وزير العدل يتفقد أعمال تطوير محكمة جنوب الجيزة الابتدائية    «نقيب المحامين» يحذر من التصعيد الفردي في أزمة الرسوم القضائية    الوزير: ملتزمون بالتحول للاقتصاد الأخضر.. وكجوك: نعوّل على القطاع الخاص    قمة ناجحة «1»    الجامعة العربية ترحب بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان    تقارير: برشلونة يستهدف التعاقد مع لويس دياز من ليفربول مقابل 85 مليون يورو    القباني: معسكر الإسماعيلية أفاد الزمالك.. ولا نفكر سوى في مباراة بتروجيت    إنتشال السيارة الغارقة بترعة النوبارية بعد إنقاذ قائدها وغرق طفليه    هربوا من الحر فاحتضنتهم الترعة.. نهاية مأساوية لثلاثة أطفال غرقوا بقرية درين في نبروه بالدقهلية    السعفة الذهبية الفخرية ل «دينزل واشنطن»    بكلمات مؤثرة.. دنيا سمير غانم تحيي ذكرى رحيل والدها    بسمة نبيل تنضم لفريق فيلم «بنات فاتن» مع يسرا.. وتكشف تفاصيل دورها    محافظ الإسكندرية: السيسي وجّه بإحياء «أبومينا».. والتطوير يشهد إشادة من اليونسكو    سياسات الأدب ومؤتمر ميلانو    محافظ الإسكندرية: توجيهات رئاسية بإعادة إحياء موقع أبو مينا الأثري    هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب    وزير الصحة: ملتزمون بتعزيز التصنيع المحلي للمنتجات الصحية من أجل مستقبل أفضل    إزالة 88 حالة تعد ضمن المرحلة الأولى للموجه ال 26 بأسوان    الإسكان: تفاصيل طرح سكن لكل المصريين 7 غدا ومميزات المبادرة    بروتوكول تعاون بين جامعة جنوب الوادي وهيئة تنمية الصعيد    اتحاد الكرة يستقر على تغيير ملعب نهائي كأس مصر للسيدات    القائم بأعمال سفير الهند: هجوم «بهالجام» عمل وحشي.. وعملية «سيندور» استهدفت الإرهابيين    أول رد من بيراميدز على تصريحات سويلم بشأن التلويح بخصم 6 نقاط    بآلة حادّة.. شاب يقتل والدته جنوبي قنا    غدا.. طرح الجزء الجديد من فيلم "مهمة مستحيلة" في دور العرض المصرية    شروع في قتل عامل بسلاح أبيض بحدائق الأهرام    إقبال منخفض على شواطئ الإسكندرية بالتزامن مع بداية امتحانات نهاية العام    لابورتا: لامين يامال مشروع نجم مختلف عن ميسي    عبد المنعم عمارة: عندما كنت وزيرًا للرياضة كانت جميع أندية الدوري جماهيرية    مشاهدة مباراة الأهلي والزمالك بث مباشر اليوم في نصف نهائي دوري سوبر السلة    بعد 9 سنوات.. تطوير ملاعب الناشئين في نادي الزمالك    رئيس جامعة أسيوط يتابع امتحانات الفصل الدراسي الثاني ويطمئن على الطلاب    المشرف على "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" تستقبل وفدًا من منظمة هيئة إنقاذ الطفولة    خالد عبدالغفار يبحث تعزيز التعاون مع وزيري صحة لاتفيا وأوكرانيا    رئيس الوزراء: نتطلع لتفعيل المجلس الأعلى التنسيقي المصري السعودي    «الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية» يوضح مواصفات الحجر الأسود؟    وزير الدفاع يشهد مشروع مراكز القيادة التعبوي للمنطقة الغربية العسكرية    «زهور نسجية».. معرض فني بكلية التربية النوعية بجامعة أسيوط    وزير الصحة: مصر تقود مبادرة تاريخية لدعم أصحاب الأمراض النادرة    طريقة عمل البصارة أرخص وجبة وقيمتها الغذائية عالية    شقق متوسطى الدخل هتنزل بكرة بالتقسيط على 20 سنة.. ومقدم 100 ألف جنيه    محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات «الهيكل» المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى    بعد دخول قائد الطائرة الحمام وإغماء مساعده.. رحلة جوية تحلق بدون طيار ل10 دقائق    مهرجان كان يمنح دينزل واشنطن السعفة الذهبية بشكل مفاجئ |صور    ب48 مصنعاً.. وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات أصبح ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    استمارة التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026    الإفتاء توضح فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة.. وغرة الشهر فلكيًا    حكومة بلجيكا تتفق على موقفها بشأن الوضع في قطاع غزة    تشديد للوكلاء ومستوردي السيارات الكهربائية على الالتزام بالبروتوكول الأوروبي    محافظ بورسعيد: المحافظة ظلمت بسبب إدراجها ضمن المدن الحضرية    5 فرص عمل للمصريين في مجال دباغة الجلود بالأردن (شروط التقديم)    جامعة سوهاج تعلن انطلاق الدورة الرابعة لجائزة التميز الحكومى العربى 2025    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    الحبس 3 سنوات لعاطلين في سرقة مشغولات ذهبية من شقة بمصر الجديدة    أونروا: إسرائيل تمنع المتطوعين من دخول قطاع غزة    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة الكتب .. «حياة محمد».. «هيكل» يجمع بين الملمح الإنسانى والمنهج البحثى
نشر في المصري اليوم يوم 04 - 10 - 2022

ونحن على مشارف الاحتفال بالمولد النبوى، يحضرنا كتاب مهم من الكتب التى تناولت سيرة النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، حيث جمع بين السيرة وتفاصيل المسيرة، تناول العديد من المؤرِّخين قديمًا وحديثًا، وهو كتاب «حياة محمد» لمحمد حسين هيكل.
ويعد هذا الكتاب من أهم وأبرز الكتب التى كُتبت فى العصر الحديث حول هذه الشخصية التاريخية والدينية العظيمة؛ ففى هذا الكتاب الذى صدر لأول مرة فى عام 1935، ثم صدرت منه طبعات متعاقبة، حظى جميعها بإقبال واسع، وقد استعرض محمد حسين هيكل تلك الفترة من التاريخ البشرى بأسلوب علمى راقٍ.
وحرص على عدم مجاراة السرديات التاريخية السائدة فى عصره والمتمثِّلة فى اجترار مناهج القدماء، فحاول بدلًا من ذلك أن يغيِّر منطلقاته المنهجية ليعتمد على أساليب البحث التاريخى الحديثة للاقتراب من الحقيقة التاريخية أكثر؛ حيث أسَّس رؤيته انطلاقًا من الاستقراء والتجريب والملاحظة، واستعمل العقل بجانب النقل.
غلاف الكتاب
الكتاب مثّل إحدى العلامات الرائدة بالنسبة لكتابات «هيكل» الإسلامية، إذ رد فيه على آراء المتجنّين من كُتاب الغرب، وختم الكتاب ببحثين: جاء الأول عن الحضارة الإسلامية مع مقارنتها بالحضارة الغربية، والثانى كان ردًا على مزاعم المستشرقين حول مواقف إسلامية يتجادلون عليها، وفور طرح الكتاب للنور، أحدث دويًا هائلًا وانهال العديد على قراءته، والبعض أنصفه، إلا أن «هيكل» أصدر بعد ذلك كتاب «فى منزل الوحى»، واستخلص من خلاله سيرة النبى محمد، وجمع فيه مشاهد وعبر ومُثلًا وبحثًا تاريخيًا وزيّنه بأدق التفاصيل.
«هيكل» وضع آراءه فى كتابه «حياة محمد»، ودعا لها بمنطق قوى وحجج باهرة وأسلوب اختص به لا تخفى نسبته إليه، وذلك لما تمتع به من خلفية ثقافية قديمة وحديثة غنية بشتى العلوم: القانون، المنطق، الفلسفة، وعلى ضوء هذه الثقافة وهذه القوة فى الحجة والبيان، قال فى مقدمة الكتاب: «لست مع ذلك أحسب أنى أوفيت على الغاية من البحث فى حياة محمد، بل لعلى أكون أدنى إلى الحق إذا ذكرت أنى بدأت هذا البحث على الطريقة الحديثة».
الكتاب، الذى يأتى فى 537 صفحة، وأهداه «هيكل» إلى الذين يبتغون الحق لوجه الحق لوحده، بدأه فى مقدمته بقوله: «منذ وُجد الإنسان على الأرض وهو مشوق إلى تعرف ما فى الكون المحيط به من سنن وخصائص، وكلما أمعن فى المعرفة ظهرت له عظمة الكون أكثر من ذى قبل، وظهر ضعفه وتضاءل غروره، ونبى الإسلام صلوات الله عليه شبيه بالوجود، فقد جد العلماء منذ أشرقت الأرض بنوره يتلمسون نواحى العظمة الإنسانية فيه، ويتلمسون مظاهر أسماء الله جلَّت قدرته فى عقله وخلقه وعلمه، ومع أنهم استطاعوا الوصول إلى شىء من المعرفة، فقد فاتهم حتى الآن كمال المعرفة؛ وأمامهم جهاد طويل، وبُعد شاسع، وطريق لا نهاية له».
وأضاف، فى مقدمة الكتاب: «النبوة هبة الله لا تُنال بالكسب؛ لكنْ حكمة الله وعلمه قاضيان بأن تمنح للمستعد أعدّ لأن يحمل الرسالة لها والقادر على حملها.. الله أعلم حيث يجعل رسالته، ومحمد أعد للعالم أجمعه، أحمره وأسوده، إنسه وجنه، وأعدّ لأن يحمل رسالة أكمل دين، ولأن يختم به الأنبياء والرسل، وليكون شمس الهداية وحده إلى أن تنفطر السماء وتنكدر النجوم، وتُبدل الأرض غير الأرض والسماوات».
ويعد محمد حسين هيكل، أديب وصحفى، وروائى ومؤرخ وسياسى مصرى كبير، صاحب أول رواية عربية باتفاق نُقَّاد الأدب العربى الحديث، كما أنه قدم التاريخ الإسلامى من منظور جديد يجمع بين التحليل العميق، والأسلوب الشائق، وكان أديبًا بارعًا، كما كان له دور حركى كبير فى التاريخ السياسى المصرى الحديث.
ولد عام 1888 فى محافظة الدقهلية، لأسرة ثرية، توجه فى صغره إلى الكُتَّاب، ثم التحق بمدرسة الجمالية الابتدائية، وأكمل دراسته بعدها بمدرسة الخديوية الثانوية، ثم قرر الالتحاق بمدرسة الحقوق المصرية عام 1909، وسافر بعد ذلك إلى فرنسا ليحصل من هناك على درجة الدكتوراه، وعاد عام 1912 إلى مصر، واشتغل بالصحافة حتى عام 1917، مارس بعدها التدريس الجامعى حتى عام 1922، إلَّا أنه ضاق ذرعًا بالعمل الوظيفى، فقرر الاستقالة ليتفرغ للعمل السياسى، فكان أحد أعضاء مجلس إدارة حزب الأحرار الدستوريين، ورئيسًا له فيما بعد، كما تقلد منصب رئيس تحرير جريدة «السياسة» التى أسسها الحزب، وتقلَّد عدة مناصب حكومية رفيعة، منها توليه وزارة المعارف 3 مرات، وتوليه وزارة الشؤون الاجتماعية، كما كان رئيسًا لمجلس الشيوخ، ورئيسًا لوفد مصر فى الأمم المتحدة عدة مرات.
مر التطور الفكرى ل«هيكل» بمراحل عدة، حيث بدأ حياته الفكرية مؤمنًا بالقيم الغربية، والنزعة الفرعونية التى شهدت تناميًا بسبب تقدم الدراسات الأوروبية فى حقل «المصريات»، إلا أنه بعد إمعان النظر بدأ يُخضع ما يراه من سلوكيات اجتماعية وأخلاقية مصاحبة للحداثة الغربية للنقد، حيث عاصر الوجه القبيح للمشروع الحضارى الغربى الذى أدى لقيام الحرب العالمية الأولى والثانية والتى تسببت فى مقتل أكثر من خمسين مليون إنسان، كما عايش الظاهرة الاستعمارية ورأى كيف أن الديمقراطية الغربية تكيل بمكيالين.
لم يكن متصومعًا على نفسه، يحلق بفكره فى أبراج عاجية تنأى عن هموم الناس ومشاكلها اليومية، بل كان رجل فكر وحركة، فكما كان يكتب فى الفلسفة والتاريخ والأدب، كان فى الوقت ذاته رائدًا من رواد العمل السياسى العام فى مصر الحديثة، يكافح من أجل استقلال مصر.. وقد توفى الدكتور هيكل عام 1956، بعد 68 عامًا قضاها فى جهادٍ فكرىٍّ وحركىٍّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.