ترفع نسبة سوء الاستخدام.. تطبيقات بيع الدواء مسمار فى نعش «الصيادلة»

التجارة الإلكترونية لم تترك سلعة إلا وأصبحت متداولة على منصات التواصل الاجتماعى، لكن عندما يتعلق الأمر بالدواء، هنا يختلف الأمر كثيرا، وبينما يرى معارضو تلك التطبيقات أنها تفتح بابًا لتداول الأدوية المهربة والمغشوشة، وتخالف قانون مزاولة مهنة الصيدلة 127 لسنة 1955، وتُصرف دون مراجعة الصيدلى والجهات المختصة، يقول مؤيدوها إنها وسيلة سريعة لصرف الأدوية دون التقيد بزمان أو مكان.
خلال الأيام الماضية، تصدر هاشتاج «لا_لتطبيقات_بيع_الدواء_الإلكترونية»، مواقع التواصل الاجتماعى، وعبر من خلاله الصيادلة، عن رفضهم الشديد لتلك التطبيقات، التى تعمق جراحهم، وتهدد أوضاعهم الاقتصادية، ناهيك عن سوء الاستخدام للأدوية الناتج عن هذا التداول غير «المنضبط» من وجهة نظرهم.
«صحتك بالدنيا» رصدت رأى أصحاب الشأن، ويقول الدكتور محمد أنسى، نقيب صيادلة الإسكندرية، إن الدواء من أهم المنتجات التى يجب ألا يتم بيعها عن طريق الإنترنت، ويجب التعامل المباشر بين الصيدلى والجمهور، لمراجعة الروشتة الطبية، وبيع الدواء عبر التطبيقات الإلكترونية سيفتح بابًا خلفيًا لغير الصيادلة لممارسة المهنة، وسيجعل الدواء الممنوع وغير المتداول، متاحًا للجميع، قائلا: «ضبط تلك التطبيقات سيصبح شبه مستحيل أمام هيئة الدواء المصرية».
فيما يرى الدكتور محفوظ رمزى، رئيس لجنة التصنيع الدوائى بنقابة صيادلة القاهرة، أن عملية البيع والشراء للدواء عن طريق التطبيقات الإلكترونية تهدف لإضعاف اقتصادات 80 ألف صيدلية منتشرة فى ربوع مصر تقدم خدماتها إلى 100 مليون مواطن، وسنجد بعد فترة قصيرة من استحواذ التطبيقات الإلكترونية على سوق الدواء، تغييرًا كاملًا فى المنظومة الصيدلانية الخاصة بالصيدليات، وسيصبح أكثر من 300 ألف أسرة يعمل عائلها بالصيدليات، ما بين صيادلة وموظفين وعمال بلا مأوى، أى حوالى مليون وخمسمائة ألف نسمة سوف يجدون أنفسهم بلا دخل.
وتابع: انتشار تلك التطبيقات سوف يشكل خطرًا على صحة المواطنين، لعدم التأكد من هوية البائع، ومن ناحية أخرى سوف يؤثر اقتصاديًا واجتماعيًا على كل من يعمل فى مهنة الصيدلة بشكل محترف.
وأضاف أن تداول الدواء بعيدًا عن الصيدليات وعن يد الصيدلى، سيرفع نسبة سوء استخدام الأدوية والمستحضرات الطبية، وخاصة المكملات الغذائية، لأعلى نسبة ممكنة، مما يتسبب فى آثار جانبية سلبية على صحة المرضى لأعلى مستوى يتخيله شخص، فى ظل سهولة خداع المواطنين، ذاكرًا بعض الأدوية الخاصة بعلاج فرط السمنة التى تسببت فى وفاة عدد من المواطنين، والتى تم الترويج لها عن طريق منصات التواصل الاجتماعى، ويدعون أنها طبيعية رغم أنها تحتوى على مواد فعالة تم منعها من الFDA، مثل مادة «السيبيوترامين» الشهيرة التى تسببت فى موت البعض نتيجة آثارها السلبية التى تسبب السكتة القلبية، وهناك أيضا مادة «الإيفيدرين» للتخسيس وهى من المواد المحفزة للجهاز العصبى السيمبثاوى لتنشيط وظائف الجسم وبذل المجهود لزيادة الحرق لإنقاص الوزن، وتتسبب فى ارتفاع الضغط ومشاكل فى الجهاز الدورى، وهناك مشتقات «الامفيتامنينات» التى تسبب الإدمان، وذلك كله يشكل خطرًا على صحة وحياة الإنسان.
ويذكر «رمزى» واقعة أخرى لهذه الكيانات الوهمية بإعلان عن طريق الفضائيات لدواء يساعد على الإقلاع عن «مخدر» الترامادول، تم بيع شريط العلاج ب600 جنيه على الرغم من وجوده فى الصيدليات ب«20» جنيهًا فقط، بالإضافة إلى الأطنان من المنشطات الجنسية من التى تقوم الفضائيات والمواقع الإلكترونية بالترويج لها أنها منشطات عشبية أو عسل طبيعى منشط جنسى، ليتناولها مرضى القلب والتى تؤدى إلى الذبحات الصدرية، وذلك لأن محتويات تلك المستحضرات فى الغالب تحتوى على مادة «السيلدينافيل» المنشطة جنسيًّا للرجال، والتى تتعارض تمامًا مع المرضى الذين يتناولون النيترات.
فيما علق صاحب إحدى الصفحات المخصصة لتداول الدواء، عبر مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»- طلب عدم نشر اسمه- بأن الدواء أصبح سلعة كأى سلعة تجارية، خاصة عقب ارتفاع أسعار الأدوية فى الصيدليات ونقصها، فتقوم الصفحات بالاتفاق مع تجار الأدوية المستوردة للحصول عليها، وبيعها بسعر أرخص من الصيدلية، وذلك لأنها تكون مهربة، ويقول إن أكثر الأدوية التى يتم طلبها على الصفحة، هى المكملات الغذائية وفيتامين د، وكذلك عدد من المسكنات التى تحتوى على مادة «الباراسيتامول»، والأدوية الخاصة بعلاج كورونا.
وترى إنجى محسن، طالبة جامعية، أنها تقوم بشراء العديد من المنتجات الخاصة بالتجميل والأدوية المعروفة، من خلال التطبيقات الخاصة بالصيدليات المعروفة، وذلك لوجود نسبة خصم كبيرة.
وتضيف أنها دعامة لنشر تلك التطبيقات، لأنه من خلال التطبيق يمكن الحصول على الدواء بأى طريقة لأن النظام الإلكترونى قادر على طلب الدواء من أى فرع فى مصر، لكن عند التعامل مباشرة مع الصيدلية فإنها تحدد عدد علب الدواء وفى معظم الأوقات يكون غير متوفر.