سيارتو: أوكرانيا ليست مؤهلة بأي حال من الأحوال للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي    بهدف رايس الرائع.. آرسنال يكسر نحسه أمام نيوكاسل    متاح الآن.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 بالمنيا    «بنحفر بإيدينا».. أسباب انقطاع المياه بمنطقة المعادي اليوم وموعد عودتها    إزالة 9 مخالفات بناء في حملة بالعريش    «رابطة المستأجرين» ترد على الملاك: دفعنا ما يعادل كيلو ذهب «خِلِو»    الإضراب مستمر.. «المحامين» تناشد أعضاءها الالتزام بقرارات النقابة وعدم الالتفات لأية دعوات مخالفة    الرئيس الإيراني: الغرب تجاهل رسائل السلام التي بعثناها    جامعة سوهاج: تعيين 269 طبيبًا من خريجي الدفعة 29 بالمستشفيات الجامعية    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس غدا: «اتخذوا التدابير اللازمة»    موقع تحميل النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025 (الرابط)    وزير التموين يناقش رسالة دكتوراه عن القيادة والولاء الوظيفي بجامعة حلوان    ياسمين صبري تخطف الأنظار بفستان أنيق في العرض الخاص ل«المشروع X»    جلسة نقاشية تجمع صناع السينما العرب الصاعدين داخل الجناح المصري بمهرجان كان ال 78    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    أمين الفتوى: يجوز للمرأة الحج دون محرم.. لكن بشرط    صحة كفر الشيخ: إقبال 1983 مواطنا على القافلة الطبية المجانية بقرية صندلا    في 5 خطوات.. طريقة تنظيف الثلاجة والتخلص من الروائح الكريهة بسهولة    خبير: الحرب البرية بدأت فعليًا.. وحماس وقعت في شرك المفاوضات الأمريكية    الكنائس الأرثوذكسية الشرقية يحتفلون بذكرى مرور 17 قرنا على انعقاد مجمع نيقية بالكاتدرائية    أتلتيكو مدريد يحسم الشوط الأول بثنائية أمام ريال بيتيس في الليجا    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب في سيارة تحمل كرتون مضغوط بالمنوفية    9 وزارات تدعم الدورة الرابعة لمؤتمر CAISEC'25 للأمن السيبراني    أسرة عبد الحليم حافظ: العندليب لم يتزوج من سعاد حسني والجواب مكتوب بخط يدها    احتفال ثقافي شامل يجمع الإبداع والهوية في اليوم العالمي للتنوع    أحكام الحج والعمرة (1).. علي جمعة يوضح شروط ووجوه أداء العمرة    محافظ القاهرة يكرم 40 طالبًا وطالبة الحاصلين على المراكز الأولى في المسابقة الدينية    علاء عبد العال: بيراميدز فرط في الصدارة.. والأهلي الأقرب لحسم الدوري    7 صور ل ندى كوسا.. خطفت الأنظار في فعاليات مسابقة ملكة جمال العالم    أتالانتا يتمسك بماتيو ريتيجي رغم اهتمام ميلان ويوفنتوس    أنغام تتألق في "ليلة العمر" بالكويت وتستعد لحفل عالمي على مسرح "رويال ألبرت هول" بلندن    تعليم الشيوخ تستكمل مناقشة مقترح تطوير التعليم الإلكتروني في مصر    جهاز تنظيم الاتصالات يناقش أبرز تحديات المستخدمين في عصر الجيل الخامس    وزير الدفاع الباكستاني: تلقّينا عرضًا هنديًّا للتفاوض حول كشمير والإرهاب.. ولا يمكن تجاهل الدور الدولي    حكم قضائي بحبس صالح جمعة شهرا لعدم سداده نفقة طليقته    محافظة الجيزة تزيل 3 أدوار مخالفة فى عقار بحى العجوزة    "جلسة جديدة".. بايرن ميونخ يكشف تطورات المفاوضات مع ساني    بدء التصويت في الانتخابات التشريعية بالبرتغال    رئيس جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية يتفقد سير امتحانات نهاية العام -صور    حكم قراءة الفاتحة وأول البقرة بعد ختم القرآن؟.. علي جمعة يوضح    محافظ المنوفية يتابع الموقف التنفيذى لمشروعات الخطة الاستثمارية 2025    تواضع رغم النجاح| 4 أبراج لا تغريها الأضواء وتسعى للإنجاز بصمت    هل الكركم ضار بالكلى؟    الداخلية تواصل تيسير الإجراءات للحصول على خدمات الجوازات والهجرة    أشرف العربى: تحسن ملموس فى مستوى التنمية فى مصر    تأجيل محاكمة 4 متهمين بقتل طبيب التجمع لسرقته    التعليم العالي: قافلة طبية من المركز القومى للبحوث تخدم 3200 مريض فى 6 أكتوبر    حماس: الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية المجازر الإسرائيلية بغزة    وفاة بالسرطان.. ماقصة "تيفو" جماهير كريستال بالاس الخالدة منذ 14 عامًا؟    محافظ الدقهلية يفتتح الوحدة الصحية بالشيخ زايد بمدينة جمصة    خذوا احتياطاتكم.. قطع الكهرباء عن هذه المناطق في الدقهلية الثلاثاء المقبل لمدة 3 ساعات    السلطات السعودية تحذر الحجاج من ظاهرة منتشرة تعيق حركة الطائفين والمصلين    أوكرانيا تعلن ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 973 ألفا و730 فردا    فيديو.. لحظة اصطدام سفينة بجسر في نيويورك ومقتل وإصابة العشرات    أشرف العربي: رغم التحسن الملموس في أداء التنمية في مصر إلا أنه لازال أقل من المأمول    مستشهدًا ب الأهلي.. خالد الغندور يطالب بتأجيل مباراة بيراميدز قبل نهائي أفريقيا    براتب 15 ألف جنيه.. «العمل» تعلن 21 وظيفة للشباب بالعاشر من رمضان    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقابة الصحفيين ونقابة المجلودين!‏
نشر في المصري اليوم يوم 17 - 07 - 2010


شغفت لسنوات طويلة بالقراءة عن تاريخ مصر فى عصر سلاطين المماليك فى مصادره‎ الأصلية، التى دوّنها كُتّاب «الحوليات» وهم المؤرخون الذين كانوا يدونون وقائع‎ ما يحدث فى مصر يوماً بيوم أو شهراً بشهر أو حوْلاً بحوْل وتوقفتُ طويلاً أمام‎ واقعة تتكرر كثيراً فى حوليات ذلك الزمان، تبدأ عادة بمشادة بين اثنين من العوام‎ حول أمر من أمور الدنيا، قد يكون الخلاف حول ثمن بقرة باعها أحدهما للآخر، أو دَين‎ يماطل فى تسديده، أو منافسة بينهما على المساحة التى يحتلها من أرض السوق، تنتهى‎ بأن يلجأ أحدهما إلى المحتسب أو قاضى القضاة، ليبلغه بأن خصمه قد وقع بكلام فاحش فى‎ حق الذات الإلهية، أو فى حق الرسول عليه الصلاة والسلام،‎ فيثور المحتسب ويأمر بتجريس المتهم، فيركبونه حماراً، ويجعلون وجهه إلى مؤخرة‎ الحمار، ويعلقون على صدره ورقة تحمل عبارة «هذا جزاء الذى كفر»، ويطوفون شوارع‎ المحروسة، وحوله الناس يدقون الأجراس، ويجهرون بالتهمة، إلى أن يصلوا به إلى ميدان‎ الرميلة أسفل القلعة، فيضربونه بالمقرعة، أو يجلدونه مائة جلدة. وفى إحدى المرات،‎ أمر السلطان بسلخ متهم بهذه التهمة كما تسلخ الشياه‎.‎ جمعت هذه الأخبار جميعها فى جزازات من ورق، لتكون مادة لفصل من كتاب أفكر فى‎ تأليفه منذ أربعين عاماً بعنوان «عذاب مصر» يؤرخ لما عاناه الشعب المصرى من عذاب‎ على امتداد تاريخه الطويل، من الطغاة والغزاة، إلى الأوبئة والطواعين، ومن المجاعات‎ إلى جنون السلاطين.. وظللت أضيف إليها ما يقع من أحداث، كان آخرها خبراً يقول إن‎ نيابة وسط القاهرة بدأت فى الأسبوع الماضى التحقيق فى بلاغ تقدم به 11 من محررى‏‎ مجلة «أكتوبر» ضد رئيس تحريرها «مجدى الدقاق»، يتهمونه فيه بالإساءة للذات الإلهية‎ وإلى الرسول وإلى الدين الإسلامى‎.‎ تلك واقعة لم تشر إليها صحيفة، ولم يعلق عليها كاتب، وباستثناء برنامج تليفزيونى‎ واحد، لم تجد فيها بقية البرامج ما يسلى المشاهدين، على الرغم من أن مقدمى البلاغ‎ سعوا بها إلى هؤلاء جميعاً، فلم تستجب لهم إلا جهة علماء الأزهر، وهى منظمة وهمية‎ لا وجود لها من الأصل، ولا يوجد عالم واحد من علماء الأزهر يتحمل بشجاعة مسؤولية ما‎ يصدر عنها من بيانات، توقعها بخاتم انتهت صلاحيته، يحمل رقم إشهار ألغى بحكم من‎ القضاء‎!‎ وربما كان السبب الأول وراء هذا الصمت، أن العاملين فى الصحافة والإعلام يعلمون‎ جميعاً أن أصل المشكلة دنيوى محض، وهو خلاف بين رئيس تحرير مجلة «أكتوبر» وبين عدد‎ من المحررين يرون أنهم أحق بمواقع إشرافية شغلها غيرهم، وهى مشكلة شائعة فى كل دور‎ الصحف ومؤسسات الإعلام، بسبب التباين بين تقدير كل إنسان لنفسه، وبين تقدير رئيس‎ التحرير.. وهو طبقاً لأصول المهنة، صاحب الحق المطلق فى اختيار معاونيه الأساسيين‎ طالما يمارس ذلك بدرجة من الموضوعية والمرونة، ومن دون أن يهدر أى حق للآخرين،‎ وهو خلاف كان يمكن حله بالشكوى إلى رئيس مجلس إدارة المؤسسة، أو إلى مالك‎ الصحيفة، وهو مجلس الشورى، أو إلى نقابة الصحفيين التى تجمع فى عضويتها بين أطراف‎ النزاع. وإذا كان لابد من اللجوء إلى القضاء، فقد كان باستطاعة المتضررين من قرارات‎ رئيس التحرير، أن يطعنوا فيها أمام محكمة القضاء الإدارى، أما أن يقدموا بلاغاً‎ للنائب العام يتهمونه فيه بالكفر، فهذا تسليم منهم بأنه لا حق لهم فيما يطالبون به،‎ وأن هدفهم هو استغلال دنيوى لاسم الله واسم الرسول واسم الإسلام كوسيلة للكيد‎ والانتقام لا أكثر ولا أقل‎.‎ وربما يكون وراء حالة الصمت والوجوم التى جعلت الصحف تتجاهل ما حدث، شعور لدى‎ العاملين فى الصحافة والإعلام بأن الأمور فى كوكب الصحافة والإعلام تنذر بخطر جسيم،‎ وأن المهنة التى يفخر المشتغلون بها، بأنهم يعملون فى المجال نفسه الذى كان يعمل‎ فيه رجال من نوع رفاعة الطهطاوى ومحمد عبده وسعد زغلول ومصطفى كامل وجورجى زيدان‎ ولطفى السيد وسلامة موسى وتوفيق دياب وعباس العقاد ود. محمد حسين هيكل باشا ولويس‎ عوض ومصطفى وعلى أمين ومحمد حسنين هيكل... إلخ وصلت إلى حالة من التدهور دفعت بعض‎ العاملين فيها إلى التصرف كما كان العوام يتصرفون فى العصر المملوكى، إذا ما اختلف‎ أحدهم مع آخر على ثمن بقرة.. أو مساحة فرشة فى سوق الصحفجية،‎ فيسرع للالتجاء إلى المحتسب زاعماً أن خصمه يسب الدين ويسىء للذات الإلهية،‎ مطالباً بتجريسه وضربه بالمقرعة أو جلده فى ميدان التحرير، تنفيذاً لما اقترحه‎ النائب الإخوانى «على لبن» أثناء مناقشة مشروع قانون إلغاء العقوبات السالبة للحرية‎ فى جرائم النشر، باستبدال عقوبة الحبس بالجلد فى ميدان عام‎!‎ ما يدهشنى حالة الصمت التى حطت على مجلس نقابة الصحفيين، وهى حالة الصمت التى‎ حطت على لجنة الحريات بالنقابة، وكأن الأمر لا يعنيهما.. وكأنهما ينتظران بأمل‎ اليوم الذى يتغير فيه شعار النقابة المرسوم من صورة الكاتب المصرى الجالس القرفصاء،‎ إلى صورة العروسة التى تنفذ عليها عقوبة الجلد فى السجون، ويتغير اسمها من «نقابة‎ الصحفيين» إلى نقابة «المجلودين» ويفوز بمنصب النقيب بها الصحفى الكبير «على لبن‎».. وبذلك تكتمل فصول كتاب «عذاب مصر‎»!‎

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.