حرص أهالى «بلد الغريب» على استقبال شهر رمضان هذا العام بأجواء احتفالية لم يسبق لها مثيل، خاصة بعد التخفيف من حدة الإجراءات الاحترازية التي كانت موجودة على مدار العامين الماضيين، شوارع المدينة وحواريها تزينت بالفوانيس، عروض السمسمية والبمبوطية أصبحت جزءا أصيلا من روتين السوايسة خلال السهرة على شاطئ القنال عقب الانتهاء من أداء صلاة القيام في رحاب مسجد سيدى «الغريب» وتناول وجبة الإفطار على الكورنيش. عروض السمسمية ورقصات البمبوطية تنتشر على طول الكورنيش الجديد تزينت الشوارع وظهرت في أبهى صورها وتحولت إلى لوحة فنية تخطف أنظار المارة بها، ففى شارع التحرير على سبيل المثال حرص السكان على تزيين المنازل وواجهات المحلات التجارية بالفوانيس والأنوار والبوابات المضيئة؛ ابتهاجا بقدوم شهر رمضان المبارك. قال محمد صبحى، 48 عاما، إن هذه الاستعدادات بدأت قبل قدوم شهر رمضان بفترة كبيرة، حيث تم الاتفاق على إنشاء أكبر بوابة مضيئة بالفوانيس والأنوار على امتداد شارع التحرير من خلال مبادرة تم فيها تحصيل مبلغ مالى من كافة السكان، وفى هذا الصدد أوضحت مريم دسوقى أن معظم الأسر في السويس تحرص على إضاءة شرفات المنازل واستقبال رمضان بالأغانى، فضلا عن تمسك السيدات بالزى الإسلامى طول الشهر. يتميز حى الأربعين بأجواء روحانية وإيمانية طوال شهر رمضان المبارك لم تتغير منذ القدم، خاصة في رحاب مسجدى سيدى «عبدالله الغريب» وسيدى «عبدالله الأربعين» والتى يحرص أبناء المدينة على أداء صلاة العشاء والقيام بها، والجلوس فيها حتى الفجر. طلب متزايد على الأسماك خلال رمضان سيد داود، 86 عاما، أحد سكان منطقة الغريب يؤكد ل«المصرى اليوم» على ارتباطهم بمسجد الغريب وزيارة صاحب المقام «أبويوسف بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عماد» الذي قدم إلى مصر عام 320 هجريا واستشهد خلال صد هجوم القرامطة على الحجاج، مشيرا إلى أنه بمجرد دخول المسجد تشعر بالراحة؛ لذا فهو يحرص على أداء صلاة العشاء والقيام في رحاب هذا المسجد طوال شهر رمضان منذ طفولته. ولم تخل «ليالى رمضان» الثقافية في السويس من عروض السمسمية ورقصات البمبوطية على طول الكورنيش الجديد وفى منطقة كبريت وحى الغريب عقب الإفطار، بمشاركة أعضاء فريق الآلات الشعبية والموسيقى العربية وجمعية محبى السمسمية وذوى الهمم، فضلا عن تنظيم عدد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والمسابقات الأدبية وعروض التنورة وفقرات الإنشاد الدينى. وفى الصباح يذهب السوايسة إلى حلقة «الأنصارى»؛ لشراء الأنواع والأشكال المختلفة من الأسماك والمأكولات البحرية، حيث يعد طبق السمك إحدى السمات المميزة لأهالى مدن القناة على مائدة الإفطار، بالتزامن مع قدوم شهر رمضان يؤكد عدد كبير من البائعين على انخفاض أسعار الأسماك نتيجة انتعاش حركة البيع والشراء بالسوق. زينة رمضان تنتشر فى جميع شوارع محافظة السويس وعن أبرز أنواع الأسماك التي يزداد الطلب عليها خلال شهر رمضان، أوضح مؤمن على، أحد بائعى الأسماك أن «اللوت والقرش والشبار والبورى» تأتى في مقدمة الأصناف التي لا يخلو منها أي بيت سويسى في رمضان، وفى هذا الصدد ذكر أحمد شعرة، صاحب أحد مطاعم الأسماك أن السنجارى والطواجن أكثر الوصفات المطلوبة من قبل الزبائن، خاصة في العزومات العائلية وخلال زيارة سكان المحافظات الأخرى للحلقة. ومن عادات وتقاليد السوايسة خلال شهر رمضان الإفطار على الكورنيش والترفيه عن أنفسهم في يوم العطلة؛ للهروب من موجة الطقس الحار التي تتعرض لها البلاد والاستمتاع بمشاهدة منظر غروب الشمس أعلى جبل عتاقة والجلوس على سور الكورنيش والتعرض لنسمات الهواء البارد القادمة من البحر الأحمر. وقالت منار ناصر، 21 عاما، أحد أفراد الأسر التي اعتادت تناول وجبة الإفطار على كورنيش السويس في رمضان، إنها تحرص على تناول وجبة الإفطار بصحبة أسرتها المكونة من 5 أفراد على شاطئ الخليج ومشاهدة لحظة غروب الشمس، خاصة مع ارتفاع أسعار الإفطار في الكافيهات والمطاعم الواقعة على طريق الكورنيش. يأتى رمضان ويحمل في طياته الكثير من الخير، وتنتشر موائد الرحمن ووجبات الخير في السويس؛ لإطعام الصائمين، وفى سابقة هي الأولى من نوعها كان أهالى منطقة كفر سليم الحى بالأربعين هذا العام على موعد مع أطول مائدة إفطار في رمضان شارك فيها الجميع؛ فرحا بعودة موائد الرحمن من جديد بعد فترة من التوقف. ويشارك «مطبخ شباب الخير» في توزيع عدد كبير من الوجبات على المواطنين في منطقة الجناين طوال شهر رمضان، وفى حى الغريب وبالتحديد على طريق الكورنيش القديم «الخور» يوزع عشرات الشباب المتطوعين العصائر والتمر على سائقى السيارات والمارة بالتزامن مع أذان المغرب، متهافتين في أخذ ثواب أجر إفطار صائم. بمجرد انتهاء صلاة القيام تعج ساحة ميادين المحافظة بالمواطنين، حيث يحرص السكان على الذهاب إلى محلات الكنافة والقطايف؛ لقضاء السهرة بها والاستمتاع بمذاق الحلويات ومشروب السوبيا والتمر الهندى خلال عزومة السهرة ويختتم أهالى السويس الليلة بتناول وجبة الفول في السحور داخل المطاعم أو على عربيات الفول في الشارع وسط صيحات المسحراتى «إصحى يا نايم وحد الدايم».
