حالة إبداعية مكتملة العناصر يقدمها صناع مسرحية «كازينو بديعة»، التى تقدم رؤية لكواليس يوم من أيام الكازينو بعد عام 1940، مع تقديم لوحة مسرحية عما كانت تقدمه بديعة مصابنى وتؤمن به، وتعاونها مع الكاتب الكبير أبو السعود الإبيارى، كتبها أحمد الإبيارى ويخرجها طارق الإبيارى ويشارك فى بطولته كل من سمية الخشاب التى تعود من خلالها للمسرح بعد غياب 19 عامًا، ومعها أحمد فتحى، إدوارد، فتحى سعد، علاء زينهم، إيمى طلعت زكريا، وتم استبعاد الفنان علاء مرسى من بطولة المسرحية لانشغاله بتصوير أعمال أخرى، استعراضات عاطف عوض، ألحان وموسيقى هيثم الخمسى، ديكور حازم شبل، ملابس مروة عودة، الإشراف على المونولوجات حسن إش إش، موزع موسيقى المونولوج محمود صادق. مسرحية كازينو بديعة تنطلق المسرحية بمشهد يجمع بين طارق الإبيارى «محروس»، المذيع بكازينو بديعة ومقدم الفقرات الذى يرتدى الملابس الأنيقة ويمتاز بالجمال والشياكة، وهو داخل محطة القطار فى انتظار ابن عمه حسن- إدوارد- العاشق للفن والغناء والتمثيل ويحلم بأن ينضم للكازينو ويعشق فن بديعة مصابنى، لكنه يعانى من الخجل الشديد ما يؤثر جدًا على كل تصرفاته، ونجح إدوارد فى إقناع الحضور بانفعالاته ومعايشته للشخصية، وهو الوحيد الذى قرر الغناء «لايف» دون الاعتماد على خاصية الplayback خلال العرض، وغنى للموسيقار محمد عبدالوهاب «يا مسافر وحدك» بمشاركة سمية الخشاب، بالإضافة لمونولوج للراحل إسماعيل ياسين تحت عنوان «أصلى مؤدب». مسرحية كازينو بديعة أحمد الإبيارى اختار بعض الاسكتشات لتكون ضمن عروض المسرحية تكشف كيف كان الكازينو يناقش المشاكل التى كان يعانى منها المجتمع فى هذا التوقيت، ومنها تسعيرة الزواج الذى تناول المغالاة فى طلبات الأسر وقتها، دنيا الحب، «هاعيش منافق» وغيرها. العمل تخلله العديد من الاستعراضات والأغانى التى قدمتها بطلة سمية الخشاب ونجحت فى التحدى الذى وضعها فيه «الإبيارى» لتجسيدها شخصية بديعة مصابنى، وعكست كيف كانت عاشقة للفن المصرى، ومحبة لمصر جدًا وتعتبرها بلدها بعد لبنان، صاحبة شخصية قوية، متفهمة، محبة لكل المحيطين بها، ترفض دخول الإنجليز للكازينو وقت الاحتلال، خصصت عروضا صباحية للسيدات، وذلك كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع، وفتح الصالة لقوات الحلفاء وقتها فقط. مسرحية كازينو بديعة وغنت «سمية» العديد من الأغانى خلال العرض المسرحى، منها مصر منظرك جميل، دنيا الحب، نشيد الدفاع الوطنى أغنية «هنا مسرح بديعة»، التى افتتحت بها العرض، أوبريت «دنيا الحب»، أغنية «شبيك لبيك»، أغنية «لبنان فى القلب»، وقدمت العديد من الاستعراضات التى تطلبت منها تدريبا استمر 90 يوم عمل متواصلة، وأشرفت على تنفيذ ملابسها بنفسها، إلى جانب مروة عودة، والتى جاءت مختلفة ومميزة وأبهرت الحضور، وخسرت سمية جزءا كبيرا من وزنها لأداء شخصية بديعة، التى تعتبرها من أصعب التجارب التى قدمتها على خشبة المسرح. ■ سمية الخشاب.. وبروفات استمرت 90 يومًا الفنانة سمية الخشاب قالت، فى تصريحات ل«المصرى اليوم»: «كازينو بديعة عرض صعب، طويل، ملىء بالتفاصيل، فكرة الرجوع بالزمن ولكن بتقنيات 2023 لم يكن أمرًا سهلًا، حاولنا نقل الصورة كاملة ليوم من أيام كازينو بديعة مصابنى، والموضوعات التى كانت تناقشها من خلال العروض التى تقدمها، وتعاونها مع كبار الشعراء والملحنين والمطربين وقتها، فى حجم أبو السعود الإبيارى ومحمد عبدالوهاب وغيرهما». وأضافت: استمتعت فى رحلة البحث عن بديعة، وحبها وشغفها بالفن بكل ألوانه غناء وتمثيل ورقص واستعراضات، مسرح وسينما، مونولوجات واسكتشات وحتى عروض السحر، حتى قررت التوقف وبيع الكازينو عام 1951. وأكدت: «كان أحد أحلامى تقديم مسرح استعراضى غنائى، وكازينو بديعة حقق لى هذا الحلم، ولهذا لم أتردد لحظة حتى أقبل تلك المغامرة الفنية الجديدة، والحمد لله ردود فعل الجماهير جيدة جدًا على العرض، وإن كان هناك بعد الملاحظات نستمع لها ونعمل على تحسينها للأفضل فى العروض المقبلة». ■ أحمد فتحى ملك المسرح والارتجال والخروج عن النص أحمد فتحى وجوده وظهوره كان قويا فى «كازينو بديعة»، يجسد شخصية فتحى عدس، أحد أعضاء فرقة بديعة، لا يترك أى حركة فى المسرح إلا ويعلق عليها ويبدأ فى إضحاك الجمهور، أحدها إفيه كان يقوله لسيدة يتقدم لخطبة ابنتها باسكتش تسعيرة زواج، و«كيلوبيد» و«أنا فيشيتزيان»، يحب بديعة، ويحاول التقرب منها، لكنها ضمن الأحداث يرتبط قلبها بحسن- إدوارد، دائمًا ما كان فتحى يخرج عن النص ويبحث عن فرصة لإضحاك الناس، مرة على ملابس طارق الإبيارى الذى يقوم بتبديل قرابة 10 «جواكت» على مدار العرض، ويقول له فتحى «علشان أنت أبوك المنتج يعنى صارف نص ميزانية المسرحية على لبسك، وأنا الغلبان ملبسنى بنطلون أحمر، ولبس غريب!»، ومرة أخرى يحاول أن يفتح حوارا خارج النص مع سمية الخشاب وترد عليه «إنجر يا فتحى، كمل المسرحية»، وأخرى حينما يخطئ فى أسماء باقى الشخصيات ويقول «هو أنا أغيب كام يوم أرجع ألاقيكم غيرتوا الأسامى فى المسرحية ينفع كده؟»، ودائمًا ما يحرص فتحى على خلق حالة تواصل مع الجمهور ومحاورتهم، وحظى بتحية الجمهور أكثر من مرة. ■ استبعاد أم اعتذار علاء مرسى رغم مشاركة الفنان علاء مرسى ضمن بروفات التحضير للمسرحية، إلا أن الجمهور فوجئ بعدم وجوده فى العروض الأولى للمسرحية، ليحصل على دوره الفنان إدوارد ضمن الأحداث، ويحل طارق الإبيارى بديلًا للدور الذى كان من المفترض أن يقدمه إدوارد، وخرج علاء مرسى ليؤكد احترامه لكل صناع العمل، خاصة السيناريست أحمد الإبيارى، لكن نظرًا لانشغاله فى أعمال أخرى فإنه لن يستطيع الاستمرار فى مشاركة باقى أبطالها. من أهم إيجابيات العرض هو ظهور الفنان علاء زينهم فى مرة فى شخصية والد عروس صاحب شخصية ضعيفة أمام زوجته فى اسكتش تحت عنوان «تسعيرة زواج»، وأخرى حينما ظهر مرتديًا زى الشرطة ويعمل شاويشا بأحد الأقسام يحرر محضرا ضد أحد الأشخاص الذى يواجه أزمة بسبب كونه محترما ويرفض السرقة». ■ تطويل بدون داعٍ يعاب على العرض المسرحى أنه يصل إلى 3 ساعات، وفيه بعض المشاهد بها تطويل ومد بدون داع ويحتاج لبعض من «الشد» حتى تأتى الأحداث سريعة، ولكن تبديل الديكورات كان يتم بسلاسة واحترافية، ورؤية طارق الإبيارى الإخراجية كانت جيدة، استعان بشاشة عرض ضخمة فى خلفية المسرح، وبعض الديكورات الغنية فى التفاصيل رغم بساطتها، وأيضًا الموسيقى والاستعراضات لعاطف عوض كانت من أهم عوامل المتعة البصرية فى العرض. من جانبه قال الكاتب أحمد الإبيارى: والدى أبو السعود الإبيارى حكى لى العديد من الكواليس من داخل الكازينو كونه من أحد العناصر الأساسية ومن أسباب نجاحه، وأنه لم يكن فقط مكانا للسهر، لكنه انتقد الكثير من المشاكل الاجتماعية فى هذا الزمن فى شكل «اسكتش» أو مونولوج، فى البداية كان يطلق عليه كازينو الأوبرا، وكنت أذهب بصحبة والدى، وكان عمرى 8 سنوات حتى أصبحت فى سن ال 16، وحاولت إظهار ذلك من خلال مسرحية «كازينو بديعة»، وكيف كانت مصابنى تقدم العديد من النجوم ومدى تأثيرها فى الفن المصرى، وأضفت تلك الحكايات والكواليس فى المسرحية، جميع الأغانى والمونولوجات كلها من تأليف أبو السعود الإبيارى وقتها، وأعدنا توزيعها. وتابع: «فى 2013 بدأت دراسة الموضوع وتجميع كل البيانات، ودرست تلك المؤلفات، وكتبت إطارا جديدا للمسرحية، وقررت أن يعيش الجمهور ليلة تعود لعام 1940، وكيف شكل المجتمع المصرى فى هذا الزمن المشاكل التى اشتهرت وقتها». بينما أكد طارق الإبيارى، المشارك فى البطولة ومخرج المسرحية، ل«المصرى اليوم»: «والدى كان يحلم بتقديم عمل مسرحى عن كازينو بديعة، حلم عمره تقريبًا 50 سنة، لرحلة استمرت 17 سنة هو إجمالى عدد سنوات وجود جدى أبو السعود الإبيارى بالكازينو، موضوع ممتع، أحتاج شغلا لفترة طويلة، وأتمنى التوفيق من الله. وعن اختيار سمية الخشاب لدور البطولة والتعاون معها: «بالتأكيد سمية صاحبة تاريخ كبير، وهى إضافة لأى عمل، نجمة جميلة، ممثلة شاملة، تغنى وتمثل، متحمسة للمسرح، وتجسد شخصية فيها هيبة، لا نقدم سيرة ذاتية لبديعة، ولكن نقدم صورة لما كان يدور داخل الكازينو، سواء على المسرح أو فى الكواليس، وسمية تتمتع بالهيبة والكاركتر، وهو ما كان يتطلبه الدور، تقدم كوميديا، غناء، استعراض، مشاهد تمثيلية قوية، مركزة جدًا طول الوقت تبحث عن الأفضل، أتعاون معها للمرة الأولى بشكل مباشر، بعد عملين فى التلفزيون ولكن كل مشاهدنا كانت فى خطوط بعيدة كنا لا نلتقى تقريبًا». وحول الرجوع بالزمن والعودة لعام 1940 قال: «نقدم قصة خاصة بالكازينو، وما كان يقدمه من إبداع، ظلت رحلة الكتابة له منذ عام 2009 لوالدى أحمد الإبيارى، ويعتبر أهم عنصر جذب لكل نجوم العمل النص المكتوب بتفاصيله بكل مشهد فيه، رواية صعبة على مستوى الإخراج والتمثيل». وتابع: «فكرة الجمع بين الإخراج والتمثيل مرهقة جدًا، وكنت أعمل بروحين فى كل يوم تحضير، كمخرج وممثل، وأثق فى ربنا أنه سيكتب لنا التوفيق، مع العودة لهذا الزمن وكيف كان ينتقد الأزمات الاجتماعية فى هذا التوقيت من خلال الاسكتشات والمونولوجات، وحاولنا الجمع بين المتعتين البصرية والسمعية».
