كيف بدأ كأس العالم ؟.. الفكرة فرنسية.. سيطرة لاتينية على النسخة الأولى.. وهدفين للفراعنة في النسخة الثانية

تتجه أنظار عشاق الساحرة المستديرة في جميع أنحاء العالم نحو الحدث الرياضي الأبرز في تاريخ اللعبة، وهي بطولة كأس العالم لكرة القدم، التي ينتظرها الملايين من الجماهير كل أربع سنوات لمشاهدة نجوم الكرة من لاعبين ومدربين وحكام وحضور جماهيري وأجواء غير مسبوقة، ومن المقرر أن تنطلق النسخة الجديدة من المونديال في قطر، 20 نوفمبر الجاري، وهي المرة الأولى التي يقام خلالها المونديال في دولة عربية .
نشأة المونديال :
تعود فكرة إقامة كأس العالم إلى المحامي الفرنسي جول ريميه، رئيس الاتحاد الفرنسي وكذلك الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» في ذلك الوقت، مع صديقه هنري ديلونيه وهو صاحب فكرة إقامة كأس الأمم الأوروبية ( يورو ).
و ظل الصديقان ريميه وديلونيه يكافحان لمدة 9 أعوام حتى وافق أعضاء الاتحاد الدولي على فكرة إقامة بطولة دولية للدول .
اختيار أوروجواي للإستضافة:
وقد اُختيرت أوروجواي لإستضافة البطولة من الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بعد انعقاد مؤتمر في مدينة برشلونة في مايو 1929، شَهِد تقدم كل من إيطاليا والسويد وهولندا وإسبانيا وأوروجواي بطلب استضافة البطولة، لكن الإختيار وقع على أوروجواي حيث كانت تحتفل بالذكرى المئوية لاستقلالها، وكذلك لحفاظ منتخب بلادها لكرة القدم بذهبية الدورة الأوليمبية الصيفية عام 1928.
و تُعتبر بطولة كأس العالم 1930 هي البطولة الوحيدة من ضمن جميع نسخ المونديال التي لم يسبقها تصفيات مؤهلة .
وتم توجيه الدعوة إلى جميع المنتخبات المنتسبة للاتحاد الدولي لكرة القدم للمشاركة بالبطولة، وشاركت 13 دولة في البطولة، سبع منها من أمريكا الجنوبية، وأربع من أوروبا، واثنتين من أمريكا الشمالية.
ويرجع قلة المنتخبات الأوروبية في هذه النسخة إلى اختيار أوروجواي كمكان لاحتضان البطولة، فالمدة الزمنية للرحلة وتكاليف السفر عبر المحيط الأطلسي تجعل المشاركة صعبة بالنسبة للمنتخبات الأوروبية.
وبالفعل كانت المنتخبات الأوروبية على وشك الإعتذار عن عدم المشاركة في البطولة، قبل أن ينجح في النهاية جول ريميه بإقناع منتخبات بلجيكا وفرنسا ورومانيا ويوغوسلافيا ( صربيا حاليًا ) بالمشاركة في البطولة، خاصةً بعد موافقة الحكومة الأوروجوايانية على تحمل تكاليف السفر .
وتكريمًا لجهود المحامي الفرنسي جول ريميه أطلق الفيفا على البطولة اسم «كأس جول ريميه» ومن شدة فرحة ريميه بتحقيق فكرته دفع تكاليف صنع الكأس التي صممها الفنان الفرنسي لافيليرو، والتي بلغت 50 ألف فرنك سويسري.
انطلاق البطولة:
انطلقت البطولة بمشاركة 13 منتخبًا، وهم البرازيل، الأرجنتين، بيرو، باراجواي، تشيلي، بوليفيا، الولايات المتحدة الأمريكية، المكسيك، بلجيكا، فرنسا، رومانيا، ويوغوسلافيا، إلى جانب المستضيف أوروجواي.
و أقيمت جميع المباريات في العاصمة الأورجوانية (مونتيفيديو) على 3 ملاعب، وهي: «ملعب بوكيتوس، ملعب بارك سنترال، وملعب سانتيناريو، وهو الذي تم بناءه بمناسبة الذكرى المئوية لاستقلال البلاد، وكذلك لإستضافة البطولة العالمية. وكان هو الملعب الرئيس للبطولة، أجريت على أرضه عشر مباريات من أصل 18 مباراة، حيث يتسع ل 90 ألف متفرج.
وتم توزيع المنتخبات الثلاثة عشرة على 4 مجموعات حيث ضمت المجموعة الأولى 4 منتخبات بينما تضم باقي المجموعات 3 منتخبات، وأقيمت بنظام دوري من دور واحد على أن يٌمنح الفائز نقطتين والمتعادل نقطة واحدة.
وضمت المجموعة الأولى الأرجنتين، تشيلي، فرنسا والمكسيك، وضمت المجموعة الثانية البرازيل ويوغوسلافيا وبوليفيا ،، فيما ضمت المجموعة الثالثة كل من: أوروجواي المستضيف، بجانب بيرو ورومانيا، أما المجموعة الرابعة فضمت كل من: باراجواي وأمريكا وبلجيكا.
و أقيمت مباراة الإفتتاح بين فرنسا والمكسيك، على ملعب بوكيتوس في العاصمة الأوروجوايانية مونيفيديو، بحضور 3 آلاف متفرج، وبصافرة تحكيمية للأوروجواياني دومينجو لومباردي، وانتهت بفوز الديوك بنتيجة 4 – 1، وسجل لوسيان لوران أول أهداف المونديال، ثم سجل مارسيل لانجلير، وسجل ماتشينو ثنائية، فيما سجل خوان كارينو الهدف المكسيكي الوحيد.
فيما خاض أصحاب الأرض مباراتهم الأولى أمام الجار «بيرو» وانتهت المباراة بفوز أوروجواي بهدف مظيف حمل توقيع هيكتور كاسترو، في مباراة شهدت حضور 70 ألف مشجع من عشاق السيليستي، على ملعب سانتيناريو.
وتأهل عن كل مجموعة منتخب وحيد، فقد تأهل المنتخب الأرجنتيني من المجموعة الأولى بالعلامة الكاملة برصيد 9 نقاط من 3 انتصارات، وتأهل المنتخب اليوغوسلافي عن المجموعة الثانية بالعلامة الكاملة برصيد 6 نقاط، وتأهل أصحاب الأرض من المجموعة الثالثة برصيد 6 نقاط، والمنتخب الأمريكي من المجموعة الرابعة بنفس الرصيد.
وفي الدور نصف النهائي انتهت المباراتين بنفس النتيجة وهي 6 – 1، حيث فازت الأرجنتين على أمريكا، وأوروجواي على يوغوسلافيا.
و أقيمت المباراة النهائية في 30 يوليو 1930، بين أوروجواي والأرجنتين، بحضور جماهيري تاريخي، بلغ نحو 93 ألف مشجع، على ملعب سانتارينو بالعاصمة مونتيفيديو.
افتتح التسجيل لأوروجواي بابلو دورادو في الدقيقة 12، وتعادل التانجو الأرجنتيني عن طريق كارلوس بيوسيلي في الدقيقة 20، وأضاف جيرمو ستابيلي الهدف الثاني للأرجنتين في الدقيقة 37، وتعادل خوسيه بيدرو سيا لأصحاب الأرض في الدقيقة 57، وأضاف سانتوس إريارتي الثالث للسيليستي الأوروجواياني في الدقيقة 68، واختتم هيكتور كاسترو الأهداف في الدقيقة الأخيرة من زمن المباراة، ليطلق الحكم البلجيكي جون لانجينوس صافرته معلنًا تتويج منتخب أوروجواي بأول لقب لكأس العالم.
و حصل الأرجنتيني جيرمو ستابيلي على لقب هداف المونديال برصيد 8 أهداف.
البطولة الثانية 1934
أُختيرت إيطاليا لاستضافة البطولة، في الاجتماع الذي أقيم في ستوكهولم بالسويد في أكتوبر 1932، حيث تم تفضيل الطلب الإيطالي على نظيره السويدي بسبب أن الحكومة الإيطالية بقيادة موسوليني، قررت تخصيص 3.5 مليون ليرة إيطالية ميزانية للبطولة.
وتُعتبر نسخة 1934 هي أول نسخة تُلعب قبلها تصفيات مؤهلة، بعدما قررت 32 دولة المشاركة في البطولة وبالتالي كان لزامًا إقامة تصفيات لتتأهل من حلالها 16 دولة.
وعلى الرغم من ذلك، فقد غاب عن البطولة العديد من المنتخبات المهمة مثل أوروجواي حامل اللقب الذي قرر مقاطعة البطولة بسبب مقاطعة الدول الأوروبية للمشاركة في البطولة الأولى التي استضافها في 1930، وهي البطولة الوحيدة في تاريخ كئوس العالم حتى الآن التي لم يشارك فيها حامل اللقب.
كما أن إنجلترا، اسكتلندا، أيرلندا الشمالية وويلز قررت مقاطعة البطولة، حيث كانت تلك الدول قررت مقاطعة نشاطات الاتحاد الدولي لكرة القدم.
نظام مختلف للبطولة:
وتم منح قارة أوروبا 12 مقعد من أصل 16 والباقي مُنِحَ للأمريكتين الشمالية والجنوبية (3 بطاقات) وبطاقة واحدة لقارة إفريقيا، منحت للمنتخب الوطني المصري .
و لم تقام البطولة بنظام المجموعات الذي تم تطبيقه في البطولة الأولى، حيث تغير إلى نظام خروج المغلوب مباشرةً. وحال انتهى الوقت الأصلي بالتعادل فيتم اللجوء إلى وقت إضافي مكون من 30 دقيقة، وإذا ظلت نتيجة التعادل هي السائدة فيتم إعادة المباراة في اليوم التالي.
و أقيمت جميع المباريات الثمانية للدور الأول، في توقيت واحد، الرابعة والنصف من مساء 27 مايو، حيث اكتسح المنتخب الإيطالي نظيره الأمريكي بنتيجة 7 – 1، حيث سجل أنجيلو سيكافيو «هاتريك» للأتزوري، وهو الهاتريك الأول في تاريخ المونديال.
وسجل ريموندو أورسي «هدفين»، وهدف لكل من جيوفاني فيراري، وجوسيبي مياتزا أسطورة إنتر ميلان السابق، الذي تم تسمية ملعب النيراتزوري بإسمه حتى الآن.
أما حامل اللقب المنتخب الأوروجواياني فلم يشارك في البطولة، بسبب مقاطعة الدول الأوروبية للبطولة الأولى التي استضافها.
أما الوصيف المنتخب الأرجنتيني، فقد ودع المونديال منذ المباراة الأولى بعد خسارته من نظيره السويدي بنتيجة 2 – 3، وفي ظاهرة غريبة، فقد ضمت قائمة التانجو لمونديال 1938 تشكيلة جديدة ومختلفة تمامًا عن تشكيلة 1934 ولم يتواجد أي لاعب من الحرس القديم، بسبب ظروف عملهم التي لم تسعفهم للتواجد مع المنتخب في البطولة، حيث لم تكن مهنة كرة القدم هي المهنة الأساسية آنذاك، فكان كل لاعب لديه مهنة أخرى.
الظهور الأول للفراعنة:
و شهد مونديال إيطاليا 1934، الظهور الأول للمنتخب الوطني المصري، رغم الخروج من الدور الأول على يد المنتخب المجري بنتيجة 4 – 2، إلا أن نجم نادي الزمالك عبدالرحمن فوزي استطاع تسجيل أول هدفين للفراعنة في العُرس العالمي الكبير.
وهو أول لاعب إفريقي يسجل في المونديال، والهداف التاريخي للفراعنة في البطولة بالتساوي مع نجم ليفربول الحالي محمد صلاح الذي سجل هدفين في المونديال الماضي بروسيا 2018، في شباك أصحاب الأرض، وهدف في المنتخب السعودي.
و جاءت بقية نتائج الدور الأول على النحو التالي:
حيث فازت ألمانيا على بلجيكا 5 – 2، وسويسرا على هولندا 3 – 2، والنمسا على فرنسا بنفس النتيجة، وهي المباراة الأولى التي يتم اللجوء فيها إلى الوقت الإضافي، كما فازت اسبانيا على البرازيل 3 – 1، وتشيكوسلوفاكيا على رومانيا 2 – 1.
و في الدور ربع النهائي فازت ألمانيا على السويد 2 – 1، والنمسا على المجر بنفس النتيجة، وتشيكوسلوفاكيا على سويسرا بنتيجة 3 – 2.
و لعب المنتخب الإيطالي أمام نظيره الإسباني وتعادلا 1 – 1 ليحتكما إلى وقت إضافي، ولم يتمكن كلاهما من تسجيل أهداف، ليتم إعادة المباراة في اليوم التالي وحسمها الأتزوري بهدف النجم جوسيبي مياتزا، وسط أجواء عدائية بين المنتخبين أدت إلى إصابة 3 لاعبين من الماتادور الإسباني.
و في الدور نصف النهائي، واصل المنتخب التشيكوسلوفاكي عروضه المميزة وتغلب على ألمانيا بنتيجة 3 – 1، وفازت إيطاليا على النمسا بهدف نجم روما إنريكو جوايتا.
وفي المباراة النهائية تغلب الأتزوري على تشيكوسلوفاكيا بنتيجة 2 -1، سجلهما رايموندو أورسي نجم يوفنتوس وسيكافيو أسطورة بولونيا، على ملعب الحزب الوطني الفاشي بالعاصمة الإيطالية روما، وهو الحزب الحاكم لإيطاليا في ذلك التوقيت والذي أسسه موسوليني عام 1921، ليصبح الأتزوري أول فريق أوروبي يتوج بكأس العالم.
وحصل أولدريتش نبيدلي لاعب تشيكوسلوفاكيا ونجم فريق سبارتا براج التشيكي على لقب هداف المونديال برصيد 5 أهداف، وبفارق هدف عن أقرب منافسيه سيكافيو نجم الأتزوري.