بوتين يعلن هدنة بمناسبة عيد الميلاد.. وأوكرانيا تتحفظ

أعلنت موسكو، أمس، أن الهدنة التي أمر بها الرئيس الروسى فيلاديمير بوتين، مساء أمس الأول، دخلت حيز التنفيذ اعتبارًا من منتصف نهار أمس وحتى نهاية اليوم، ودعت موسكو الجانب الأوكرانى إلى وقف إطلاق النار لمنح المواطنين فرصة لأداء طقوس أعياد الميلاد المجيد، كما أعلن الرئيس الروسى استعداده لمحادثات سلام مع كييف إذا ما أقرت الأخيرة بالواقع الجديد. غير أن أوكرانيا اعتبرت أن هذه الهدنة ليست سوى «حجة» هدفها وقف تقدم الجنود الأوكرانيين في دونباس. يأتى هذا في ظل استمرار حالة استعراض القوى بين روسيا والغرب، وتحديداً الولايات المتحدة التي يبدو أنها تدير حرباً بالوكالة ضد روسيا على أرض أوكرانيا، إذ أعلنت الولايات المتحدة وألمانيا عن مساعدات عسكرية جديدة لكييف، فردت روسيا بإرسال فرقاطة حاملة صواريخ إلى قرب شواطئ الناتو.
وذكرت القناة الأولى الروسية أن الهدنة التي أعلنتها موسكو، وما يستتبعها من وقف إطلاق النار، دخلت حيز التنفيذ اعتباراً من ظهر أمس، على طول خط التماس في أوكرانيا، وتستمر حتى نهاية اليوم، فيما ندّد الرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، ب«هدنة» بوتين، ورأى أنها مجرد «حجّة هدفها وقف تقدّم جنودنا في دونباس وتوفير العتاد والذخائر وتقريب جنود من مواقعنا».
على صعيد متصل، أعرب الرئيس الأمريكى، جو بايدن، عن تشككه بشأن وقف إطلاق النار الذي أمر به نظيرُه الروسى في أوكرانيا بمناسبة قداس عيد الميلاد، وقال بايدن، في تصريحات صحفية نقلتها قناة «سى إن إن» الإخبارية الأمريكية، أمس الأول، إنه «متردد بشأن الرد على أي شىء يقوله بوتين»، مشيرًا إلى أنه كان يشك في إمكانية قيام بوتين ب«قصف المستشفيات» في هذه الآونة، وعلق بايدن على مبادرة نظيره الروسى بأنه «يحاول تنفّس الصعداء».
يأتى هذا فيما أعرب «بوتين» عن استعداده للدخول في محادثات سلام مع أوكرانيا إذا أقرت كييف بالواقع الجديد على أرض المعركة، وأكد «الكرملين» أنه قبل الشروع في أي مفاوضات دبلوماسية أو خطط سلام، يتعين على أوكرانيا التنازل عن الأراضى التي أعلنت موسكو ضمها في وقت سابق، وهى أربع مناطق أوكرانية أعلنت روسيا ضمهم في سبتمبر الماضى، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014.
واستمرارا للدعم العسكرى الغربى لكييف، أعلنت الولايات المتحدة وألمانيا اعتزامهما ضخ المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وقال الرئيس الأمريكى، جو بايدن، والمستشار الألمانى، أولاف شولتز، أن بلديهما سيقدمان مركبات مشاة قتالية من طرازات مختلفة ومنظومة دفاع جوى من طراز «باتريوت» لكييف. أتى الإعلان عن هذه الإمدادات الجديدة إثر مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكى والمستشار الألمانى أعربا خلالها عن «عزمهما المشترك» على دعم أوكرانيا. وأفادت تقارير إعلامية بأن حزمة المساعدات العسكرية الجديدة لأوكرانيا تقترب قيمتها من 3 مليارات دولار.
وأوضح بيان مشترك صدر عن البيت الأبيض والمستشارية في برلين أن الولايات المتحدة تنوى تسليم أوكرانيا مركبات مشاة قتالية من طراز «برادلى» من جانبها و«ماردر» من الجانب الألمانى. وتعد المركبة برادلى مصممة لنقل القوات في ساحات المعارك، وهى مزودة بعدة أسلحة مختلفة لحماية طاقمها ومهاجمة الأهداف المعادية. كما تعهدت ألمانيا التي تواجه ضغوطا دولية لتعزيز مساعداتها العسكرية إلى أوكرانيا، بتزويد الأخيرة بمنظومة دفاع جوى من طراز «باتريوت»، حاذية بذلك حذو الولايات المتحدة، خاصة بعد أن تعهدت فرنسا، قبل يومين، بتسليم كييف «دبابات قتالية خفيفة»، ما زاد من الضغوطات على المستشار الألمانى الذي غالباً ما يُتهم بالمماطلة في مسألة دعم أوكرانيا عسكريا. يأتى هذا بينما تستمر أوكرانيا في المطالبة بتزويدها بمعدات عسكرية غربية الصنع وليست «سوفيتية». وأفادت مجلة «دير شبيجل» الألمانية، بأن عدد المدرعات من طراز «ماردر» التي تنوى برلين تسليمها لكييف، يتراوح بين 20 و40 مدرعة.
من جانبه، علق السفير الروسى في الولايات المتحدة، أناتولى أنتونوف، على تسليم مركبات «برادلى» القتالية إلى كييف، بقوله إن «واشنطن لا تريد تسوية سياسية» للصراع.
يأتى هذا بعد أن أكد وزير الخارجية الأوكرانى، دميترو كوليبا، أمس، أن بلاده تدخل مرحلة حاسمة في حربها مع روسيا وأن فريقها الدبلوماسى وقواتها المسلحة تمكنا من إقناع الحلفاء بأن زمن حظر الأسلحة قد ولى، وقال في منشور على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، نقلته وكالة أنباء «يوكرينفورم» الأوكرانية الرسمية، أنه سيكون هناك المزيد من الأخبار الجيدة حول إمدادات الأسلحة لأوكرانيا في الفترة المقبلة.
وأشارت الوكالة إلى تصريحات سابقة للرئيس الأوكرانى، فولوديمير زيلينسكى، في خطابه الأخير، أكد فيها أن بلاده ستمتلك بطارية باتريوت أخرى ومركبات مدرعة قوية للدفاع عن نفسها ضد روسيا.
من جانبه أكد «زيلينسكى» عبر سلسلة تغريدات على حسابه بموقع التدوينات «تويتر» أن ألمانيا تقدم مساهمة كبيرة لبلاده في اعتراض صواريخ روسيا، وقال «شكرًا على قرار تزويد أوكرانيا ببطارية من نظام الدفاع الجوى (باتريوت)، بالإضافة إلى نظام (IRIS-T) الذي تم تسليمه سابقًا ومدفع (Gepard) المضاد للطائرات، لذلك فإن ألمانيا تقدم مساهمة حاسمة في اعتراض جميع الصواريخ الروسية!».
ورداً على إعلان مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، هدد نائب رئيس مجلس الأمن الروسى، دميترى مدفيديف، من أن الفرقاطة حاملة صواريخ «تسيركون» سترسل إلى قرب شواطئ الناتو كهدية رئيسية في رأس السنة، بعدما وعد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أن الفرقاطة الجديدة «الأميرال غورشكوف»، ستبدأ مهمتها القتالية الجديدة. وأكد مدفيديف أن روسيا ستواصل التحدث مع أعدائها بلغة القوة، كاشفاً عن أن هدية بلاده الأساسية في أعياد رأس السنة انطلقت أمس الأول، وعلى متنها صواريخ تسيركون باتجاه سواحل الناتو.
من ناحية أخرى، قال مستشار رئيس مكتب زيلينسكى، ميخائيل بودولياك، أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، يمكن أن يصبح وسيطا فعالا بين روسيا وأوكرانيا. وقال «بودولياك» في تصريحات صحفية لإحدى القنوات العبرية: «ليس لدى شك في أن نتنياهو يمكن أن يكون وسيطا فعالاً، لأنه يفهم بالضبط ما هي الحروب الحديثة وما هو جوهر الوساطة في هذه الظروف». وأضاف: «أعتقد أنه بإمكان إسرائيل تقديم خدمات الوساطة للطرفين عندما يحين وقت المفاوضات، لكن المفاوضات بمشاركة وسطاء، يمكن أن تبدأ بعد وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الروسية».
تأتى تصريحات مستشار رئيس مكتب زيلينسكى، في إطار تعليقه على أحاديث سابقة لوزير الخارجية الإسرائيلى، إيلى كوهين، قال فيها إن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستتحدث بشكل أقل صراحة عن أوكرانيا، وبحسب «بودولياك»، فإن الشىء الرئيسى في هذه الحالة هو أن تقف إسرائيل مع «الجانب الصحيح».
وأطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا في 24 فبراير 2022، ووصف الرئيس فلاديمير بوتين هدفها ب«حماية الأشخاص الذين تعرضوا للاضطهاد والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف لمدة ثمانى سنوات».