الوفاء من أسمى درجات الحب، لا سيما إن اختار الشخص أن يفنى عمره إخلاصًا لحبه، والحب هنا ليس مقتصرًا فقط على حب الزوج أو الحبيب فقط، بل يمكن أن يكون حب الوالدين والتفانى فى خدمتهما، أو تفانى الأم فى خدمة أولادها بعد وفاة زوجها، رافضة الزواج من آخر أو التفكير فى سعادتها الشخصية، والنماذج كثيرة. منى أمين، سيدة ستينية تبلغ من العمر 65 عامًا، كانت فى العشرينات من عمرها، كأى فتاة، تحلم بالفستان الأبيض وفارس الأحلام، وبالفعل تزوجت ورزقها الله بزوج طيب القلب، ولكن عاصفة قوية ضربت حياتها، وغيرت مجراها، إذ اكتشفت أنها أصيبت بمرض روماتويد، فوجدت ظهرها ينحنى بعض الشىء، وأصابعها استقرت على وضع الثنى، وما لبثت أن تتأقلم على أزمتها وتتعايش معها، حتى اكتشفت أن زوجها لا يستطيع الإنجاب. «وقف جنبى فى مرضى فى بداية زواجنا، ولم يبخل علىّ بالذهاب لأفضل الأطباء، بالطبع الروماتويد مرض مزمن، لكن تحسنت صحتى، وكان خير داعم لى».. بهذه الكلمات تحدثت «منى» ل«المصرى اليوم» عن دعم زوجها، ويبدو أنها رأت أنه جاء الوقت لرد الجميل، فلم تطلب منه الطلاق وعاشا حياة سعيدة، حتى توفى هو، ورغم أنها كانت فى سن صغيرة وليس لديها أطفال، إلا أنها أبت أن تتزوج مرة أخرى، وعاشت على ذكراه، متمنية اللحاق به فى الجنة. فاطمة محمد، 57 عامًا، قصة أخرى من قصص الوفاء، إذ قالت: «حبى لوالدتى جعلنى أرفض الزواج، وأخذت عهدًا على نفسى بأن أتفانى فى خدمتها بعد أن تزوج أشقائى، وزدت إصرارًا على قرارى بعد مرضها، غير آبهة بكلام الناس الذى لم يرحمنى يومًا».. هكذا عبرت «فاطمة» عن وفائها لوالدتها للدرجة التى جعلتها تتخلى عن تأسيس أسرة فى سبيل خدمتها، ورغم رؤية المجتمع للمرأة التى لا تتزوج بأنها «عانس»، حسبما عبرت، لكنها لم تستمع لحديثهم فى سبيل من تفانت فى تربيتها فى الصغر. هويدا إبراهيم، عاشت قصة حب قبل زواجها، وبالفعل تزوج الحبيبان وذاقا سعادة الحب رفقة بعضهما: «عمرنا ما كملنا خناقة أو شد أكتر من 10 دقائق، كان بشوشًا وطيب القلب، يكرمنى ومحبوب من الجميع»، لكن عكر صفوها عدم الإنجاب، رغم أن الثنائى لا يوجد لديهما صحيًا ما يمنع، فاضطرّا اللجوء إلى الحقن المجهرى الذى كان جديدًا فى ذلك الوقت ومُكلفًا، وبعد ثالث عملية بالفعل أنجبا طفلتين «توأم». توفى زوجها وهى فى عُمر 34 عامًا، وطفلتاها صغيرتان، ورغم جمالها وتقدم الكثير من العرسان للزواج منها، إلا أن حبها لزوجها الراحل فاق كل حدود العشق والوفاء، فوهبت نفسها لابنتيها.
