نتنياهو يفشل فى تشكيل الحكومة.. والأنظار تتجه إلى منافسه «لابيد»

فشل رئيس الوزراء الإسرائيلى المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، فى تشكيل حكومة جديدة إثر الانتخابات التشريعية التى أجريت فى مارس الماضى، وهى الرابعة خلال عامين، وذلك مع انتهاء المهلة الممنوحة له، وأبلغ نتنياهو الرئيس الإسرائيلى، رؤوفين ريفلين، بفشله، ويُتوقع على نطاق واسع أن يقوم الرئيس الإسرائيلى بتكليف زعيم المعارضة يائير لابيد، الذى جاء حزبه الوسطى (هناك مستقبل) فى المرتبة الثانية بعد حزب الليكود بزعامة نتنياهو، على أمل تشكيل الحكومة الجديدة ومحاولة إخراج البلاد من الأزمة السياسية.
وقال مكتب الرئيس الإسرائيلى، رؤوفين ريفلين، فى بيان: «قبيل منتصف ليل الثلاثاء- الأربعاء، أبلغ نتنياهو الرئاسة بعدم قدرته على تشكيل حكومة». وحصل نتنياهو، 71 عاما، والذى يحاكم بتهمة الفساد فى 4 قضايا، على تكليف من ريفلين مدته 28 يوما لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات غير الحاسمة التى أجريت فى 23 مارس، التى كانت رابع انتخابات فى أقل من عامين، ويمكن للرئيس الإسرائيلى تكليف شخصية أخرى أو تمديد المهلة لنتنياهو لمدة أسبوعين إضافيين. وفاز حزب الليكود بزعامة نتنياهو بأكبر عدد من المقاعد فى الكنيست الذى يضم 120 مقعدا، لكن النتائج أوضحت أن تأمين أغلبية برلمانية من 61 مقعدا ليس بالأمر السهل هذه المرة أيضا، وعلى مدى الأسابيع الأربعة الماضية امتلأت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتكهنات بشأن الصفقات المحتملة التى يمكن أن تجعل نتنياهو يمدد رقمه القياسى البالغ 12 عاما متتالية فى السلطة والذى جعله أطول حكام إسرائيل من حيث فترة الحكم، لكن قبل ساعات من انتهاء فترة التكليف، كانت العقبات الأساسية لا تزال أمامه دون تغيير.
وبرز نفتالى بينيت زعيم حزب «يامينا» القومى المتطرف كعامل مرجح فى اختيار الزعيم الجديد، وأبدى بينيت، 49 عاما، تفضيله الانضمام إلى نتنياهو، لكنه قال إنه سيسعى لشراكة مع معارضى رئيس الوزراء لتجنب إجراء انتخابات خامسة، فقبل ساعات من انتهاء المهلة، أعلن نتنياهو أنه عرض على نفتالى بينيت تولى رئاسة الحكومة أولا، وفق مبدأ التناوب، ليبقى اليمين المتطرف فى السلطة، ورد بينيت بأنه لم يطلب من نتنياهو منصب رئيس الحكومة، وقال: «بل طلبت منه تشكيل ائتلاف حكومى، وهو للأسف لا يستطيع ذلك».
كما سعى نتنياهو إلى إقناع بتسالئيل سموتريتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية، للانضمام إلى حكومة تدعمها «الحركة الإسلامية» التى وصف أعضاؤها سموتريتش بأنه «عنصرى»، وحصلت الحركة الإسلامية بزعامة منصور عباس على 4 مقاعد فى الكنيست، وتعرف فى إسرائيل بأنها تمثل الإخوان المسلمين لدى عرب الداخل، فى حين تعهد حزب الصهيونية الدينية بعدم الانضمام إلى تحالف يضم الحركة الإسلامية، وقالت أوريت ستروك، النائبة عن الحزب فى الكنيست لراديو الجيش الإسرائيلى، إن الجلوس مع الحركة الإسلامية الجنوبية «سيجلب حصان طروادة إلى حكومة إسرائيل»، ويعنى «نهاية الصهيونية».
وقال أستاذ العلوم السياسية فى الجامعة العبرية، جايل تالشير، لوكالة الأنباء الفرنسية «إن التوصل إلى اتفاق بين نتنياهو وبينيت محكوم عليه بالفشل، لأن ذلك سيتطلب دعم رئيس حزب (تكفا حدشاه)، أو (الأمل الجديد) بزعامة المنشق عن حزب الليكود جدعون ساعر الذى فاز حزبه ب6 مقاعد فى الكنيست»، لكن ساعر أكد أنه مصمم على إسقاط نتنياهو. وفى حين واجهت محادثاته الائتلافية معوقات كبيرة، طرح نتنياهو أيضا فكرة تمرير تشريع يتيح انتخاب رئيس الوزراء بالاقتراع المباشر، لكن تشريعا مماثلا يحتاج 61 صوتا فى الكنيست، وهو أمر غير مرجح فى ضوء نتائج الانتخابات الحالية.
ويمتلك نتنياهو القدرة على المراوغة من أجل البقاء فى الحكم، وقد يكون مازال فى جعبته مزيد من الأوراق، وكتبت المعلقة السياسية سيما كادمون فى صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن «هذا اليوم لمن لديهم أعصاب قوية.. كالعادة، لا أحد يعرف الخدعة التى ينوى نتنياهو إخراجها من قبعته فى اللحظة الأخيرة».
وقال لابيد قبل فشل نتنياهو رسميا: «حان وقت تشكيل حكومة جديدة، بعد يوم واحد آخر، إذا لم يحدث شىء، سنكون أمام خيارين: حكومة وحدة وطنية إسرائيلية صلبة لائقة وتعمل بجد، أو انتخابات خامسة»، وطُرح اتفاق يقوم على التناوب فى الحكم، بينن بينيت ولابيد على رئاسة الوزراء. وترجع الأزمة السياسية فى إسرائيل بالأساس إلى المشكلات القانونية التى يواجهها نتنياهو، إذ قال بعض الحلفاء المحتملين إنهم لن يعملوا تحت قيادة رئيس وزراء يخضع للمحاكمة.
ويمكن لريفلين استعادة التفويض من نتنياهو، ومنح زعيم المعارضة، يائير لابيد الذى جاء حزبه الوسطى «يش عتيد»، فى المركز الثانى فى الانتخابات، 28 يوما لمحاولة تشكيل حكومة، وفى حال فشل مرشح جديد يختاره الرئيس فى تشكيل ائتلاف خلال فترة 28 يوما يمكن للرئيس مطالبة الكنيست باختيار مرشح خلال 3 أسابيع، وإذا لم يتمكن الكنيست من ذلك ستتوجه إسرائيل إلى انتخابات جديدة ستكون الخامسة خلال حوالى عامين.
ومع إخفاق أطول زعماء إسرائيل فى الحكم، فى كسر جمود سياسى مستمر منذ أكثر من عامين، لا توجد تأكيدات تضمن أن تتمكن أحزاب من خارج حكومة تصريف الأعمال التى يقودها من حل خلافاتها للإطاحة به، بعد فشله فى تشكيل ائتلاف جديد، فلم تتمكن كتلة نتنياهو من الأحزاب اليمينية والدينية من تحقيق أغلبية، كما لم تستطع ذلك كتلة أخرى تريد الإطاحة به، والتى يتعين أن تضم منافسيه من اليمين بالإضافة إلى معارضين تقليديين له من اليسار والوسط لضمان الحصول على أغلبية برلمانية، وسعى كل جانب لمغازلة الأحزاب التى تمثل الأقلية العربية، ونسبتها نحو 20% من سكان إسرائيل، مما قد يعطيها صوتا فى تشكيل الحكومة لأول مرة منذ عقود.
وانتهت مهلة تشكيل الحكومة بعد أيام على مقتل 45 من اليهود المتشددين فى تدافع فى جبل ميرون (الجرمق) بشمال إسرائيل، وفتح تحقيق حكومى فى المأساة التى وصفت بأنها من الأسوأ فى تاريخ إسرائيل، وقال لبيد إن المأساة كان «يمكن تجنبها»، معتبرا أن ذلك يعود فى جزء منه إلى واقع أن إسرائيل «ليست لديها حكومة تعمل على نحو جيد».