«الكرملين» يدعو الغرب إلى رفع العقوبات لتجنب أزمة غذاء عالمية

دعا الكرملين، أمس، الدول الغربية إلى رفع العقوبات التي فرضتها على روسيا ردًا على غزوها لأوكرانيا، لتجنب أزمة غذاء عالمية، في حين أعلنت موسكو فتح طرق بحرية من موانئ أوكرانية جنوبية لخروج شاحنات الحبوب المحملة إلى الأسواق الدولية، في الوقت الذي تحفظت فيه كل من ألمانيا وبريطانيا على مطالب موسكو برفع العقوبات.
وأعلن الكرملين، أمس، أن روسيا لا تقبل اتهامات الغرب لها بمنع صادرات الحبوب الأوكرانية، وأكد أنه يجب على الغرب إلغاء قراراته غير القانونية التي تقف عائقًا دون نقل الحبوب من أوكرانيا، موضحًا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتواصل مع روسيا وأوكرانيا بشأن السماح لها بدخول محطة زاباروجيا الأوكرانية للطاقة النووية.
وأكد رئيس مركز مراقبة الدفاع الروسى، الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف، أن روسيا تفتح يوميًا ممرين إنسانيين في البحر الأسود وبحر آزوف لخروج السفن الأجنبية من موانئ أوكرانية، وقال: «فى البحر الأسود للخروج من موانئ خيرسون ونيكولاييف وتشرنومورسك وأوتشاكوف وأوديسا ويوجنى، يتم فتح ممر بطول 80 ميلًا وعرض 3 أميال».
وأضاف أنه يجرى فتح ممر في بحر آزوف للخروج من ميناء ماريوبول بطول 115 ميلًا وعرض ميلين في اتجاه البحر الأسود، وأعلنت موسكو خروج 5 سفن أجنبية من ميناء ماريوبول، الذي كان من المستحيل أن تغادره من قبل بسبب الألغام الأوكرانية وخطر تعرض السفن للقصف.
وقال مسؤول تركى، أمس، إن المفاوضات مع كييف وموسكو تدور حول إمكانية إنشاء ممر للحبوب الأوكرانية عبر أنقرة، بينما قال المستشار الألمانى أولاف شولتس إنه يجب على الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أن يدرك أن أوكرانيا لن تقبل بإملاء السلام عليها، وأضاف أن بوتين فشل في الوصول إلى أهدافه الاستراتيجية في أوكرانيا، ويجب أن يخسر الحرب للجلوس على مائدة التفاوض.
بينما قالت وزيرة الخارجية البريطانية، ليز تراس، أمس، إنه من الواضح أن الرئيس الروسى يحاول إقحام العالم في أزمة غذاء، وإنه لا يمكننا رفع أي عقوبات على روسيا تجعل بوتين أقوى على المدى البعيد. وخلال فعاليات منتدى دافوس، دعا وزير الخارجية الأوكرانى ديميترو كوليبا، المجتمع الدولى إلى «وقف الصادرات الروسية»، للدفع في اتجاه إنهاء الحرب على أوكرانيا.
وأمنيًا، يسعى الجيش الروسى إلى الاستيلاء على مدينة سيفيرودونيتسك شرق أوكرانيا، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن قواتها قصفت 49 مركزًا لتجمع الأفراد والعتاد العسكرى في أوكرانيا، وقتلت 350 من القوميين الأوكرانيين، وأعلنت هيئة الأركان الأوكرانية أن القوات الروسية تواصل شن هجومها المكثف في عدة مناطق من خط المواجهة شرقى البلاد، كما شنت ضربات صاروخية وجوية على منشآت البنية التحتية في أنحاء اوكرانيا. وقال روديون ميروشنيك، ممثل إقليم لوجانسك الانفصالى، إن حوالى 8000 جندى أوكرانى محتجزون في إقليمى دونيتسك ولوجانسك الانفصاليين ويتزايد عددهم يوميًا بالمئات.
وأرسلت روسيا آلاف القوات إلى المنطقة، حيث تهاجم من 3 جهات، لتطويق القوات الأوكرانية المتمركزة في مدينة سيفيرودونيتسك على الضفة الشرقية لنهر سيفيرسكى دونيتس ومدينة ليسيتشانسك المقابلة لها على الضفة الغربية. وتقترب القوات الروسية من مدينة سيفيرودونيتسك التي يعتبر سقوطها هدفًا حيويًا للسيطرة الكاملة على دونباس.
وقال فلاديمير روجوف، عضو مجلس الإدارة العسكرية- المدنية لمنطقة زابوروجيه، إن أوكرانيا فقدت الوصول إلى بحر آزوف، لأن منطقتى زابوروجيه وخيرسون لن تعودا أبدًا تحت سيطرة كييف، وأضاف المسؤول: «لقد فقدت أوكرانيا إمكانية الوصول إلى بحر آزوف إلى الأبد، ولن تعود الموانئ في منطقتى زابوروجيه وخيرسون مرة أخرى إلى سيطرة السلطات الأوكرانية أبدًا. وأنا متأكد من أنه بعد إعادة توحيد منطقتنا مع روسيا، فإن بحر آزوف سيعود مرة أخرى بحرًا داخل حدود روسيا لأنه كان من قبل بحرًا داخل حدود الاتحاد الروسى».
وقال الرئيس الأوكرانى فلوديمير زيلينسكى إن «العدو متفوق في العتاد والسلاح، وإن القوات الأوكرانية وكل الذين يدافعون عن البلاد يقاومون الهجوم العنيف الذي تشنه القوات الروسية في الشرق»، وأضاف: «نحتاج إلى مساعدة من شركائنا ولاسيما الأسلحة»، كما طلب وزير الخارجية الأوكرانى ديميترو كوليبا مزيدًا من الأسلحة الثقيلة، وبخاصة راجمات صاروخية نقالة، وأكد كوليبا أن معركة دونباس تشبه معارك الحرب العالمية الثانية، وأن بعض البلدات والمدن لم تعد موجودة في المنطقة.
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم الكرملين، ديميترى بيسكوف، إن روسيا تنتظر قبول أوكرانيا مطالبها، وكذلك إدراكها لحقيقة تطور الأوضاع، وأكد ردًا على سؤال بشأن التنازلات التي تتوقعها روسيا من أوكرانيا أن موسكو تنتظر من كييف تفهم الوضع الواقعى الراهن على الأرض، في حين رفض الرئيس الأوكرانى مطالب وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر بتقديم تنازلات إلى روسيا، واعتبر الرئيس الأوكرانى أنه «مهما فعلت الدولة الروسية ستجدون دومًا شخصًا يقول: دعونا نأخذ مصالحها في الاعتبار»، وتابع: «هؤلاء الذين ينصحون كييف بمنح موسكو شيئًا، هذه الشخصيات الجيوسياسية العظيمة، لا يرون أبدًا أشخاصًا عاديين، أوكرانيين عاديين، وملايين الناس الذين يعيشون على الأراضى التي يقترحون تقديمها في مقابل سلام وهمى».
واعتبر زيلينسكى أن تصريحات كيسنجر توحى وكأنه يتكلم عن عام 1938 وليس 2022، معتقدًا أنه يخاطب جمهورًا في ميونيخ في ذلك الوقت، وليس في دافوس. وقال أوليكسى أريستوفيتش، مستشار زيلينسكى، إنه من الواضح أن بعض الدول الأوروبية تريد أن تقدم أوكرانيا تنازلات للرئيس الروسى، وأضاف: «لن يتاجر أحد بجرام واحد من سيادتنا أو ملليمتر من أراضينا»، وتابع: «أطفالنا يموتون والقذائف تحول الجنود إلى أشلاء، ويطلبون منا التضحية بالأرض، لن يحدث هذا أبدًا».
وفى غضون ذلك، أكد المندوب الروسى الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلى نيبينزيا، خلال اجتماع لمجلس الأمن، أن «الأسرى الأوكرانيين اعترفوا بوجود أوامر عليا بإطلاق النار على المدنيين العزل»، وقال: «هناك اعترافات عديدة لجنود أسرى من القوات المسلحة الأوكرانية بأن لديهم أوامر بإطلاق النار على المدنيين وعدم أخذ عسكريين روس كأسرى»، وأشار رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية الانفصالية، دينيس بوشيلين، إلى أن «هناك خططًا لمحاكمة المتطرفين النازيين الأوكرانيين»، في حين أكد أندريه رودينكو، نائب وزير الخارجية الروسى، أن «موسكو لن تخوض في نقاش حول تبادل الأسرى مع كييف، إلا بعد محاكمة المسلحين الأوكرانيين المستسلمين».
في الوقت نفسه، قرر البنك المركزى الروسى خفض سعر الفائدة الرئيسى 3% إلى 11% سنويًا، وجاء قرار المركزى مخالفًا لتوقعات الأسواق، ورجح المركزى الروسى إمكانية خفض سعر الفائدة الرئيسى مجددًا، وأشار إلى تباطؤ معدل التضخم السنوى في روسيا، ففى إبريل الماضى كان عند 17.8%، وفى 20 مايو الجارى تباطأ التضخم إلى 17.5%، وفيما يتعلق بالضغوط الخارجية، قال المركزى الروسى إن الظروف الخارجية للاقتصاد الروسى لاتزال صعبة، لكن في الوقت نفسه انخفضت مخاطر الاستقرار المالى بشكل طفيف.