لعب الفن دورًا تنمويًا بالغ الأهمية على مر العصور والمراحل التاريخية.. وبينما تبحث حوالى 140 دولة نامية عن سبل الاستدامة على الصعيدين الاقتصادى والسياسى، وتنتهج استراتيجيات متوسطة وطويلة الأمد لبلوغ ذلك، برز اتجاه فنى معاصر يطمح للمساهمة فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر الفنون؛ كونها مرآة تعكس الواقع الاجتماعى والثقافى للشعوب. ويستقبل المتحف القومى للحضارة المصرية «المنتدى الدولى للفنون.. نحو الاستدامة» الذى تقدمه مؤسسة «Sheranda world art» للفنانتين التشكيليتين راندا فؤاد وشيرين بدر، بالشراكة مع البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، وبدعم من خمس وزارات بالحكومة المصرية هى: «التخطيط والثقافة والسياحة والهجرة والبيئة»، على أن يشارك به 200 فنان من 30 دولة حول العالم. هل يمكن للفنان أن يكون ممارسًا تنمويًا؟ لأن الفن فى حد ذاته «تنمية»، وعجلة تدفع بالمجتمعات للأمام حال احتكت مواضيعه بالاحتياجات الاجتماعية عبر تقديم رسائل تنموية وتناول موضوعات حيوية تمس الاحتياجات الاجتماعية والإنسانية، يستهدف «منتدى الفن الدولى.. نحو التنمية» أن يخلق شراكة بين خبراء التنمية وجمهور الفنانين من خلال عروضه الفنية الموازية لحلقات نقاشية ومناظرات وورش عمل تجمع جمهور الفن بالخبراء والممارسين التنمويين، لينتهى الطرفان إلى دور توعوى فاعل مع الجمهور. ينفرد «منتدى الفن الدولى WAF»، المقرر أن يقام بشكل سنوى، بتبنى أهداف التنمية المستدامة ال17 التى حددتها الأممالمتحدة وإعادة صياغتها وتقديمها للجمهور من خلال الفنون؛ كونها لغة عالمية يفهمها الجميع ولا تعترف بالفوارق العرقية والدينية أو الجغرافية. ويؤكد «منتدى الفن الدولى» أنه بإمكان الفنان أن يتحول إلى ممارس تنموى سواء عبر استخدامه خامات صديقة للبيئة، أو تقديمه موضوعات تخدم القضايا والاحتياجات التنموية للمجتمعات، كالاهتمام بقضايا الشباب والهوية وتمكين المرأة وحفظ التراث وغيرها. وفيما تطمح مؤسِستا المنتدى، الفنانتان التشكيليتان، راندا فؤاد وشيرين بدر، لتوصيل الفنون لبسطاء القرى المصرية عبر المشاركة فى مبادرة «حياة كريمة» وإقامة فعاليات فنية بقرى ريف وصعيد مصر التى تشملها المبادرة، أكدت إيلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة فى مصر، أن الأممالمتحدة تؤمن بدور الفن وقدرته على الإسهام فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأضافت أنها فخورة بالدور الأولى لمنتدى الفن الدولى، وسعيدة بانطلاق دورته الأولى من مصر أرض الحضارات والفنون. ولفتت «بانوفا» أن ما يُميز المنتدى هو الجمع بين الفنانين وخبراء التنمية على طاولة نقاشية واحدة من شأنها وضع حجر الأساس للعب دور توعوى نحو مستقبل مستدام، بداية من العدالة الاجتماعية، مرورًا بالقضاء على التمييز، ووصولًا للإيكولوجيا، بما يرسخ لتعاون طويل الأمد بين الجانبين الفنى والتنموى ويمد جسرًا راسخًا بين الفن والتنمية المستدامة، لافتة إلى أنها متحمسة للانطلاقة الأولى لهذا المنتدى. وأكد الدكتور أحمد غنيم، رئيس المتحف القومى للحضارة المصرية، أن المتحف يؤمن بأن هناك تناغما بين رؤية المتحف القومى للحضارة ورؤية «منتدى الفن الدولى»، الذى من المفترض أن يمتد لأربعة أيام من المعارض الفنية الموازية لورش العمل والحلقات النقاشية داخل المتحف. ومن المعتزم أن تنطلق الدورة الأولى لمنتدى الفن الدولى من المتحف القومى للحضارة المصرية فى الفترة ما بين 20 يناير حتى 24 من يناير المقبل، بمشاركة عشرات الفنانين القادمين من 30 دولة من مختلف أرجاء العالم، تحت رعاية خمس وزارات بالحكومة المصرية هى: «الثقافة، والسياحة، والتخطيط، والبيئة، والهجرة». وترعى «أيقونة - المصرى اليوم» منتدى الفن الدولى إعلاميًا، إيمانًا بأهمية الاستثمار فى الفن بوصفه إبداعًا ثقافيًا من شأنه القيام بدور فاعل ومؤثر فى التنمية التى لا يمكن أن تتم دون التركيز على العنصر البشرى، باعتباره الرکن الركين فى أى مشروع نهضوى؛ فدعم الإنسان عبر الارتقاء بالفنون والآداب يلقى بظلاله على التنمية، وهو الدور الذى حرصت الفنون على تأديته منذ نشأة الفن وحتى نهاية الحداثة، لكن هذا الدور بات مهددًا بعزوف فنانى عصور ما بعد الحداثة عن القضايا الاجتماعية وانعزالهم عنها، لعل هذا ما انتبه إليه أفلاطون الذى هاجم الفنون الموجودة فى عصره؛ نظرًا لابتعادها عن أى هدف تنموى، يدفع بالمجتمع إلى الأمام.