تقول جماعة الإخوان المسلمين إنها تدرس مقاطعة انتخابات مجلس الشعب المقبلة، مطلقة فى ذلك عدداً من التصريحات غير الحقيقية فى تقديرى لأنها لم تصدر من إحدى القيادات الكبيرة المسؤولة فى الجماعة، وتحديداً فضيلة المرشد العام ونوابه فى مكتب الإرشاد، وكان كل ما أطلق من تصريحات منسوبة للجماعة فى هذا الشأن من قيادات لا وزن حقيقى لهم داخل التنظيم، وهو أمر مقصود لأنها تصريحات «سياسية القصد من ورائها مغازلة المعارضة التى تعلو من داخلها أصوات تدعو للمقاطعة، كما أن هذه التصريحات لا تكلف الجماعة شيئاً لأنها ليست موجهة للتنظيم فى الداخل ولو كانت لديها دراسة حقيقية لموقف المقاطعة لكان المرشد العام أو أحد نوابه قد قال ذلك.. لكن الأمر لا يعدو سوى «فرقعة» ومحاولة إرسال رسالة للمعارضة أننا ندرس المقاطعة معكم وهو أمر لا تفكر فيه الجماعة من الأساس. الجماعة تطلق هذه الدعوة «الشكلية» من باب الملاعبة حتى تقول إنها تقف مع المعارضة فى مطالبها.. هذه الملاعبة تتضح أكثر عندما يقول أكثر من قيادى فى الإخوان إن الجماعة تدرس ذلك فى إطار دراسة كل القوى السياسية للمقاطعة وإنها ستقاطع الانتخابات لو تم الاتفاق بين جميع الأحزاب والقوى السياسية على المقاطعة. وبهذه المعادلة تضع الجماعة العربة أمام الحصان، حتى تفعل ما تقول به.. بمعنى آخر الجماعة تعلم جيداً أنها لن تقاطع الانتخابات حتى لو قاطعها الجميع لأن المشاركة فى الانتخابات تعنى «حياتها» وليس إثبات المواقف هو الذى تحيا به الجماعة.. وشخصياً أتفق مع عدم مقاطعة الجماعة للانتخابات مهما حدث لأنها جماعة سياسية فى المقام الأول، وليس لديها أى شغل سوى السياسة وممارساتها لأنه ليس صحيحاً أن لها إسهامات دعوية فى المجتمع الآن، والقول بذلك هو من باب اجترار الذكريات على ما كانت عليه الجماعة فى الماضى أيام الإمام الراحل الشهيد حسن البنا وقيادات صدر عهد الجماعة الأول عندما كانت هناك إسهامات دعوية حقيقية جنى المجتمع من ورائها الكثير. وكما أن قيادات أحزاب المعارضة الثلاثة الكبار فى مصر، الوفد والناصرى والتجمع، لن تقاطع أيضاً الانتخابات، ولو صدر من أى أحد منها تصريحات حول دراسة مقاطعة الانتخابات، فإن ذلك سيكون من باب النصب السياسى لأن كل حزب من هؤلاء قد أدار أموره مع الدولة بالشكل الذى بات يعرفه الجميع، ولست فى حاجة للتذكير به، كما أن سياسة «ذهب المعز» التى تتعامل بها الحكومة مع قيادات أحزاب المعارضة آتت أكلها فى انتخابات مجلس الشورى الماضية فلا حاجة إذن للمقاطعة من جانب هذه الأحزاب، ولا حاجة للدولة فى استعمال «سيف المعز» مع هؤلاء. .. ما أود أن أقوله هو أن جماعة الإخوان المسلمين لن تقاطع الانتخابات مهما حدث لأنها تؤمن بحقيقة موقف المعارضة من السلطة، ولديها تحفظات كبيرة يعرفها كل أفراد التنظيم.. أن هؤلاء علمانيون وليست لديهم رسالة كما الرسالة التى يؤمن بها الإخوان وأن هؤلاء مرتزقة ولا أمان لهم.. ويعرفون أنه فى لقاءات قيادات الجماعة مع أى من قوى المعارضة يسرعون بإبلاغ أجهزة الأمن بهذه اللقاءات، والاتهامات كثيرة وعديدة ونفيها من جانب الجماعة سيكون نوعاً من أنواع المجاملة، وإذا ما قال قائل من داخل الجماعة إن الإخوان قاطعوا انتخابات المجالس المحلية الماضية فإن هذا القول به نصف حقيقة لأن الجماعة قاطعت هذه الانتخابات ليلة الانتخابات، وبعدما فشلت فشلاً ذريعاً فى أن يتقدم مرشحوها للانتخابات من الأصل، وبعدما علمت أنها لن تحصل على مقعد واحد من أصل نحو 59 ألف مقعد.. وهو ما حدث فعلا. فلم تحصل الجماعة على مقعد واحد من بين 59 ألف مقعد فى المحليات كما لم تحصل على مقعد واحد فى الشورى أيضاً.