«المصرى اليوم» تبدأ رحلة اكتشاف التحديات فى سوريا ولبنان «1»

تبدأ «المصرى اليوم» جولة داخل الأراضى السورية واللبنانية لرصد عدد من المشاهد والتحديات التى تواجه الدولتين فى ظل ما تشهده من معاناة بسبب نقص الوقود وتداعيات الحرب، التى طالت الأخضر واليابس وقانون قيصر الأمريكى والحصار على سوريا، فيما كان لافتًا أن روح التحدى والصمود لدى المواطن السورى تتفوق على اليأس رغم هذه التحديات.
داخل مزرعة تحسين سلالات الأغنام
وأكد شهود التقت بهم «المصرى اليوم» أنه كلما زادت المصاعب كان هناك إصرار على النجاح فى مواجهة الأزمات، وهو ما نرصده فى عدد من الحلقات المتتالية لمعرقة الحقيقة فى المشهد السورى واللبنانى.
مزرعة الدواجن المحسنة
ورصدت «المصرى اليوم» عددًا من المشاهد داخل أحد أهم المراكز البحثية العلمية العربية التابعة للمركز العربى لدراسات المناطق الجافة والأراضى القاحلة فى محطة بحوث «ازرع» بمحافظة درعا السورية، ضمن 13 محطة بحثية تنتشر فى الأراضى السورية فى عدد من المحافظات تستهدف تنفيذ برامج للتحسين الوراثى فى الماشية وتطوير سلالات المحاصيل الاستراتيجية من القمح والشعير والزيتون والإنتاج الحيوانى والداجنى، فيما كان لافتًا إصرار الباحثين السوريين على مواجهة تحديات نقص الوقود وانقطاع الكهرباء بالمزيد من البحوث لرفع كفاءة استخدام الموارد المائية والأرضية لزيادة الإنتاج الزراعى والحيوانى.
وتقع المحطة البحثية على بُعد 60 كيلومترًا إلى الجنوب من العاصمة السورية دمشق، وسط إجراءات أمنية تشهدها مختلف المناطق السورية والحواجز الأمنية بمختلف الطرق والدروب، التى تقع ضمن المناطق الآمنة الخاضعة للحكومة السورية، والتى تتنوع برامجها البحثية بين تطوير وتحسين سلالات محاصيل الحبوب أو التحسين الوراثى للأغنام والماعز.
تطوير سلالات الماعز الدمشقى
ويمتلك مركز «أكساد» حيوانات منتخبة من الماعز ذات إنتاجية الحليب الأعلى من ناحية القيمة السعرية على المستوى الدولى، فضلًا عن تميز هذه السلالات بمعدل توائم يصل إلى 54%، وخصوبة عالية تصل فيها نسبة التلقيح الطبيعى إلى 85% تقريبًا، وتتميز كذلك بمعدل نمو يومى يصل إلى 270 جم يوميًّا.
وخلال الزيارة- التى ضمت الدكتور أيهم الحمصى، مدير إدارة الاقتصاد فى «أكساد»، والدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، مدير مكتب «أكساد» فى القاهرة، وفتحى بحيرى، رئيس اتحاد النحالين العرب، وآخرين- استعرض خبراء المحطة دورها فى استنباط أصناف من القمح والشعير والزيتون الأكثر تحملًا للظروف المناخية بالمنطقة العربية وتحقق أعلى إنتاجية، فضلًا عن مشروعات تحسين سلالات الإنتاج الحيوانى من الماعز والأغنام من خلال الاطلاع على مشروع التلقيح الاصطناعى ومشروع نقل الأجنة، ومشروع إنتاج الدجاج البياض.
داخل محطة تحسين سلالات الدواجن
وقال محمد نصرى، مدير إدارة الثروة الحيوانية، إنه تم تنفيذ برنامج لتطوير وتحسين الثروة الحيوانية فى الدول العربية عبر برامج التحسين الوراثى وتطوير المصادر العلفية والصحة الحيوانية وتنمية وتطوير قطاع الإبل وعبر إنشاء محطات بحثية متطورة ومجهزة بتقانات حديثة ومخابر للتلقيح الاصطناعى ونقل الأجنة والكشف عن الأمراض.
وأضاف «نصرى» أن هذا البرنامج أسهم فى تحسين إنتاجية أغنام العواس من الحليب، حيث بلغت 300 كجم فى الموسم، وارتفعت نسبة التوائم إلى 45%، كما تم تحسين إنتاجية الماعز الشامى من الحليب ليصبح 500 كجم/ موسم، حيث قاربت العروق العالمية فى إنتاجيتها، وارتفعت نسبة التوائم إلى 77%.
وشدد على أن «أكساد» يعمل على تحسين السلالات المحلية من الأغنام والماعز فى الدول العربية من خلال تطبيق ونشر تقنية التلقيح الاصطناعى فى المجترات الصغيرة، موضحًا أنه تم إرسال أكثر من 30 ألف قشة سائل منوى مجمد من ذكور الأغنام العواس والماعز الشامى المحسنة للدول العربية، بالإضافة إلى إرسال أكثر من 24 ألف رأس من الحيوانات المحسنة.
وأشار إلى أنه يجرى حاليًا تطوير تقانة نقل الأجنة المجمدة من حيوانات النخبة عند الأغنام والماعز، حيث استطاع حتى تاريخه جمع وتجميد أكثر من 100 جنين للحفاظ على الحيوانات المتميزة، وأن المركز العربى «أكساد» له تجارب ناجحة فى خفض نسبة النفوقات فى المجترات الصغيرة من الماعز والأغنام والإبل إلى أقل من 5%.
وأكد أهمية تطوير المصادر العلفية، وخاصة غير التقليدية، لسد الفجوة العلفية، حيث يقدر العجز فى الموازنة العلفية لدى الدول العربية بنحو 80 مليون طن من المادة الجافة، تستورد منها نحو 60%، ويبقى العجز نحو 40%، التى تُعد من أهم معوقات تطوير الثروة الحيوانية فى الدول العربية.
ونوه بأن «أكساد» تعمل على خفض الفجوة العلفية عن طريق تصنيع وحدات لإنتاج الأعلاف المتكاملة وتحسين القيمة الغذائية للمخلفات الزراعية وتوزيعها على بعض الدول العربية، إضافة إلى رفع القدرات الفنية بتنفيذ دورات تدريبية فى مجال الأعلاف وتغذية الحيوان، إلى جانب إعداد الموازنة العلفية للدول العربية، التى تعتمد عليها فى وضع سياستها لتوفير احتياجات الثروة الحيوانية.
ولفت إلى أهمية برامج «أكساد» فى تخفيف آثار الفقر الريفى فى المناطق الجافة والمشروعات المُدِرّة للدخل وإدخال المرأة الريفية فى العملية الإنتاجية، الأمر الذى أدى إلى زيادة دخلهم وساعدهم على الصمود والاستقرار فى مناطق عيشهم وتحسين قطعانهم عن طريق توزيع الكباش المُحسَّنة وقشات السائل المنوى.
وأوضح أن نسبة الإخصاب فى قطعان الماعز والأغنام بلغت نحو 54%، والآن نعمل على تطوير تقنية الأجنة المجمدة من حيوانات النخبة للحفاظ على السلالات الجيدة فى مواجهة الكوارث والأزمات وإنشاء بنك وراثى يحتوى على 20 ألف قشة لتحدى الأزمات، مشيرًا إلى توسيع برامج التحسين الوراثى لتلبية رغبات الدول العربية، حيث شملت السلالات المحلية للأبقار والجاموس وقطاع اللحوم الحمراء وتربية النحل والأسماك والدجاج البلدى، إضافة إلى زراعة الصبار الأملس وصنع المخلفات الزراعية والسيلاج.
وتفقدت «المصرى اليوم» مزارع الإنتاج الداجنى والحيوانى وتحسين السلالات العربية من الماعز والأغنام، داخل محطة بحوث «ازرع» التابعة لمنظمة «أكساد»، وقال الدكتور عبدالمنعم الياسين، نائب مدير إدارة الثروة الحيوانية، إن مشروع إنتاج الدجاج البياض يستهدف تطبيقات البحوث العلمية لخدمة القطاع الريفى لتوفير بروتين حيوانى رخيص يناسب الأسرة الريفية سواء لأغراض التسمين أو إنتاج بيض المائدة من خلال عدد من الأنماط المختلفة للتربية سواء التربية بالأقفاص أو التربية الأرضية محاكاة لنظام التربية الريفية بالمنطقة العربية.
وأضاف أن مركز «أكساد» يعمل من خلال هذا المشروع على تهجين السلالات المحلية من الدواجن مع سلالات ذات إنتاج عالٍ من البيض من حيث الوزن والعدد وتطوير سلالات ذات مقاومة عالية من الأمراض والظروف البيئية، مشيرًا إلى وجود دراسات حول اختيار خلطات علفية للدجاج بهدف رفع الإنتاج وزيادة معدلات التحويل الغذائى إلى إنتاج لحوم الدواجن.
ونوه بأن تطبيقات البحوث العلمية نجحت فى زيادة أوزان الطيور داخل المحطة وفقًا لبرنامج غذائى يسهم فى إعداد خلطة أعلاف تنعكس على زيادة معدلات إنتاجية دواجن التسمين أو بيض المائدة، مشيرًا إلى وجود عدد من النماذج الحقلية فى عدد من عنابر التربية حققت متوسطًا عامًّا لوزن ليقترب من 1.8 كيلوجرام للطائر و63 جرامًا وزنًا للبيضة الواحدة.
واستعرض تنفيذ منظمة «أكساد» برامج بحثية علمية وتطبيقية تخدم إنتاج الماعز والأغنام بالمنطقة العربية، ومنها امتلاك منظمة «أكساد»، التابعة لجامعة الدول العربية، نواة وراثية متميزة من الماعز الشامى وأغنام «العواس» تحظى برغبة كبيرة من الدول العربية للمنافسة فى الاستعانة بسلالتى الماعز والأغنام لاقتناء هاتين السلالتين ونشر تقانتى التلقيح الاصطناعى ونقل الأجنة.
وأضاف أن هذه الإجراءات تتم من أجل الإسراع فى نشر التراكيب الوراثية للأفراد المتميزة من هاتين السلالتين محليًّا وعربيًّا وتكوين بنك وراثى من السائل المنوى للماعز والأغنام والأجنة للإقلال من نقل الحيوانات بين الدول العربية وما يرافقها من مشاكل وأعباء مالية كبيرة والسيطرة على الأمراض، التى يمكن أن تنتقل عن طريق السائل المنوى أو الأجنة مثل مرض اللسان الأزرق ومرض التهاب المفاصل والدماغ الماعزى.
وأوضح الصفات الشكلية لأغنام «العواس»، وهى الارتفاع عن الأرض بمقدار 110 سم، بينما قد يصل وزن الذكور إلى 125 كجم، مقابل 80 كجم للإناث، وهذه الأغنام تتميز بتحملها الحرارة والجفاف، وتتلاءم مع جميع البيئات بسبب الغطاء الصوفى، وهى ثلاثية الغرض- الحليب واللحم والصوف.