اشتعال حرب المدن فى أفغانستان

تصاعدت المواجهات العسكرية فى أفغانستان بين متمردى حركة طالبان والقوات الحكومية للسيطرة على المدن الكبرى، بالتزامن مع قرب رحيل قوات حلف شمال الأطلنطى «ناتو»، لتنهى أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة فى الخارج، مع حلول الذكرى ال20 لهجمات ال11 من سبتمبر 2001.
تتعرض مدينة لشكر غاه، عاصمة إقليم هلمند الجنوبى، لهجوم عنيف من مقاتلى طالبان، رغم استمرار الضربات الجوية الأمريكية والأفغانية.. وسيطرت طالبان على محطة تلفزيونية محلية، ولجأ آلاف الأشخاص الذين فروا من المناطق الريفية إلى المدينة. وقال شهود عيان فى تصريحات نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية «بى.بى.سى»: «هناك قتال فى كل مكان».
كانت هلمند محور الحملة العسكرية الأمريكية والبريطانية لسنوات، وستكون مكاسب طالبان هناك بمثابة ضربة للحكومة الأفغانية، وإذا سقطت ستكون أول عاصمة إقليمية تسيطر عليها الحركة منذ 2016، وهى واحدة من 3 عواصم إقليمية تتعرض لهجمات المسلحين. وحذر قائد عسكرى أفغانى من أن انتصار طالبان سيكون له «أثر مدمر على الأمن العالمى»، فيما أعلنت وزارة الإعلام الأفغانية أن 11 شبكة إذاعية و4 شبكات تليفزيونية فى هلمند توقفت عن البث بسبب «هجمات وتهديدات» طالبان. وتواصلت محاولات المسلحين للسيطرة على قندهار، ثانى أكبر مدن أفغانستان، بعد ضربات صاروخية استهدفت مطارها. ويشكل استيلاء الحركة على قندهار انتصارًا كبيرًا لطالبان، مما يمنحهم السيطرة على جنوب البلاد.
وفى هيرات، المدينة الثالثة التى تتعرض للهجوم، تقاتل قوات الكوماندوز الحكومية فى مواجهة مسلحى طالبان بعد أيام من القتال العنيف، واستعادت القوات الحكومية بعض المناطق بعد هجوم على مجمع للأمم المتحدة.
وبينما تكافح القوات الحكومية لاحتواء تقدم طالبان، ألقى الرئيس الأفغانى، أشرف غنى، باللوم على الانسحاب المفاجئ للقوات الأمريكية فى تصاعد المعارك، وقال أمام البرلمان أمس الأول: «سبب وضعنا الحالى هو أن قرار الانسحاب اتخذ بشكل مفاجئ»، وقال إنه حذر واشنطن من أن الانسحاب ستكون له «عواقب». ورغم مغادرة جميع قواتها العسكرية تقريبًا، واصلت الولايات المتحدة شن غارات جوية لدعم القوات الحكومية، وتواصلت الضربات التى تستهدف لشكر غاه، مساء أمس الأول، فى حين اتهمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حركة طالبان بارتكاب جرائم حرب محتملة من خلال «ذبح المدنيين» فى بلدة سبين بولداك بإقليم قندهار الجنوبى، قرب الحدود الباكستانية.
وقال وزير الخارجية الأمريكية، أنتونى بلينكن، إنه اطلع على تقارير عن فظائع «مقلقة للغاية وغير مقبولة على الإطلاق» ارتكبتها طالبان. ونشرت البعثة الأمريكية بيانا على «تويتر» اتهمت فيه طالبان بقتل عشرات المدنيين فى منطقة سبين بولداك بإقليم قندهار الجنوبى. كما نشرت السفارة البريطانية البيان فى تغريدة، وقالت السفارة الأمريكية: «أعمال القتل يمكن أن تشكل جرائم حرب، ويجب التحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها من مقاتلى وقادة طالبان».
وفى المقابل، قال سهيل شاهين، المتحدث باسم المكتب السياسى لطالبان فى الدوحة، إن تلك الاتهامات «تقارير لا أساس لها من الصحة».