عيار 21 يسجل رقمًا جديدًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة بعد الانخفاض    سعر السمك اليوم والجمبري بالأسواق الجمعة 30 مايو 2025    الحوثيون يعلنون مهاجمة مطار بن جوريون وسط إسرائيل بصاروخ فرط صوتي    طاهر أبوزيد ينتقد الخطيب.. ويوجه له رسائل خاصة بسبب بيراميدز    بعد إمام عاشور.. (3) لاعبين ينتظرون عفو حسام حسن    مصرع شاب صدمته سيارة والده عن طريق الخطأ في العاشر من رمضان    بالأسماء، وزير البترول يصدر حركة تكليفات وتنقلات لبعض رؤساء شركات القطاع    ديوان عام محافظة الجيزة يعلن توفر عدد من الوظائف    فلسطين.. تجدد غارات جيش الاحتلال على محيط شارع نصر في جباليا البلد شمال غزة    ترامب: يسعدني ترشيح بول إنجراسيا لرئاسة مكتب المستشار الخاص في الولايات المتحدة    زلزال بقوة 4.4 ريختر يضرب باكستان    أسامة كمال: 600 يوم من الإجرام الإسرائيلي وغزة لا تزال تتنفس وتكتب التاريخ بالدم    روسيا تتهم حليفتها صربيا بالخيانة لتوريدها الأسلحة إلى أوكرانيا    في 13 نقطة مفصلة، النص الكامل لمقترح ويتكوف بشأن وقف حرب غزة    المبعوث الأمريكي لسوريا: ملتزمون بهزيمة داعش    موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    إمام عاشور يكشف كواليس غرامة المليون وتصرفه مع مدرب بيراميدز: بذلنا 200% من جهدنا بعد صدمة صن داونز    إمام عاشور: زيزو هنأني بعد الفوز بالدوري.. وهذه رسالتي لميسي قبل كأس العالم للأندية    "بسبب بن رمضان وتريزيجيه".. إمام عاشور يكشف حقيقة طلبه تعديل تعاقده مع الأهلي    عضو مجلس الأهلي يتحدث عن.. إيرادات النادي.. أسعار تذاكر مونديال الأندية.. وحقيقة مفاوضات رونالدو    الأهلي يوضح حقيقة خلاف حسام غالي مع الإدارة    رئيس "حماية المستهلك": 550 موظفا بالجهاز لخدمة 110 ملايين مواطن    موعد نتائج سنوات النقل للمرحلة الثانوية في البحيرة برقم الجلوس (روابط)    مصرع شاب في انقلاب سيارة على طريق أسيوط – الوادي الجديد    بالأسماء، إصابة 23 شخصا في انقلاب أتوبيس عمال وردية بمدينة السادات    «الأرصاد» تكشف عن طقس اليوم الجمعة.. والعظمى في القاهرة 32    20 صورة ومعلومة عن الفنانة هايدي رفعت بعد خطوبتها    جمعية المؤلفين والملحنين تحيل ملحنا إلى التحقيق بعد نشره بيانا مزورا ضد الفنان حسين الجسمي    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    ضبط 3431 أسطوانة غاز و1000 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بالبحيرة    إحالة 5 متهمين للمحاكمة الجنائية لاستدراجهم آخر وهتك عرضه    زينة تظهر ب «نيولوك» جديد في أحدث أفلامها (صور)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 30 مايو 2025    ننشر استعدادات محافظ الإسماعيلية لاستقبال عيد الأضحى    4 أبراج «بيحبوا السيطرة».. قياديون يتمتعون بالكاريزما لكن ثقتهم الزائدة قد تتحول لغرور    ليلى علوي تحتفل بنجاح نجلها خالد في مشروع التخرج.. ماذا قالت؟    بعد إزالة الوشم.. أحمد سعد يصلي في غار حراء والمسجد النبوي (صور)    والدة إبراهيم شيكا: "عايزة كل قرش في ورث ابني ومراته بصمته في المستشفى"    الوكيل: شراكة قوية بين الحكومة والقطاع الخاص.. والقطاع الخاص يساهم بأكثر من 80% في الاقتصاد المصري    "مصر الخير" تطلق جائزة ريادة العطاء 2025 لمحور المياه النظيفة    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    متحدث الأوقاف: صكوك الأضاحى بدأ فى 2015 ووصلنا إلى 10 ملايين أسرة    أحمد رضا: هدفي أمام بيراميدز كان حاسمًا.. وهذا طموحي في المونديال    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    المنوفية تُطلق جيلًا رقميًا جديدًا في وحدات الرعاية.. وتُنهي 96 دورة تدريبية    مطار سفنكس يستعد لاستقبال الوفود الرسمية المشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير    "مستقبل وطن" يستقبل وفدًا من السفارة الأمريكية بالقاهرة لتبادل الرؤى حول العلاقات الثنائية والقضايا الدولية    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    رئيس جامعة بنها يتفقد الامتحانات بكلية الهندسة بشبرا    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تامر محسن: كل قضية في «لعبة نيوتن» تصلح لأن تكون مسلسًلا (حوار)
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 05 - 2021

المتابع لأعماله من البداية سوف يرصد شغفه الشديد بمسألة الصدام بين العوالم، منذ أن قدم أولى تجاربه مع الراحل الكبير وحيد حامد «قط وفار» و«بدون ذكر أسماء»، وتجليات العوالم المختلفة تشغله.. وحين بدأ يشتغل بقلمه كتابة وتأليفا، بدا واضحا جدا في «هذا المساء» فكرة الصدام العنيف، ثم أخذت المسألة خطوة أوسع في «لعبة نيوتن» هذا العام، لقد بدأت دائرة صدام العوالم من خلال أشخاص، ثم طبقات اجتماعية، وأخيرًا على مستوى الحضارات، ويكفى مشهد المحاكمة الذي تلقى فيه شخصية «هنا» مرافعتها حول الاختلاف بين تصورها علاقتها بابنها في مصر وعلاقتها به في أمريكا، كدليل على اتساع شغف الصدامية وطموحه.. مع المخرج تامر محسن صاحب «لعبة نيوتن» هذا العام كان لنا هذا اللقاء:
■ متى بدأت اللعبة في التشكل دراميًا؟
- أتصور أن الأمر كله بدأ منذ أن حكت لى إحدى الصديقات عن اللحظة الخاصة بانهيار الأم في المستشفى- والتى أصبحت «هنا» فيما بعد- وعن الوحدة التي أصابتها والانهيار الذي حدث لها ومدى خطورة اللحظة ككل، والتى لم ينقذها منها سوى أن صديقة لها جاءتها مسرعة وحذرتها من أن تصرفاتها ستؤدى بهم إلى أن يتصوروا- في أمريكا- أنها تشكل خطرا على وليدها، وأنهم يجب أن يتدخلوا من أجل أن يحموه منها!. لقد توقفت أمام هذه اللحظة كثيرا لأنها أبعد ما يكون عن ثقافتنا.. نحن نتربى على أن أكبر سلطة على الطفل تأتى من أمه، وأن أحدا لا يمكن أن يتدخل بينهما.. ولكن فكرة مرعبة في أن يصبح هناك من لديه سلطة أكبر على الطفل بمجرد أنه أصبح أمريكى الجنسية!. لقد كانت مرعبة ومدهشة بالنسبة لى في ذلك الوقت، ربما كان هذا بين عامى 2014- 2015، كنت متأثرا جدا بها وفكرت أن أصوغها بأكثر من شكل، ولكنى اضطررت إلى تأجيلها لدواعى الإنتاج بالطبع، ولكن ظل هاجس اللحظة- التي انهارت فيها الأم- يطاردنى، وانضم إليه هاجس آخر عن فكرة تدور حول طفل لديه 4 سنوات تقريبا لديه أم مثل «هنا» وأب مثل «مؤنس»، وخلال السنوات الأولى من عمره عاش مع أمه، ثم انتقل فجأة للعيش مع الأب في عالم وبيئة مختلفين تماما.. دعنى أقل لك إن الأب تزوج من «أمينة» على سبيل المثال، وسافر معها إلى فرنسا، وبينما لم يكن الولد يدرى شيئا عن وجود عالم آخر، وكان يحب عالمه، فجأة انفتحت أمامه نوافذ على عوالم مختلفة كلية، بعد أن كان في بيئة متزمتة تشبه إلى حد كبير بيت «مؤنس» في «لعبة نيوتن». الخلاصة أن كل الهواجس والأفكار كانت تتداخل في رأسى لسنوات قبل أن تبدأ في التماهى سويا والاكتمال ببعضها تدريجيا، أنا لا أحب الشرح ولكن دعنى أصارحك بهمّى الخاص فيما يتعلق بمواقفنا في الحياة واختياراتنا التي قد تبدو وليدة اللحظة أو عفوية، ولكنها في الأساس لو تأملناها فسوف نجدها تختصر تاريخنا بالكامل، ومن هنا يمكن أن ننظر إلى «لعبة نيوتن» على أنه ليس مجرد مسلسل عن الأفعال وردود الأفعال، ولكن عن تاريخ الشخص وماضيه وتأثيره في لحظة ما تافهة أو مصيرية على قراراته وعلاقته بالآخرين.
■ لدى إحساس وأنا متابع لأعمالك منذ البداية أنك شغوف جدا بفكرة صدام العوالم.
- لديك كل الحق، ربما لسببين: الأول أننى أرى أن إحدى سماتنا الثقافية خاصة في التذوق الفنى هي أننا مولعون بالتضاد العنيف، انظر إلى المسلسل نفسه وكيف انقسمت الآراء حوله ما بين محب بتطرف ورافض بقسوة، لقد صاغ الجمهور تحزبات ضد كل من يملك رأيا آخر مخالفا له، حتى على مستوى الأفكار التي ظهرت خلال الأحداث مثل الاغتصاب الزوجى على سبيل المثال، لقد انقسم الجمهور بشكل عنيف حول وجوده من عدمه، وكالوا السباب لبعضهم.. هنا يأتى السبب الثاني؛ كيف لى كفنان لديه هَمّ اجتماعى أن أدعى التعبير عن فكرة أصيلة وسط هذا الانقسام الرهيب بين العوالم المتصادمة، يمكن أن تقول إننى مؤمن جدا بمبدأ أن التضاد يبرز المعنى، من هنا ربما كان ولعى الذي رصدته أنت فيما يخص فكرة صدام العوالم وخروج أشخاص من حيز بيئى إلى آخر بشكل قوى وقاس ومستفز.
■ هل تعتبر أن حدودك كمؤلف هي صياغة القصة بشكل مبدئى.. لكن على مستوى السيناريو فإن ما شاهدناه هو شغل الورشة؟
- لا! لأننى أتعامل مع نفسى كفنان صورة وليس كروائى، أنا لست مهموما فقط بما أحكى، ولكن كيف سأحكيه، منذ اللحظة الأولى فإن اختياراتى هي التي حددت زاوية السرد وشكله، لقد صارحت الورشة من البداية بأننا سننطلق في الحكى من «توافه الأمور» من أبسط التفاصيل والجمل والمواقف، وسنحكى حكاية هؤلاء الأشخاص بهذا الشكل السردى المعقد القائم على تفتيت الزمن فيما يشبه البازل الذي يجبر المتفرج على إعادة ترتيبه مرة أخرى خلال المشاهدة، ومن الممكن أيضا أن تكون لى تعديلات على بعض جمل الحوار، ولكن بالتدريج تصبح الورشة أكثر تورطا منى في الكتابة، خاصة مع بداية مرحلة الإخراج، تماما مثل الممثل الذي يصبح هو أيضا أوعى بالشخصية، لأنها شغله الشاغل طوال الوقت.. أريد أن أؤكد أن كل ما شاهده الجمهور على الشاشة هو مسؤوليتى الكاملة، وفخور بما أنجزته.
■ ألم يكن لديك تخوف من فكرة تفتيت الزمن بهذا الشكل؟
- الخوف موجود طوال الوقت، ولكننى اكتشفت أنه من الأمور الممتعة في هذه المهنة، أحب الخوف النابع من المغامرة الفنية، والمغامرة تعنى أن تقاطع ما قد يضمن رضا الناس عن مسلسلك لصالح أن تُحدث تأثيرا، التأثير هو ما يعنينى، لا أريد أن أحقق لأحد حلمه على الشاشة، أنا لا أريدك كمتفرج أن تجد الشخصية التي تتماهى معها وتعتبرها سفيرك في الأحداث وتطمئن لها وعليها، لا أريدك أن تؤمن أن هناك عدالة على الأرض ولهذا لن أحققها لك على الشاشة كى تستريح وتظل في ركودك النفسى والذهنى، أريد أن أجعلك تواجه أفكارا قاسية ومسببة للضيق، وبأسلوب يجبرك على المتابعة وشحذ الدماغ، إن متعة العمل الفنى هي أن لدينا مساحة للتجريب طوال الوقت. إن أكثر ما يفسد الفن في رأيى هو تلك الآراء التي تخرج من مكاتب الإنتاج بدعوى أن الناس لن تفهم ولن تستوعب، هذه الفكرة كفيلة بأن تجعلنى أتوقف عن العمل.. ما الفن إذا لم تكن لدينا حرية أن نجرب أشياء جديدة وننجح أو نخسر دون أن نجعل النجاح يغوينا أو الخسارة تحبطنا!.
■ مع الحلقات العشر الأولى كان الجمهور مستمتعا بالحكاية وتطورها وتصاعد ردود الأفعال والمفاجآت والقلق، ولكن حين بدأنا نتوغل أكثر في القصة، بدأت الناس تطرح تساؤلات حول موضوعات بعينها: الطلاق الشفوى، الاغتصاب الزوجى وغيرهما حين بدأت تشتغل على المسلسل.. ماذا كان أكثر ما يشغل تفكيرك.. هل هي قضية معينة أو مجموعة قضايا أردت أن توجه القصة ناحيتها، أم أنك كنت مشغولا بالقصة في حد ذاتها؟
- لو كان انشغالى منصبا على القضية، لانتهى المسلسل بلقطة يظهر بها مأذون أو قاض يحكم لصالح أحد الأطراف، أنا أدعى أن كل قضية في «لعبة نيوتن» تصلح لأن تكون مسلسلا في حد ذاته من البداية، والجمهور يبحث عن قضية ليتابعها، في الحلقات الأولى ظهرت آراء حول العمل تخص قضية الهجرة والجنسية الأمريكية، ثم نسى الجمهور تلك الأزمة وانتقلوا مع الشخصيات إلى قضية الطلاق الشفوى، ثم تراجعت بالنسبة لهم وتصدرت النقاشات مسألة الاغتصاب الزوجى، هل تدرك ما معنى هذا؟!.. معناه أن المسألة مرتبطة بالتفاعل والانتقال حسب ما تفرزه القصة وليست مرتبطة بقضية بعينها.. كلمة قضية مزعجة بالنسبة لى، إن ما يعنينى هو سيكولوجية الشخصيات وقراراتهم وأسبابها، وأتصور أننى نجحت نسبيا في هذا الطرح، إن جاز التعبير، وإلا لماذا أجمع المشاهدون على مستوى الوطن العربى كله على أن شخصية هنا «غبية»؟!.
■ متى كانت لحظة العثور على عنوان المسلسل؟
- قبل رمضان بحوالى 3 شهور، كنت أجلس مع ابنى، وفجأة شاهدت اللعبة أمامى، وسألته عن اسمها، وبحثنا سويا عنها باللغة الانجليزية ثم العربية- مهد أو سرير نيوتن- ثم استقررت على الاسم الدارج «لعبة نيوتن». لقد شعرت أن كل الدراما التي تحتشد بداخلى منذ بداية العمل على المسلسل قد تطابقت مع هذا الاسم.
■ لكن الجمهور اعتبر أن العمل من البداية مبنى على قوانين نيوتن الثلاثة، وأفرطوا في تطبيق القوانين على الأحداث، ربما دون دراية أن علم الدراما نفسه قائم على قوانين نيوتن الفيزيائية أو بمعنى أصح يمكن تطبيق القوانين على كل الدراما وكل الشخصيات أيا كان اسم المسلسل!.
- لديك كل الحق، ودعنى ألخص لك المسألة برمتها في موقف صغير، فقد صادفت أحد الأشخاص على تويتر ووجدت له تغريدة موجهة لى فيما معناها أن عنوان العمل لا يحمل أي جهد فكرى، وأنه كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء، وأننا كمتفرجين كنا نحتاج إلى اسم أعمق يظهر طبيعة المسلسل، وليس مجرد عنوان يشبه عناوين البرامج التعليمية أو دروس الفيزياء، والحق أقول إن رأيه أعجبنى.
■ بعد أن تجاوزت الخوف من فكرة تفتيت الزمن، هل راودك شعور بالتخوف من أن الجمهور سيبحث عن شخصية سوية بالمسلسل ليحبها ويتماهى معها ولكن على عكس السائد فإنه لن يجد، بل ربما سيجد نفسه متورطا ما بين كل حلقة وأخرى في مشاعر متناقضة؟
- الخوف لدىَّ مرتبط بالاستمتاع، أنا ضد المستقر في الأذهان، ضد الثابت والتقليدى والمضمون، أنا مع كل ما هو مزعج في الحكى وغير سوى ومعقد نفسيا، وتاريخ السينما والفن نفسه ضد الثوابت والمستقر. انظر كيف كانوا يعبّرون في الماضى عن مشاهد الفلاش باك باستخدام خدعة بصرية تشبه الدوامة لكى يشرحوا للجمهور أن هناك نقلة زمنية.. لو أننا صنعنا هذه الدوامة الآن فالجمهور سيضحك، لماذا؟! لأنه تجاوز هذه الطريقة في الانتقال للماضى، لقد راكم خبرات جديدة في التلقى ما صنع له جسرا مع أساليب السرد المعقدة والأفكار الخشنة والشخصيات غير المحبوبة، كما سبق وذكرت لك أنا لن أمنح المتلقى سفيرا للتماهى معه، لن أشير له على شرير ليكرهه وبطل ليحبه، أصنع له فقط مسافة بينه وبين الأشياء والمشاعر، أمنحه اختبارات قاسية تعصر الشخصيات، فتمر على وجدانه دون أن يضطر إلى مواجهة قسوتها في واقعه. أقول له انظر إلى أفعال الشخصيات وحماقتها، اختبر ردودها الغبية أو السخيفة أو غير المعقولة لأنك تصنع مثلها أحيانا كثيرة، لم أصنع المسلسل بطريقة الحكى التي تجعل الأسرار والمشاعر والتفاصيل تتكشف تدريجيا، بل على العكس، كان المتلقى طوال الوقت على علم بما يدور لكل الشخصيات، حتى يود لو أنه نفذ إليهم وأصلح بينهم أو أوضح لكل منهم سوء الفهم أو الحماقة الحادثة، ولكنه لا يستطيع.. وهذا مثير ومحفز بالطبع.. لهذا اخترت أسلوب الراوى العليم ولم أنحز إلى أي صوت من أصوات الشخصيات، لأن الحكاية لو رويت من عين «هنا» لشاهدنا «حازم» كشيطان، ولو رواها «حازم» لصارت «هنا» امرأة شريرة بلا شك، ولكننى منحتك أيها المشاهد المكانة الأعلى في الحكاية، لكى ترى وتسمع كل ما يدور فتفقد يقينك بالأبيض والأسود، وتصبح لديك قناعة بأن الحياة أعقد بكثير مما تتصور، لأنها تتحرك وفق عقدنا أو عقد الشخصيات وتاريخها المركب.. لقد تصور البعض أن المسلسل يمكن أن ينتهى بمجرد أن تقول تلك الشخصية «حاضر» أو «أنا آسف»، ولكننا لا نفعل هذا في الحياة، إننا ننطلق في سلسلة طويلة من الحماقات والقرارات غير المنطقية بسبب أننا نحسب الأمور في لحظة حدوثها، ولا نضع في معادلتنا أن ماضينا وتركيبتنا النفسية تؤثر بشكل خارق على لحظة القرار.
■ هل استجبت إلى أي ضغوط من أي نوع أو تأثر النص بشكل مباشر أو غير مباشر بما يكتب يوميا؟
- أصارحك القول بأنه للمرة الأولى لا يشكل التفاعل اليومى أي تأثير على العمل، أنا أكره التفاعل، وأجد ما يتعرض له جيلى ظالما جدا، لأننى كصانع دراما لا يجب أن أتأثر برأى الجمهور على الإطلاق أثناء صياغة العمل، وأعترف بأن هذا قد حدث بالفعل أثناء تصوير مسلسل «تحت السيطرة»، كانت تأتينى ومريم نعوم رسائل تهديد صريحة بخصوص مصائر الشخصيات، خاصة «هانيا»، سواء من جمهور المراهقين أو من الأهالى، للدرجة التي اضطررت معها للجلوس مع مريم قبيل الانتهاء من تصوير الحلقات والبحث عن حل لمصير الشخصية يقينًا، عنف التفاعل وشدة التأثر بما يعرض.. وبالمثل في «هذا المساء»، اضطررت لمراجعة الورشة من أجل خطة حريق السينما التي كانت مقرا ل«سوني» والمجموعة.. هذه المرة جرت الأمور كما ينبغى لها، دون تفاعل أو تدخل نتيجة للتعاطى اليومى، وأنا مستريح جدا لهذا مهما كان صادما للجمهور.. أجل، الحياة صادمة وغير عادلة، ولن تغيرها ب«بوست» على الفيس أو تغريدة لتعيد فيها تشكيل أحداث العمل لأنها لا تسير وفق هواك أو تاريخك أو أفكارك.
■ مع كل حديثك عن الصدامية يمكن أن نقول إن «لعبة نيوتن» ألقى حجرا في بحيرة التلقى الراكدة!.. إنه مسلسل ضد الانحيازات التقليدية التي يبحث عنها المتفرج لكى يرفع لافتة القضية التي يتحزب لها أو الشخصيات التي يريد أن يراها كما يتصورها؟
- أنا كصانع عمل لا أريد أن أصنع دراما تشير لك على أي إجابات من أي نوع، ما يشغلنى هو الأسئلة، والأسئلة دوما مثيرة ومحفزة وغير مريحة، للأسف نحن نعانى من فكرة أن هناك أشياء فطرية يمكن أن نستمتع بها دون دراية أو دراسة.. لا، إذا كنت تريد أن تستمتع بالفن أو تتذوق الدراما فعليك أن تدرس الفن أو تتعلم الدراما.. إن تعلم الأشياء يجعلنا قادرين على الاستمتاع بممارستها، حتى الأمور الغريزية نفسها التي نظن أننا نعرف كل شىء عن متعتها- كالجنس على سبيل المثال- في مجتمعنا، نحن لا نتعامل بمنطق أن العلم طريق لمزيد من الفهم والاستمتاع، وهذه كارثة كبرى.
■ أخيرا، ماذا يمكن أن يحرك تامر محسن خلال أعماله المقبلة؟
- الرفض.. إن ما يحركنى وسوف يحركنى دائما هو الرفض، أنا رافض مثلا لأن يقول أحدهم إنه يسمع المسلسل أو الفيلم، أريد أن أصنع له ما يجبره على أن يشاهد ولا يسمع، أنا رافض شكل المسلسلات التقليدى وأساليب الحكى المضمونة والشخصيات ذات اللونين فقط.. إذن سأصنع ما يعبر عن رفضى وأساهم في أن يكون هذا المرفوض مقبولًا فيما بعد، ربما عقب المشاهدة الثانية أو الثالثة.
■ هل تتصور أن الجمهور يمكن أن يعيد مشاهدة «لعبة نيوتن» بعد اللقطة الأخيرة التي تجمع «زى» مع «إبراهيم»؟
- أتمنى أن يُحدث هذا التناص رغبة في إعادة تلقى العمل من منطلقه الأصلى، لقد تصور الجمهور أننا نسينا الطفل «إبراهيم» في الحلقات الأخيرة الأربع.. في الحقيقة أنتم من نسيتموه لأن الشخصيات التهت عنه بعقدها وقراراتها، إن الحكاية كلها هي «إبراهيم» يا سادة، انتبهوا ل«إبراهيم» ولا تنسوه في حياتكم كما نسيه «هنا» و«حازم» نتيجة دوامات الماضى وعقد الطفولة، «ماتخليهوش يشيل الشيلة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.