«التبغ المُسخَّن».. خداع صحى و«أمني» للمدخنين

فى الوقت الذى تنتشر فيه الإصابة بفيروس كورونا المستجد «كوفيد -19»، حول العالم، تحاول شركات التبغ الترويج لمعلومات مغلوطة ومنتجات جديدة بصور مختلفة للحفاظ على عملائها الذين يخشون على صحتهم ويحاولون التوقف عن التدخين، فى محاولة للحفاظ على أرباحها، وهو ما تقوم به حاليا بالترويج لمنتج جديد تدعى أنه لا يسبب مشاكل صحية مثل التدخين التقليدى وأكثر أمانًا وهو منتج «التبغ المُسخّن»، معتمدة على الترويج له بأنه «مسخن»، ولا يتم حرقه مثل الشيشة والسجائر التقليدية، وهى الادعاءات التى رفضتها المؤسسات الصحية، واعتبرت أن الشركات تتلاعب بعقول وقلوب وصحة المُدخنين سعيًا وراء مزيد من الأرباح.
الكثيرون لا يعرفون ما هو ذلك «التبغ المُسخّن»، هو ذلك التبغ الذى يتم تسخينه إلى 350 درجة مئوية لكى ينبعث منه البخار المختلط بالنيكوتين (أقل من 600 درجة مئوية كما يحدث فى السجائر التقليدية)، وذلك باستخدام نظم تسخين تعمل بالبطاريات، ويُوضع نظام التسخين داخل جهاز، ويمكن أن يتخذ شكل مصدر حرارة خارجيَّا لإخراج رذاذ النيكوتين من السجائر المصممة خصيصًا لهذا الغرض، ويحتاج جهاز التسخين إلى الشحن، ويقوم المتعاطى بسحب الهواء من فوهة الجهاز بفواصل زمنية كى يستنشق كميات من الرذاذ عن طريق الفم، ثم ينتقل هذا الرذاذ إلى داخل الجسم.
منظمة الصحة العالمية أكدت أن «التبغ المُسخّن» منتجات تبغ، وبالتالى يخضع لنصوص وأحكام الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، وعلى وجه التحديد حظر جميع أشكال الإعلان عنه والترويج لأى منتج من منتجاته وبأى وسيلة مضللة، قد تعطى انطباعًا خاطئًا عن خصائصه أو آثاره الصحية، حيث إن الحد من التعرض للمواد الكيميائية الضارة فى منتجات التبغ المسخّن لا يعنى أنها منتجات آمنة أو غير ضارة.
وأشارت المنظمة إلى أنه لا تُوجد أبحاث أو دراسات تؤكد أن منتجات التبغ المُسخّن أقل ضررًا من منتجات التبغ التقليدية، إلا أن بعض الدراسات «المشكوك فى تمويلها»، على حد تعبيرها - زعمت وجود انخفاض واضح فى المكونات الضارة فى هذه المنتجات، مقارنة بالسجائر العادية، إلا أن الحقيقة- وفقًا للمنظمة- أنه لا توجد أدلة حاليًا، تشير إلى أن انخفاض التعرض لهذه المواد الكيميائية يعنى انخفاض خطرها على الإنسان، ومن ثم سيلزم إجراء المزيد من الدراسات المستقلة لإثبات تلك المزاعم.
المثير أن عددًا من المؤسسات الصحية طالبت بالانتباه لنقطة خطيرة، وهى أن جهاز التسخين فى المنتج الجديد «التبغ المُسخّن» توجد به شريحة ذكية تسجل كل ما يتعلق باستخدام المدخن لعيدان التبغ التى تشبه السجائر العادية، وبعد التسجيل ترسلها عبر الإنترنت إلى الشركة المصنعة للجهاز، ما يُعد تعديًا على خصوصية وحقوق المستهلك المصرى وأمنه، ولهذا يجب التشديد على تطبيق منع التدخين فى الأماكن العامة والمغلقة، ومنع تقديم الشيشة فى المقاهى، مع ضرورة تطبيق كل قوانين مكافحة التدخين وبنود الاتفاقية الإطارية على هذا المنتج الجديد والخاصة بمنع الإعلان والترويج لمنتجات التبغ فى الدراما والمحال، وكذلك تطبيق الضرائب المقررة على منتجات التبغ، ومنع البيع والشراء لمن هم أقل من 18 سنة.
وللحيلولة دون ذلك قدمت مؤسسات المجتمع المدنى بلاغات لمجلس الوزراء وحماية المستهلك، ضد منتجات «التبغ المُسخّن»، لترويجها معلومات خاطئة، وجذب الشباب والأطفال فى المولات، وترويج منتجات تبغ بالمخالفة للقانون 85 لسنة 2002، معتبرة أن ذلك تضليل للمستهلك بادعاءات باطلة، وتعدٍّ على خصوصية المدخن بمراقبة استخدامه للتبغ بواسطة الشريحة الإلكترونية فى أجهزة التبغ المسخن، وتعدٍّ على خصوصية وحقوق المستهلك المصرى وأمنه.
وحول مدى مأمونية «التبغ المُسخن» من التبغ التقليدى، أوضحت منظمة الصحة العالمية أنه لا توجد حاليًا بيانات تدل على أن منتجات التبغ المُّسخن أقل ضررًا من مثيلاتها التقليدية، ولكنها تحتوى على مواد كيميائية غير موجودة فى دخان السجائر، وقد تكون لها آثار سلبية على الصحة، لافتة إلى أنه تم تقييم مستقل لبيانات الصناعة أوضح أن منتجات التبغ المُّسخن تحتوى على أكثر من 20 مادة كيميائية ضارة وذات ضرر محتمل، وهى نسبة أعلى بكثير مما هو الحال فى دخان السجائر.
وقالت المنظمة: «منتجات التبغ المُسخّن ليست سجائر إلكترونية؛ إذ تُسخِّن هذه المنتجات التبغ الموجود فيها لتوليد النيكوتين، أما السجائر الإلكترونية فهى تُسخِّن سائلًا إلكترونيًّا قد يحتوى على النيكوتين أو لا يحتوى عليه ولا يحتوى على التبغ فى معظم الحالات». وشددت المنظمة على أن جميع أشكال التبغ ضارة، بما فيها منتجات التبغ المُسخّن، ويُعد التبغ سامًّا بطبيعته ويحتوى على مواد مسرطنة حتى فى شكله الطبيعى؛ لذا ينبغى أن تخضع تلك المنتجات للتدابير التنظيمية المطبقة على جميع منتجات التبغ الأخرى، وفقًا لأحكام اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ.