حريق شقة أوسيم أول يوم رمضان.. مصرع الزوجين وإنقاذ 4 من أفراد الأسرة (قصة كاملة)

«أثاث محترق، وحوائط تتساقط وأدخنة على الجدران».. هكذا بدت شقة أسرة «راضى» في منطقة أوسيم بالجيزة، بعد أن دمرها حريق سببه ماس كهربائى وتسريب غاز، أنهى حياة رب العائلة وزوجته، في أول أيام شهر رمضان.
حريق شقة أوسيم.. النيران قتلت زوجين في أول يوم رمضان
ومع دخول الشارع محل سكن الأسرة المنكوبة في أوسيم بالجيزة، تجد العيون معلقة على شقة «راضى» بالطابق ال6، يرثون حالهم ويرددون الأدعية بأن «يتغمدهم ربنا برحمته»، ومنهم من يحسبون شهداء «دول ماتوا فى حريق كانوا نائمين وملحقوش يقوموا من مكانهم».
«سارة»، ابنة الضحيتين، كان وجهها يكسوه فرحة قدوم شهر الصوم، نزلت للشارع تشترى احتياجاتها المنزلية، وألقت بالتحية على جيرانها الذين كانوا يطمئنون على والدها من خلالها «سلمى لنا عليه، وقوللى له: كل سنة وانت طيب»، صعدت شقتها وكان رفقتها طفلاها، ووسط لمة الأسرة تناولت السحور مع أخيها «أحمد»، ووالديها «راضى»، و«نجلاء»، تقول: «كلنا صلينا، ونمنا وصحينا مفزوعين على الحريقة».
الابنة تستغيث بالجيران من الحريق
صرخات استغاثة متتالية أطلقتها «سارة» على إثرها، صعد الجيران لشقتها فلم يتمكنوا من الدخول: «النار كانت جامدة، وبترمى أي حد لبرا»، وفق سعيد أبوجبل، أحد الأهالي: «دخلنا من المنور على شباك المطبخ المطل على سلم العقار، بالكاد طلعنا الست اللى استنجدت بينا ومعاها أخوها وعيالها الاتنين، وبحثنا عن رب الأسرة وزوجته لقيناهم ميتين خنقًا وحرقًا إلى جوار سرير حجرة النوم».
«محمود»، شقيق «سارة»، حضر إلى مسكنهما على وقع الفاجعة وإخبار الأهالى له «إلحق أبوك وأمك ماتوا»، يحكى أصدقاؤه في حزن، أنه «كان سهران معانا، عشان أول يوم رمضان، ولقى المطافئ داخله على بيتهم وباتصاله على أسرته وجد التليفونات مغلقة، والناس عرفوه بتفحم شقتهم، وشاف بعينه الإسعاف تحمل جثتى والديه فأنهار وحاول يحضتنهما».
مصرع الزوجين وإنقاذ 4 من أفراد الأسرة في حريق شقة أوسيم
سكان العقار محل الحريق، وهم يرثون أسرة «راضى» يقولون إن الأب كان يعمل سباكًا وزوجته أحيانًا تساعده في العمل، وظروفهما المعيشية بسيطة للغاية، ويتحملان نفقات ابنتهما «سارة» وطفليها كونها مطلقة، يصفون ما عايشوه من لحظات حبس الأنفاس «الدخان كان كثيفا للغاية وتعرضنا للاختناق، وسيطرنا على النيران بسكب المياه وطفايات الحريق، لما قفزنا من شباك المطبخ».
«رجب»، و«أبانوب»، أنقذا «سارة» وطفليها وشقيقها، وأطلق عليهما الأهالى «الشهمان»، يقولان: «دخلنا من شبّاك المطبخ، وكان في أوضة ناحية باب الشقة كان فيها اللى أنقذناهم، وطلعناهم من الشبّاك واحد تلو الآخر وكل دا والنار مولعة بأرجاء الشقة»، يحكيان عن صدمتهما بعد نزولهما للشارع «فوجئنا بسارة تسأل: فين أبويا وأمى؟.. افتكرت أنهما نزلا هربًا من الحريق، ولم نراهما لأن الزوجين كانا نائمين بجزء من الشقة منفصل والنار ماسكة به، بينما (سارة) وطفلاها وأخوها كانوا نائمين ناحية حجرة جوار المطبخ والحمام المطلين على (المنور) جنب سلم العقار)».
في ندم، يقولان «لو نعرف أن (راضى) وزوجته في الشقة لأنقذناهما قبل موتهما».. ويواصل «رجب»، و«أبانوب»، حكى تفاصيل المأساة: «حضرت المطافئ بعد سيطرتنا على جزء كبير من الحريق، وعثرنا على جثة الزوجين داخل حجرة نومهما، والشقة كانت كلها عبارة عن كوم رماد، نزلنا الجثتين وسط بكاء الناس كلها».
وانتقلت النيابة العامة إلى الشقة رفقة خبراء الأدلة الجنائية لإجراء المعاينات اللازمة، والوقوف على أسباب الحريق وتحديد بدايته ونهايته والأدوات المستخدمة في إحداثه، وتبين من خلال تحريات المباحث عدم وجود شبهة جنائية، فصرحت النيابة بدفن الجثتين.