سد النهضة والأولمبياد وحرب أكتوبر .. مواقف تحفرها الجزائر في ذاكرة المصريين (تفاصيل)

لم يمر أسبوعا على واقعة مبارة الكاراتيه بين مصر والجزائر، التي أظهرت فيها لاعبة الجزائر تضامنا كبيرا مع البطلة المصرية فريال أشرف، حتى ظهرت محاولة جزائرية أخرى على المستوى السياسي لحل واحدة من أهم المشاكل، وهى قضية سد النهضة الإثيوبي، التي قدمت الجزائر مبادرة بشأنها.
ففى أولمبياد طوكيو التي انتهت فعالياتها، ساعدت الجزائرية لمياء معطوب منافستها، فريال أشرف في التأهل للدور نصف النهائي، في الكاراتيه، حيث تلقت الجزائرية 3 خسائر متتالية وفقدت حظوظها في التأهل، وكانت فريال بحاجة للفوز أو التعادل لضمان التأهل، وبناءا على ذلك لم تحاول الجزائرية لمياء البحث عن الفوز واكتفت باللعب السلبي، وصعدت فريال أشرف للمربع الذهبي.
وخلال هذا الأسبوع أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، في تصريحات لوسائل الإعلام الجزائرية أن هناك مبادرة جزائرية بخصوص سد النهضة الإثيوبي، لاقت «تجاوبا كبيرا» من الدول المعنية، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة لمس تقبلا كبيرا من الدول الثلاث إثيوبيا والسودان ومصر بشأن المبادرة.
جاء ذلك في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية الجزائري منذ أيام على ضرورة توصل مصر والسودان وإثيوبيا إلى حلول مرضية في قضية سد النهضة، مشيرا في مؤتمر صحفي مشترك، مع وزير الخارجية سامح شكري، إلى أن علاقات مصر وإثيوبيا والسودان تمر بمرحلة دقيقة ومن المهم التوصل لاتفاق بينهم.
ومن جانبها، أعلنت السودان، مطلع الأسبوع الجاري عن ترحيبها بالمبادرة، عقب استقبال رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بمكتبه وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة، بحضور وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي.
وقال بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي، عقب اللقاء، إن «القيادة في السودان رحبت بالمبادرة الجزائرية الداعية إلى عقد لقاء مباشر بين الدول الثلاث للتوصل إلى حل لخلافاتها حول سد النهضة»، مشيرة إلى أن «المبادرة الجزائرية تأتى متوافقة مع المادة (10) من إعلان المبادئ الموقع بين الدول المعنية بالخرطوم».
ويشهد التاريخ مواقف حافلة تظهر مدى التكاتف بين مصر والجزائر، ففي الخمسينات والستينات قامت مصر بتبني قضية الجزائر وتدعيمها؛ حيث أكد كريستيان بينو (وزير خارجية فرنسا وقتئذ) أن التمرد في الجزائر لا تحركه سوى المساعدات المصرية.
وقال العقيد سي الحواس قائد الولاية السادسة أثناء حرب التحرير الجزائرية: إذا انتصرت مصر انتصرت الثورة الجزائرية.. وإذا انهزمت مصر انهزمت الثورة الجزائرية.
ودعمت مصر ثورة الجزائر بالسلاح والخبراء، فكانت مصر الداعم الأول والأهم لها. الأمر الذي دفع بن جوريون (أول رئيس وزراء لإسرائيل) إلى القول: على أصدقائنا المخلصين في باريس أن يقدّروا أن «عبدالناصر» الذي يهددنا في النقب، وفي عمق إسرائيل، هو نفسه العدو الذي يواجههم في الجزائر.
ويؤكد محمد حسنين هيكل أن الثورة الجزائرية تلقت أكبر شحنة من السلاح المصري أثناء اندلاع القتال على الجبهة المصرية- إبّان العدوان الثلاثي عليها- ضدّ فرنسا وإنجلترا وإسرائيل. وكانت أول شحنة سلاح وصلت الجزائر مقدمة من مصر بآلاف الجنيهات.
وفي عام 1973 طلب الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين من الاتحاد السوفيتي شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين عقب وصول معلومات من جزائري في أوروبا قبل حرب أكتوبر بأن إسرائيل تنوي الهجوم على مصر، وباشر الرئيس الجزائري اتصالاته مع السوفيت لكنهم طلبوا مبالغ ضخمة فما كان من الرئيس الجزائري إلا أن أعطاهم شيكا فارغا وقال لهم اكتبوا المبلغ الذي تريدونه، وهكذا تم شراء الطائرات والعتاد اللازم ومن ثم إرساله إلى مصر.
وكان دور الجزائر في حرب أكتوبر أساسيا وقد عاش بومدين –ومعه كل الشعب الجزائري- تلك الحرب بكل جوارحه بل وكأنه يخوضها فعلا في الميدان إلى جانب الجندي المصري. (من كتاب «مذكرات حرب أكتوبر» للفريق سعد الدين الشاذلي).