جولات مكوكية للوفد الأمنى المصرى لتثبيت التهدئة فى غزة

بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ منذ فجر الجمعة الماضى، سادت حالة من الهدوء فى غزة وإسرائيل لليوم الثالث على التوالى، أمس، بينما يواصل الوفد الأمنى المصرى تحركاته المكوكية بين الضفة الغربية وقطاع غزة وإسرائيل لتثبيت وقف إطلاق النار، وبحث التوصل إلى هدنة دائمة بين إسرائيل وحركة «حماس».
وبحث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «أبو مازن» مع الوفد الأمنى المصرى فى رام الله، مستجدات التهدئة فى قطاع غزة والقدس والضفة الغربية المحتلة، وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أن الجانبين بحثا تنسيق جهود إعادة إعمار غزة، وترتيب البيت الداخلى الفلسطينى، ونقلت الوكالة عن «أبومازن» شكره للرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى «لما تبذله مصر من جهود لتهدئة الأوضاع وإعمار قطاع غزة والعودة للمسار السياسى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى عن أرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية».
وفى وقت لاحق، وصل الوفد المصرى عبر معبر إيريز باتجاه قطاع غزة للمرة الثانية، وعقد الوفد اجتماعًا مع زعيم «حماس» فى غزة، يحيى السنوار، وعدد من الفصائل، وقال دبلوماسى مصرى لوكالة «رويترز»، إن الأطراف المختلفة تنفذ إجراءات تم الاتفاق عليها وتحاول منع الممارسات التى أدت إلى اندلاع القتال الأخير، ومن المقرر أن يلتقى الوفد المصرى، مستشار الأمن القومى الإسرائيلى، مجددا، مائير بن شابات، فى وقت لاحق، لبحث تثبيت وقف إطلاق النار وتسهيل إعادة اعمار قطاع غزة، والتوصل إلى هدنة دائمة.
وأسفر العدوان الإسرائيلى الوحشى على غزة والضفة والقدس المحتلة والبلدات العربية بالداخل المحتل عام 1948، عن استشهاد 279، بينهم 69 طفلًا، و40 سيدة، و17 مسنًا، وإصابة نحو 9 آلاف فلسطينى.
وأكد ناجى سرحان، وكيل وزارة الأشغال والإسكان فى غزة، التابعة ل«حماس»، أن تقييمًا أوليًا كشف تدمير 2000 وحدة سكنية على الأقل خلال العدوان الأخير، وأوضح لوكالة «أسوشيتدبرس» الأمريكية، أن أكثر من 15 ألف وحدة أخرى دمرت جزئيًا فى جولة التصعيد الأخيرة، كما تم تدمير عشرات من مكاتب الشرطة فى غزة، ومعظم المصانع فى المنطقة الصناعية. وقدر «سرحان» الخسائر المالية بسبب العدوان بنحو 150 مليون دولار.
بدورها، طالبت لين هاستينجز، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية، بفترة هدوء لبدء التصدى لأزمة إنسانية فى غزة، وحذرت بعد زيارتها إلى القطاع من تزايد المخاطر الصحية وانتشار اليأس على نطاق واسع، بعد أن تضررت بيوت وطرق وبنية أساسية حيوية أو تعرضت للدمار، وقالت إن: «كل شخص يحتاج فحسب إلى البقاء ساكنا وألا يتورط فى أى أعمال استفزازية».
وعبرت «هاستينجز» عن ثقتها بأن آليات الإغاثة الموجودة فى غزة تضمن أن «المساعدات لا تقع فى أياد لا يُفترض أنها موجهة إليها»، وقالت: «نطالب بتمويل عالمى لاستعادة قدرة سكان غزة على الوصول إلى احتياجاتهم الأساسية».
وقال مصدر أمريكى إن وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، سيزور إسرائيل والسلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية المحتلة يومى الأربعاء والخميس المقبلين، كما سيزور مصر ودولًا أخرى بالمنطقة، على أمل البناء على وقف إطلاق النار.
ودعا مجلس الأمن، أمس الأول، إلى «الالتزام الكامل» بوقف إطلاق النار وشدد على الحاجة الفورية لتقديم مساعدات إنسانية للمدنيين الفلسطينيين.
وشن السفير الفلسطينى لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، هجوما على مجلس الأمن، وقال: «إننا لم نر حاجة لبيان من مجلس الأمن بعد وقف العدوان على الشعب الفلسطينى، لا يدعم أهلنا فى الأقصى والحرم الشريف والشيخ جراح والقدس وبقية الأرض المحتلة».
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنه «من المؤسف للغاية» أن مجلس الأمن «تجاهل إطلاق أكثر من 4 آلاف صاروخ على المدنيين الإسرائيليين من مناطق مأهولة فى غزة». وسعيًا للبناء على الهدنة، حث جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية، إسرائيل والفلسطينيين على العودة إلى مفاوضات ذات مغزى فى اتجاه حل الدولتين، مشيرا إلى المفاوضات التى وصلت إلى طريق مسدود منذ سنوات، وقال: «لا يمكن انتظار أن يمول الاتحاد الأوروبى إعادة إعمار غزة من جديد دون بادرة قوية على حل فعلى للصراع القائم».
وأوصى رئيس الأركان الإسرائيلى، أفيف كوخافى، المستوى السياسى بفرض تغيير فى مسار إدخال الأموال القطرية، وأموال إعادة الإعمار وعدم تحويلها مباشرة إلى «حماس»، ولكن إلى السلطة الفلسطينية، عن طريق نظام خاص ينقله إلى المواطنين مباشرة، وقال إن «حماس استخدمت هذا المال من أجل بناء قدرات جديدة مثل قذائف صاروخية، طائرات مسيرة، أنفاق وكوماندوز بحرى»، بحسب ما نقلت عنه صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، وقالت الصحيفة إن هذه التوصيات ستجعل رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، يواجه صعوبة فى مواصلة «سياسة الاحتواء والتهدئة وبنقل المال عن طريق السلطة الفلسطينية، كما أن هذه التوصيات تتناقض مع توجه نتنياهو بإضعاف السلطة وتعزيز قوة (حماس)».
ومن جانبه، قدم رئيس الأركان الإسرائيلى، أفيف كوخافى، لجنرالات هيئة الأركان العامة رؤيته للرد على أى صاروخ من غزة مستقبلًا، وقال إنه مقابل كل صاروخ سيتم إخلاء مبنى فى قطاع غزة وتدميره، حسب ما نقل عنه موقع «والا» العبرى، فيما تنقسم الآراء فى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول الهدنة، وترى مصادر رفيعة المستوى فى الجيش الإسرائيلى أنه من أجل منع حدوث أزمة إنسانية، فإنه يجب تسريع نقل المساعدات للقطاع، مقابل هدوء كامل، فى حين هناك فريق يرى ضرورة تعزيز موقع السلطة الفلسطينية فى الشارع الفلسطينى.