الغامضة التى تتعلق بحقوق الناس وحياتهم أمر لا ينفصل عن سعيها لتحقيق الحكم الديمقراطى الرشيد ومحاربة الفساد ورفع معدلات التنمية.
ياه، كاد الشيطان أن ينسينى ذكر ما حدث فى تركيا التى يحكمها حزب العدالة والتنمية المحترم، الذى لم يتعلم إسلاميو بلادنا منه أى شىء، لا الذكاء ولا المرونة السياسية ولا التركيز على مقاصد الشريعة الإسلامية بدلاً من شكلياتها، فى الأسبوع الماضى ألقى رجب طيب أردوغان خطبة تاريخية، حث فيها الأتراك على التصويت لصالح التعديلات الدستورية التى اقترحها حزبه ليتمكن الأتراك فى ظل التعديلات المقترحة من محاكمة قادة الانقلاب العسكرى، الذى حكم تركيا فى أوائل ثمانينيات القرن الماضى، والذين قتلوا وسجنوا العديد من الأبرياء،
وقرأ أردوغان على الملأ رسالة من شاب كان مسجوناً فى ذلك الوقت وينتظره مصير مجهول ويخشى أن يتم إعدامه دون ذنب جناه سوى أنه يحمل رأياً مخالفاً لقادة الإنقلاب، كانت الرسالة التى وجهها الشاب لأمه مؤثرة جداً لدرجة أن أردوغان بكى وهو يقرؤها، وبكى معه الشعب التركى الذى انتخب أردوغان فى انتخابات حرة ديمقراطية، ولم يشغل نفسه بالمتطرفين الذين كفروا أردوغان وصحبه وأخذوا يتهمونهم بمخالفة الشريعة والبعد عن طريق الله، الشعب الذى وقف وراءه حتى حقق لتركيا انتصارات سياسية واقتصادية لم يكن يتوقع أحد أن تحدث فى هذا الوقت القياسى، وأظنها، والعلم عند الله، انتصارات يرضى الله عنها أكثر من رضاه عن الذين ارتضوا أن يعيشوا فى ظل التخلف والفساد والخنوع والقهر.
صدقونى، سنتمكن يوماً ما من محاسبة الذين أغرقوا ألف مصرى فى مياه البحر الأحمر وقتلوا خالد سعيد وأهانوا كرامة المصريين وسرطنوا غذاءهم ولوثوا مياههم ونهبوا ثرواتهم وأنزلوا مصر إلى الدرك الأسفل من مؤشرات البؤس، عندما نقرر أن نعرف أولاً من قتل خميس والبقرى وكمال السنانيرى وشهدى عطية الشافعى وعبدالعظيم أبوالعطا وكل الذين ماتوا ظلما وقهرا فى كل العصور، وعندما نحاسب الذين أهدروا كرامة الأبرياء وانتهكوا حرياتهم بدعوى مصلحة البلاد العليا، سواء كان ذلك فى ظل حكم عبدالناصر أو السادات أو مبارك، ونقدمهم لمحاكمات عادلة لينالوا جزاءهم، لتتعلم الأجيال الجديدة أن العدل قيمة لا تسقط بمرور السنين، وأن دماء الأبرياء لا يجب أن يهدرها مرور الأيام، وأن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم ولا يتحمل مسؤوليتها خدم الطغاة، بل الطغاة أنفسهم، وأن الوطن الذى يهدر كرامة مواطن واحد ويصمت عليها لا يستحق التقدم ولن ينال التنمية ولن يدخل المستقبل.
اللهم اهدنا سُنن الذين من قبلنا، وتُب علينا من الذين يستشهدون بكَلِمِك فى غير موضعه، وهم يظنون أنهم يُحسِنون صُنعاً.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.