القمة «الإفريقية - الأمريكية»: واشنطن تخصص 55 مليار دولار للقارة السمراء (بث مباشر)

تناقش القمة الأمريكية- الإفريقية، المنعقدة في واشنطن بدءًا من اليوم حتى الخميس، ملفات متعددة، بينها تأثيرات الحرب الروسية- الأوكرانية على الأمن الغذائى للقارة السمراء، والتحديات الأمنية والسياسية للاقتصاد العالمى، فضلًا عن ملفات الاستثمار، والديمقراطية والحوكمة، وأزمات التغير المناخى والصحة والأمن، وتبادل الخبرات العلمية، وذلك وفق برنامج القمة الوارد في منشور رسمى للبيت الأبيض.
وصف البيت الأبيض القمة، التي دعا لها الرئيس الأمريكى بايدن 49 من القادة الأفارقة، في أكبر تجمع دبلوماسى تشهده الولايات المتحدة منذ جائحة كورونا، بأنها «فرصة ذهبية» لتمثيل «الاتحاد الإفريقي» بمقاعد دائمة في المنظمات والمبادرات الدولية، بما فيها مجلس الأمن.
في حين أكد عدد من وسائل الإعلام الأمريكية أن القمة تعد «تحديًا صعبًا» لواشنطن لكسب ثقة القارة السمراء، واللحاق ببكين وموسكو في تلك إفريقيا التي باتت «ساحة صراع دولي» على المصالح التجارية والجيوسياسية.
ونبهت إلى ضرورة تضييق«فجوة الثقة»مع إفريقيا، التي اتسعت على مدى سنوات بسبب «حالة الإحباط» من التزام الولايات المتحدة تجاه القارة».
القمة الأمريكية الأفريقية.. لقاءات ثنائية مع بايدن
وكشف مستشار الأمن القومى الأمريكى، جاك سويلفان، في مؤتمر صحفى، مساء أمس عشية انطلاق القمة، عن أن الرئيس الأمريكى، جو بايدن، سيعين، الديبلوماسى، جونى كارسون، مبعوثًا أمريكيًا خاصًا للقارة السمراء، لتطبيق ما سيتم الاتفاق عليه خلال القمة.
وأكد سوليفان أن واشنطن، ستلتزم بتقديم 55 مليار دولار لإفريقيا حتى العام 2025 في إطار استراتيجيتها للدعم الاقتصادى والصحى والأمنى بالقارة السمراء، بما يتماشى مع استراتيجية الاتحاد الإفريقى 2063.
وأضاف سوليفان، أن الرئيس الأمريكى، سيعقد عدة لقاءات ثنائية مع القادة الأفارقة مساء غد الأربعاء، عقب مأدبة عشاء سيدعوهم عليها ليعلن دعم بلاده ضم الاتحاد الإفريقى، لمجموعة العشرين، رسميًا، استجابة لمطلب رئيس الاتحاد، ماكى سال.
ولفت سوليفان إلى أن بايدن، سيُحى مساعى سلفه أوباما التي تتمثل في إنشاء مجلس استشارى للجالية الأفريقية بالولايات المتحدة، ليقدم المشورة للرئيس الأمريكى في عدة قضايا متعلقة بمشاركة هذه الجاليةمختتمًا بأنه: «آن وقت تمثيل أفريقيا بمقاعد دائمة في المنظمات والمبادرات الدولية».
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير لها أمس إن الصين»تظل أكبر منافس لواشنطن في القارة السمراء، موضحة أن قيمة التبادل التجارى بين بكين وعواصم القارة بلغت 254 مليار دولار حتى عام 2021، فمنذ تسعينات القرن الماضى تعزز بكين تواجدها بإقريقيا الذي تصاعد بدءًا من عام 2013 مع مبادرة الحزام والطريق.
حضور كبير للقادة الأفارقة وسد النهضة مطروح في يوم «التحديات الأمنية»
ويحضر القمة، الرئيس عبدالفتاح السيسى، والرئيس التونسى قيس سعيد، ورؤساء دول الكونجو الديموقراطية وراندا، ورئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، و40 قائدًا من العواصم الإفريقية.
يذكر أن سفير الولايات المتحدة السابق في إثيوبيا دفيد شين، قال إن برنامج القمة سيتناول أزمة سد النهضة، ضمن اليوم المخصص للتحديات الأمنية بالقارة.
وأضاف دفيد شين، لمراسل «المصرى اليوم» في واشنطن، أن أهم جانب في القمة هو انعقادها في حد ذاته، حيث إنها تعد المرة الثانية فحسب التي تنعقد فيها، حيث انعقدت الأولى في أثناء إدارة أوباما، لافتًا إلى تركيز إدارة بايدن على إفريقيا في سياساتهم الخارجية، حيث قام كبار مسؤولى إدارة بايدن بزيارات متكررة إلى إفريقيا، رغم أن الرئيس الأمريكى لم يزر القارة إلا مرّة واحدة؛ كانت لمصر.
من جهته أكد وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، في كلمة خلال حفل استقبال المبتكرين الأفارقة كجزء من القمة، مساء أمس الأول أن«أفريقيا قوة جيوسياسية حقيقية»
وأضاف بلينكن أنه لا يمكن حل التحديات الإقليمية التي تواجه بلاده وبدون العمل مع إفريقيا التي باتت شريكًا فاعلًا في رسم مستقبل العالم» مؤكدُا أن «إفريقيا لا تحتاج إلى الدعم إنما تحتاج الابتكار».
القمة الأمريكية الأفريقية.. القارة السمراء نحو مقعد دائم في مجلس الأمن
وقال المدير التنفيذى لشؤون أفريقيا بمجلس الأمن القومى التابع للبيت الأبيض جاد ديفرمونت، إن القمة ستدعم مطلب القارة السمراء بتمثيل الاتحاد الإفريقى بمقعد دائم في مجلس الأمن.
وشددت صحيفة «نيويورك تايمز» على ضرورة سعى الولايات لاقتناص الفرصة وكسب ثقة الاتحاد الإفريقى، ونقلت عن مديرة قسم أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، بالبيت الأبيض، موريثى موتيجا، قولها أنه آن الوقت لانهاء النظرة الأمريكية لأفريقيا ك«مشكلة يجب حلها في حين ينظر منافسو واشنطن إلى القارة السمراء كونها منجمًا للفرص».
في الاتجاه ذاته، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن المحلل السياسى الأميركى أندرو بويفيل قوله أن الحرب الروسية الأوكرانية أظهرت الفجوة الكبيرة بين واشنطن والقارة السمراء، حيث شعرت واشنطن بخيبة أمل بعد رفض معظم دول القارة إدانة العملية العسكرية الروسية.
ونقلت الصحيفة عن مدير برنامج إفريقيا في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»مفيمبا ديزوليلى، أن القمة فرصة نادرة لواشنطن لإستمالة إفريقيا التي تضررت من العقوبات الأمريكية على روسيا، مؤكدًا أن واشنطن تسعى لتحقيق تقارب يمكنها من حفظ مصالحها الجيوسياسية مع القارة السمراء.
واضاف المحلل الأمريكى ل«واشنطن بوسيت» أن القادة الأفارقة مستائون من حالة «التجاهل» الأمريكى لمشاكل قارتهم،لافتًا إلى أنهم ورغم تقديرهم لاستضافتهم في واشنطن سيعقدون العديد من المقارنات بين ميزانة واشنطن لكييف والتى وصلت ل60 مليار دولار فضلًا عن مناقشة تمرير 40 مليار جديدة في الكونجرس، في حين، لم تكرس واشنطن «لمشاكلهم أبدًا، سواء الصراع في جمهورية الكونجو الديمقراطية، أو الحرب الأهلية في إثيوبيا، أو الحرب في جمهورية إفريقيا الوسطى».
نجاح القمة مرهون بشراكة حقيقة تستند للاستماع لاحتياجات القارة السمراء
ويأتى ذلك بعدما أعرب، رئيس الاتحاد الإفريقى، ماكى سال رئيس السنغال، في مقابلة في داكار الخميس الماضى، عن احباطه إزاء عدم التزام الولايات المتحدة بتعهداتها تجاة القارة، قائلًا إن إفريقيا لا تحظى بما تستحقه من الاهتمام.
وأضاف رئيس الاتحاد الإفريقى:«نريد العمل مع الجميع، لكننا عندما نتحدث لا يستمع إلينا أحد في غالب الأحوال».
في حين قال كبير الاقتصاديين في «مبادرة السياسة للتنمية الاقتصادية في أفريقيا»،دانيال أماتى أنيم لوكالة الصحافة الألمانية أن نجاح قمة القادة الأفارقة في أمريكا مرهونًا بتدشين شراكة حقيقية، تخلق مناخا يربح فيه الجميع، وذلك بالاستماع إلى ا احتياجات القارة، التي أعاقت تقدم أفريقيا لفترة طويلة، بما في ذلك الفقر والصراع والمجاعات المهددة والفساد، بالإضافة لضرورة تفعيل قانون فرص الاستثمار والنمو في إفريقيا والمعروف اختصارًا ب«أجوا» ومد أمده ليصبح أكثر فعالية كما كان في عهد الرئيس كلينتون.
ويشار إلى أن قانون النمو والفرص في أفريقيا المعروف اختصارا ب «أغوا» مازال في صميم السياسة الاقتصادية للولايات المتحدة فيما يتعلق بالتعاون التجارى مع أفريقيا منذ صدوره في عام 2000؛ إذ وفر القانون لدول أفريقيا جنوب الصحراء المؤهلة فرصة إدخال أكثر من 1800 منتج إلى السوق الأمريكية معفاة من الرسوم الجمركية، لكنه لم يمهد الطريق أمام اكتشاف كافة الإمكانيات التي تزخر بها القارة السمراء رغم اقتراب موعد انتهاء سريانه المقرر في عام 2025.
ودعا بايدن 49 رئيس دولة إفريقية، بينها مصر وتونس وإثيوبيا، مستثنيًا أربع بلدان علق الاتحاد الأفريقى عضويتها، كما دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى، موسى فقى محمد، وأكد 45 رئيس دولة وحكومة أفريقية حضور القمة، وحضر حتى (مثول الجريدة للطبع ) مساء أمس، 40 قائدًا.
وقالت مساعدة وزير الخارجية للشؤون الإفريقية، مولى بى، إنها تتوقع «مناقشة قوية» حول قانون البرمجة بشأن «النمو في إفريقيا»، والذى تم إقراره في عام 2000، وربط رفع الرسوم الجمركية بالتقدم الديمقراطى، والذى ينتهى العمل به في عام 2025.
وأعرب الرئيس الأمريكى، في وقت سابق عن تطلعه للعمل مع الحكومات الأفريقية والمجتمع المدنى والقطاع الخاص ومجتمعات «الشتات» والمغتربين في جميع أنحاء الولايات المتحدة لمواصلة تعزيز رؤيتنا المشتركة لمستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإفريقيا.
وأفاد بأن القمة المرتقبة ستستند إلى قيمنا المشتركة لتعزيز المشاركة الاقتصادية الجديدة بشكل أفضل وتعزيز التزام الولايات المتحدة وأفريقيا بالديمقراطية وحقوق الإنسان والتخفيف من تداعيات كورونا والأوبئة