«يا حبيبى.. اتولد يتيم».. تبكى نيفين أشرف وهى تحمل ابنها الرضيع «جرجس» وحيدًا من دون أب بعد مقتل زوجها بطعنات على يد بائع بطيخ أمام محل عمله فى شبرا الخيمة بالقليوبية. الأم تنظر إلى رضيعها فى حسرة، وتقول: «كنّا منتظرين أول مولود لينا، وجوزى رأفت اتقتل فى اليوم اللى كنت المفروض أولد فيه، وأهلى خافوا عليّا، ولدته بعدها ب 5 أيام». قبلات ووصايا للمولود المرتقب زيّنت مشهد «الوداع الحزين»- وفق ما تحكى «نيفين»- «رأفت قبل ما ينزل على شغله.. بيشتغل ترزى، قاللى: خلىِ بالك من الولد اللى فى بطنك.. وسألته: مش هتيجى معانا المستشفى بالليل عشان الولادة؟ّ!.. فاقترب من بطنى وقبلها كأنه يودع ابنه.. وخرج من المنزل ورجع تانى وقاللى: خدى بالك من نفسك يا حبيبتى». لم يمض على الوداع سوى بضع دقائق، «لحد ما وصل جوزى ورشته»، تضيف «نيفين»: «لقيت أمى بتتصل بىّ وبتسألنى: هو جوزك كويس؟!، قلت لها: أيوة.. يا ماما.. تخيلى مش هييجى معانا المستشفى.. دا عمال يوصنى على ابننا بعد ولادته»، لتعاود حماته الاتصال بها مرّة أخرى وهى تحاول تخفيف وطأة الصدمة عنها: «بصى جوزك متعور.. هنروح له المستشفى نشوفه». وأمام المستشفى حالة من الهرج وحركة غير طبيعية، لاحظت «نيفين» شقيق زوجها «نادر» يقف مستندًا إلى جدار والدموع تنسال من عينيه، ولم يجبها عن سبب بكائه، حتى تلقت الفاجعة بسؤالها أحد العاملين بالمستشفى عن مكان «رأفت»، أجابوا: «دا فى التلاجة»، فزعت: «تلاجة.. تلاجة إيه دى.. ليه وعلشان إيه؟»، قالوا: «دا مات.. الله يرحمه»، لتضرب بيديها على صدرها، «دا الوداع بتاعك يا حبيبى لينا.. أنا هولد النهارده أول فرحتنا». حمل الأهالى الزوجة الثكلى وهى تسألهم فى لوعة: «إيه اللى حصل له؟.. دا سايبنى كويس.. عمره ما عمل مشكلة مع بنى آدم».. وهى تتلقى العزاء أمام منزلها عرفت التفاصيل، وفق حديثها: «أخو جوزى شغال معاه بالورشة، وهو قاعد على الكرسى بالشارع وبينفخ دخان السجائر جاء على وجه (وليد) بائع البطيخ، حصلت مشادة بينهما، توعده البائع رغم اعتذار شقيق زوجى له، وفى ثوانٍ حضر ومعه اثنان، كان جوزى أمام الورشة فهدده البائع ونال منه: مش هخليك تفتح تانى.. فرد عليه: متقدرش.. فتلقى طعنتين إحداهما بالرقبة والأخرى بالصدر، ومات بسببهما». من وسط كلماتها الحزينة تقول زوجة المجنى عليه: «بيتى دلوقتى اتخرب.. حب عمرى مات.. ملحقناش نفرح، كنا مخطوبين سنتين واتجوزنا لمدة سنة ونص، ملحقناش نفرح ببعض، ولا بأول مولود لينا.. جوزى كان منتظر مولوده بفارغ الصبر، كان بيعد الأيام حتى مجيئه للدنيا»، باكيةً: «لما ابنى جه للدنيا، جه من غير أب ولا سند ولا عائل». بعد موت زوجها، تركت «نيفين»عش الزوجية، وحضرت إلى مسكن أبيها: «إحنا كنا ساكنين إيجار جديد، مين هيتحمل التكلفة، كنا عايشين على قدنا ومبسوطين ومستورين، وبيتنا اتدمر»، وقبل رحيلها طالعت صور زفافها كأنها تعاتب زوجها المغدور به: «ملحقناش نفرح.. تركتنى يا فرحة عمرى.. 5 سنين حب وعشرة وتسيبنى.. آه يا قلبى.. اتضربت بخسة علشان دخان سيجارة». وشاهدت «نيفين» قبل رحيلها فيديوهات صوّرها الأهالى للمتهم وهو يمثل جريمته أمام النيابة العامة: «قتله فى دقيقة واحدة، وحاول يجرى والناس مسكته لحد ما جت الشرطة».. وتطالب: «عاوزة القصاص القانونى ومحاكمة عاجلة». أهالى المنطقة يحكون أن بائع البطيخ كان زميلًا ل«نادر»، شقيق المجنى عليه فى الدراسة، لكن علاقاتهما انقطعت منذ سنوات، وأشادوا بحسن أخلاق الضحية: «مش بتاع مشاكل»، وأدانوا سلوك البائع: «بيشاكل طوب الأرض». جهات التحقيق قررت حبس البائع احتياطيًا، وأخلت سبيل اثنين كانا برفقته على مسرح الجريمة لمؤازرته.