بمثابة متحف للدواء .. «ستيفنسون».. «أجزخانة آل سمان» الموروثة عن الإنجليز

أثناء التجول فى شوارع وسط البلد، ربما ستضطر للبحث عن إحدى الصيدليات لشراء دواء ما، وبسؤال المارة فى محيط شارع عبدالخالق ثروت تحديدًا، سيدلك أحدهم على «أجزخانة ستيفنسون»، بمجرد الدخول من الباب ستجد نفسك فى متحف وليس صيدلية لبيع الأدوية، حتى إنه كثيرًا من الزبائن تتراجع أقدامهم خلسة بعد الدخول، ظنًا منهم أنهم أخطأوا العنوان .
ستجد على يمين باب المتحف، أعنى «الأجزخانة»، رجلا يشبه الأرستقراطيين، يُدعى زهير، سيأخذك الفضول، بدون أدنى شك، للسؤال عن هذا المتحف العتيق، وبدوره، سيأخذك بابتسامته العريضة فى جولة إلى التاريخ الممتع .
« ستيفنسون».. سلسلة صيدليات إنجليزية أنشأها الطبيب الإنجليزى «جورج ستيفنسون» عام 1889 وبحلول عام 1910 بات هنالك فرع فى شارع المناخ سابقًا (عبدالخالق ثروت حاليًا) بوسط المدينة لهذه السلسلة، وبعد 40 عاما تقريبًا من دخول هذه العلامة التجارية للمحروسة اشتراها إحسان سمان، الطبيب المصرى، من «ستيفنسون»، لكنه لم يغير فيها أى شىء حتى اسمها .
يقول زهير: «تم تصنيع الديكور بالكامل فى إنجلترا، ثم أتوا به إلى هنا، ووالدى إحسان سمان وأنا وأخواتى من بعده قررنا منغيرش أى حاجة، رغم أنه اتعرض علينا من أجل التوسيع لكن إحنا رفضنا ».
ويكمل: «اتعرض علينا أيضًا مبالغ كبيرة لبيع الأنتيكات الموجودة بالأجزخانة لكننا بنرفض، لأن قيمتها أغلى من الفلوس ».
فتارين للأدوية يمينًا ويسارًا، وفى الواجهة ستجد مكتوبًا بالبنط العريض باللغة الإنجليزية «ستيفنسون الكيميائى»، وهو المعمل الذى كانت تعد فيه التركيبات الخاصة بالأجزخانة لزبائنها، ويحتوى المعمل على رفوف عالية، مصفوفا عليها زجاجات التركيبات الكيميائية التى مازالت موجودة فى قواريرها العتيقة بأشكالها القديمة، ملصقا عليها رسومات تعريفية ك«صحة القلب»، و«مضاد الاضطرابات النفسية»، و«المطهرات»، لكنها منتهية الصلاحية ويتم وضعها كجزء من الديكور .
يحتوى المعمل أيضًا على بعض السرنجات والكراسى والسلالم التى كانوا يستخدمونها، وأجهزة التنفس وماكينات الحلاقة، بالإضافة إلى بعض الأدوات والمعدات الأخرى .
ويردف «زهير»: «لا توجد تركيبات حاليًا، أنا لا أتذكر أسماء التركيبات لكن أشهرها كان لعلاج الكحة والشعر والأمراض الجلدية، وكان الطبيب يحدد الوصفة ويكتب عليها اسم الصيدلية لثقته بها ».
ويضيف: «هنا زمان كان فى معمل لتحميض الأفلام، لأن ترخيص الأجزخانة كان به توكيل من كوداك قبل وجودها فى مصر ».
« فليت قاتل الحشرات السريع»، و«جربر.. 60 عامًا فى تغذية الأطفال»، و«وليامز.. صابون الحلاقة الوحيد الذى يحتوى على خلاصة اللانولين»، عشرات من الإعلانات لبعض المنتجات التى عفى عليها الزمن، مازالت تزين أرفف وفتارين «ستيفنسون»، التى يحافظ عليها «زهير» كما لو كانت أغلى من الياقوت: «إحنا عاملين لافتات داخل الصيدلية (ممنوع اللمس)، لإن لو حاجة اتكسرت بيكون صعب ترجع زى ما كانت ».
زهير إحسان
من التاسعة صباحًا وحتى السادسة مساءً، يجلس «زهير» لمباشرة عمله فى الصيدلية بشكل يومى، ما عدا الجمعة، بعد أن تولى إدارتها منذ سنوات قليلة عقب سفر شقيقه الأكبر إلى أوروبا، الذى كان يباشر العمل بها قبله: «أنا واخواتى محدش درس فينا صيدلة، أنا درست سنة واحدة ثم انتقلت لدراسة التجارة، لكن بقى فى دمى الحب للمكان بكل تفاصيله ».
وختم «زهير» حديثه: «إحنا بنرحب بكل الناس حتى اللى بييجوا يتصوروا، بنكون مبسوطين وبنشرح لهم تاريخ الصيدلية، واتمنى ييجوا أكتر عشان نعرفهم على إحدى التحف الفنية فى مصر ».