انفجار مدينة نصر.. سائق «لودر» يتسبب في اشتعال النيران ومصرع 3 عمال (فيديو وصور)

على الضفة الأخرى من كوبرى أحمد الفنجرى بتقاطع طريق النصر بمدينة نصر بالقاهرة، كان على عبدالعزيز، حارس عقار، قد استعد لإغلاق بوابة المنزل، بعد أن خلت المنطقة من المارة مع حلول أذان الفجر، إذ تشهد المنطقة أعمال تبديل لخطوط الغاز الطبيعى والمياه، ضمن تطوير وتشييد كبارى ورصف طرق بالمنطقة الحيوية.
قبل أن يغادر «عبدالعزيز» إلى داخل العقار محل عمله، سمع دوى انفجار عنيف، يقول: «طلعت برّه لقيت النار طالعة لفوق، قلت استر يارب، وانتشرت رائحة غاز، وفجأة انتشر الفزع بين أصحاب المحال والسكان، وحينها لم يعرف أحد سبب ما حدث، وكل ما شغل بالنا إزاى ننجو بأنفسنا من الحريق المروع».
للحظات تملك الرعب من حارس العقار، تشبثت يده براحتى ابنته الصغيرة، وأخذ يردد: «ما تخافيش يا حبيبتى، علشان المطافئ جاية هتطفى النار وكل شىء هيرجع حلو»، وكان الحارس أراد التوجه لمكان آخر بعد وقوع الحادث، إلا أنه تراجع عن فكرته «لقيت في ثوانٍ الشرطة وقوات الحماية المدنية والإطفاء موجودين وبيسيطروا على النار».
«عبدالعزيز» قال: «إحنا ربنا نجانا بفضل وصول الأجهزة المعنية على طول، ومنعت سير حركة السيارات من عند كوبرى أحمد الفنجرى الذي طالته النيران الناجمة عن الانفجار»، زوجته تلتقط طرف الحديث: «إحنا خُفنا وعِشنا ساعات رعب وحزن بعد ما شُفنا الحماية المدنية بتشيل جثث 3 عمال حفر لقوا مصرعهم».
ليس من سمع كمن رأى، عند مدخل كوبرى الفنجرى، كان «محمود»، أحد العمال ممن كانوا في مواجهة الموت، موضحًا: «زملائى الثلاثة الضحايا، كانوا يحفرون ويصلحون كسرًا بماسورة مياه تسبب في تجمع مياه بالشارع، وسائق لودر حفار كسر ماسورة خط الغاز الطبيعى، وأثناء مباشرة الضحايا عملهم تسرب الغاز دون أن يلاحظوا، فحدث الانفجار وتحولوا لأشلاء».
كان هناك «لودر» وسيارة تحمل رمالًا، احترقا عن آخرهما جراء النار التي أكلت من شدتها أجزاء من الكوبرى، يحكى «محمود»: «ربنا سترها إن عدد الضحايا وصل لحد كده، لأن الموقع كان به 50 عاملًا على الأقل».
«الضحايا بعضهم متزوج ولديه أطفال ومن أقاليم بعيدة عن القاهرة، وأهاليهم حضروا لمكان الحادث وبعدها توجهوا للمستشفى لاستلام جثثهم وكان منظرهم يصعب على أي بنى آدم».. هكذا يروى العامل الناجى من الموت، ما رآه من بكاء أهالى العمال الثلاثة وحضورهم لموقع الحادث، غير مصدقين أن تكون هذه نهايتهم، وحاول الجميع أن يصبرهم بأنهم «شهداء لقمة العيش»، مشيرًا إلى هروب أصحاب محال فور وقوع الانفجار، والشرطة ضبطت سائق اللودر، ووضعت كردونًا أمنيًا حول الجثث ومنعت اقتراب أي شخص منهم، لحين وصول النيابة العامة.
أحد العمال يُدعى «خالد»، كان يبعد مسافة 500 متر عن مكان الحادث، لشراء بعض الأطعمة: «سمعت وشُفت دخان ولقيت الشرطة جت، فجريت على هناك ومعايا زملائى مفزوعين، ومعرفناش ندخل خالص لأن المكان كان كله نار وعرفنا باللى حصل ووفاة زملائنا الثلاثة فكنا بحالة حزن كبيرة».
وعلى مدار اليوم، أغلق رجال الأمن كوبرى الفنجرى، ومنعوا عبور المارة والسيارات، وانتشر رجال المباحث في المكان لإجراء التحريات اللازمة، وتوجهوا إلى المحال والمنشآت العامة المحيطة يسألون: «فين كاميرات المراقبة».
اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، واللواء أشرف الجندى، مدير الأمن، وصلا لموقع الانفجار لمتابعة مجريات الأحداث عن كثب، ووجها بإغلاق خط الغاز الطبيعى وتحويله للخط الاحتياطى دون قطع الخدمة عن الأهالى، وعمل التحويلات المرورية اللازمة.
وأمرت النيابة العامة بانتداب لجنة هندسية من جامعة القاهرة والمعمل الجنائى، لفحص آثار حريق الكوبرى وبيان أسبابه والأدوات المستخدمة في إحداثه، بعد تمكن قوات الحماية المدنية من السيطرة عليه، والانتهاء من إصلاح خط الغاز.