جيمس كينج يكتب: الغزو الروسى لأوكرانيا يترك الصين فى مواجهة عملية موازنة صعبة

هناك تغير كبير فى الموقف الصينى تجاه روسيا على مدى الأسابيع القليلة الماضية، إذ إنه فى أوائل شهر فبراير الماضى أعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ونظيره الصينى شى جين بينغ، بعد اجتماع بينهما تم وصفه بأنه «دافئ وودى»، فى بكين، أن الصداقة بين روسيا والصين «لا حدود لها».
ولكن يوم الثلاثاء الماضى، كان من الواضح أن بكين، التى تدعى أنها «قلقة للغاية بشأن الضرر الذى يلحق بالمدنيين» جراء الغزو الروسى لأوكرانيا، بدأت فى وضع حدود لتقاربها مع روسيا، إذ قال وزير الخارجية الصينى، وانغ يى، إن الصين «تعرب عن أسفها لاندلاع الصراع بين أوكرانيا وروسيا»، وذلك وفقًا لبيان رسمى صينى أعقب مكالمة هاتفية بين وانغ ونظيره الأوكرانى دميترو كوليبا.
وتمثل هذه النبرة تحولًا حاسمًا فى الموقف الصينى، إذ يبدو أن موقف بكين بات يتحول تدريجيًا من اللامبالاة التى كانت تتبناها فى البداية نحو التعبير عن إحباطها إزاء تهور الكرملين العسكرى، كما تبدو تصريحات وزير الخارجية الصينى بمثابة إشارة واضحة على إعادة صياغة علاقاتها بروسيا، وذلك على الأقل فى خطابها الدبلوماسى.
وباختصار، فإن الغزو الروسى لأوكرانيا يضع الصين فى مواجهة عملية موازنة شبه مستحيلة، وذلك بالنظر لأنها تُصنف علاقاتها العميقة مع موسكو على أنها «شراكة استراتيجية»، وهو ما يعبر عن علاقاتهما معًا، والتى تتضمن التدريبات العسكرية المشتركة ونقل التكنولوجيا العسكرية، وكذلك الكراهية المشتركة تجاه ما يعتبره كلا البلدين تهديدًا لتوسع حلف شمال الأطلسى (الناتو) شرقًا.
ومن ناحية أخرى، فإن الغزو الروسى يتعارض بشكل واضح مع مبدأ جوهرى فى السياسة الخارجية الصينية، وهو أن السيادة الوطنية وسلامة الأراضى يجب أن تكون مقدسة.
وبالنظر لشراكتها العميقة مع هذه الدولة التى باتت منبوذة دوليًا، فإن بكين تقوم الآن بخطوة دبلوماسية صعبة للغاية، وتتجلى الضغوط التى تتعرض لها الصين فى بعض تصريحات وزير الخارجية الصينى، الذى يبدو من الواضح أن تصريحاته باتت أكثر برودة وأبعد عن موسكو مما كانت عليه وقت اجتماع شى وبوتين فى أوائل فبراير الماضى.
إذ قال وانغ: «لطالما تمسكنا بالموقف الذى يؤكد على ضرورة احترام السيادة الوطنية وسلامة أراضى الدول»، فعلى الرغم من أنه لم يلم روسيا أو يصف تصعيدها العسكرى بأنه غزو، فإن رغبته فى التأكيد على أهمية «السيادة وسلامة الأراضى» كانت واضحة.
وقد ذكر البيان أن وانغ دعا خلال الاتصال مع نظيره الأوكرانى كييف وموسكو إلى «إيجاد حل للقضية من خلال المفاوضات»، قائلاً إن الصين تدعم جميع الجهود الدولية البناءة التى تفضى إلى التوصل ل«تسوية سياسية».
ولكن السؤال الآن هو ما الذى يمكن أن تفعله الصين بعد ذلك؟
وأرى أنه من المحتمل أن تحاول بكين فى الأيام والأسابيع القادمة لعب دور محتمل كصانعة سلام.
* كاتب البريطانى
نقلًا عن صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية