■ إن ما نشهده اليوم هو حصاد الخلاف والمخاوف بين العسكر والإخوان منذ ثوة 1952 حين استعان بهم الرئيس جمال عبدالناصر ومن ثم انقلب عليهم عام 1954، وأعاد الرئيس أنور السادات فتح باب التعاون والدعم لعبور مرحلة سياسية معينة، وأعاد الانقلاب عليهم مرة أخرى، مما جعل الثأر يتزايد ويزيد من عدد الخلايا النائمة فى النقابات والمؤسسات المختلفة ومنها الأمن والشرطة أيضاً، ويهدد بالانقسام والتخبط، وهذا ما نشهد جزءاً منه الآن.. فقد استعان بهم المجلس العسكرى بعد سقوط مبارك لأنهم الأكثر تنظيماً وتأثيراً، فلم يكن متوقعاً تسليم الحكم للشارع الذى لم يكن مؤهلاً وبلا رأس ولا تنظيم موحد واضح.. واستمر تبادل الغزل والمصالح بينهما وأصبح كل منهما متربصاً للآخر.. فلن يلدغوا للمرة الثالثة من الجيش، ولن يسمح الجيش بسيطرة هذا الطرف أو الآخر عليه.. وبدأ التنافر يظهر من خلال استغلال الشارع وإظهار القدرات على المشهد السياسى.. وتناسى الجميع أن هناك شباباً يشكل طرفاً ثالثاً هو الأساس الأول فى تغيير وتطوير المشهد.. الذى تحول إلى معركة بين ثلاثة أطراف على الساحة: المؤسسة العسكرية وجناح الإخوان والسلفيين، وشباب الثورة الغاضبون، بعد «تسعة شهور حمل» ولدت لنا فوضى وانتهاكاً لحقوق الإنسان وتخبطاً داخل الشرطة والمجلس العسكرى. ■ ومن هنا جاء الإصرار على عنوان المقال للمرة الثالثة لصعوبة إيجاد شهادة بناء وتغيير جديدة لهذا الوطن.. فتغيير الشعب هو الأسهل كمطلب والأفضل، لأن تغيير الوطن أصبح من المستحيل.. فهذا التخبط المستمر خلال المرحلة الانتقالية جعل مصر أمام ثلاث جمهوريات: جمهورية التحرير وجمهورية العباسية والجمهورية الصامتة التى تتابع الفضائيات وتلعن حظها والزمان. فأمامها ثلاث حكومات الآن: حكومة «شرف» لتصريف الأعمال، وحكومة «البرادعى» للثوار، وحكومة «الجنزورى» التى أقرها المجلس العسكرى، وهناك عدد من الضحايا والشهداء يزداد من الشباب والشرطة والجيش، وانفراط للعقد الاجتماعى وسقوط هيبة الدولة وضياع حق الثواب والعقاب.. فقط مليونيات ودعوات لمظاهرات واعتراضات متكررة تزيد من الاحتقان فى الرأى العام مع التعنت لكل طرف أمام الآخر على حساب هذا الوطن الضائع. ■ تدخل الأيادى الخارجية أو التمويل أو البلطجية، فهذا لا ننكره ولكن على الجميع إثباته أو توقيفه حتى لا نجد حالة التخوين والاتهام تطال المخلصين والقائمين على حماية الوطن، ربما الإصرار على الانتخابات سريعاً هو الأفضل الآن للانتقال لمرحلة أخرى وربما سندفع ثمناً كبيراً لعدم وضع الدستور أولاً.. ونجد أن كلاً من المجلس العسكرى والإخوان وباقى الشعب، يدفع الثمن لاختياراتهم، فإن التراجع عن الخطأ أحياناً يمثل فضيلة، خاصة لو كان الثمن ضياع هذا الوطن. ترى من هو الشخص القادر على لعب دور همزة الوصل بين الأطراف واستعادة الثقة بينها. هل هو زعيم أم حزب أم شخص يحمل المصداقية والثقة والاحتراف السياسى.. حتى الآن هو غير متوافر.. والوطن فى حالة انحدار فهل من مجيب للدعاء غيرك يا رب العباد، أعد إلينا صوت العقل والانتماء واحفظ البلاد من الانقسام. [email protected]