أزمة عقار «هيدروكسي كلوركين» في علاج كورونا.. السياسة في مواجهة العلم (تقرير)

تستمر المناقشات الحادة بين علماء فرنسا من جهة وأمريكا ووكالة الأدوية الأوروبية من جهة أخرى حول فعالية دواء الكلوروكين في فعاليته ضد فيروس كورونا.
العالم الفرنسي الشهير، البروفيسور «ديدييه راؤول»، المدافع الأول عن دمج عقاري «هيدروكسي كلوروكين» و«أزيثروميسين» لمحاربة «كورونا المستجد»، انتقد بشدة عالم أمريكي يعارض علاجه، بعد ان استشهد الأخير بدراسة أمريكية أولية نشرت الثلاثاء الماضي، خلصت إلى أن «هيدروكسي كلوروكوين» مع أو بدون «أزيثروميسين»، غير فعال ولم يثبت نجاحه.
وأكد مدير الهيئة الحكومية الأميركية المكلفة بتطوير علاجات ولقاحات ضد فيروس كورونا المستجد، ريك برايت، أمس الاول، أنه أُقيل من منصبه لأسباب سياسية، بسبب معارضته لاستخدام واسع للكلوروكين، الدواء الذي يتفاخر به الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمعالجة المصابين بكورونا.
وكان «برايت» يدير حتى وقت قريب هيئة البحث والتطوير الطبية المتقدمة، شريكة مؤسستين تطوران لقاحات ضد كورونا، قبل نقله إلى المعاهد الوطنية للصحة.
ووفق صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن برايت يعتقد أن نقله جاء بسبب إصراره على أن تستثمر الحكومة مليارات الدولارات التي خصصها الكونجرس لوباء «كورونا» في أدوية مؤكدة ومثبتة علمياً وليس في أدوية ولقاحات وتكنولوجيات أخرى بدون قيمة علمية، موضحاً أنه ينبغي على الدولة في أوقات الأزمات الصحية أن يقودها العلم وليس السياسة .
وروى أنه عارض المسؤولين في وزارة الصحة المعينين من جانب الرئيس، بشأن الكلوروكين والهيدروكسيكلوروكين، وهما عقاران قديمان ضد الملاريا يستخدمهما أطباء ضد كورونا لكن من دون أن يكون هناك حتى الآن دراسات سريرية تثبت فعاليتهما، ورغم مخاطر حصول مضاعفات في القلب.
وندد بإقالته في وقت تفشي الوباء العالمي وحذر من أنه سيطلب من المفتش العام للصحة التحقيق بشأن الطريقة التي سيست فيها الإدارة عمل الهيئة التي كان يرأسها ومارست ضغوطاً عليه وعلى علماء آخرين ضمائرهم حية – على حد قوله- من أجل تمويل شركات لديها علاقات سياسية.
وأوصت لجنة خبراء أميركيين تشرف عليها المعاهد الوطنية للصحة يوم الثلاثاء الماضي، الأطباء بعدم معالجة المصابين بفيروس «كورونا» بالعلاج المزدوج الذي يجمع بين عقاري هيدروكسيكلوروكين وأزيتروميسين، والذي روج له الطبيب الفرنسي المعروف ديدييه راوول.
وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بادئ الأمر بهذا العلاج المزدوج واصفا إياه بأنه «هبة من الله»، لكنه لم يعد يأتي على ذكره مؤخراً بعد الجدل الدائر بشأنه والنتائج المقلقة التي تحدث عنها أطباء، خصوصاً الدكتور أنتوني فاوتشي مدير معهد الأمراض المعدية والمسؤول في خلية الأزمة المكلفة مكافحة كورونا المستجد في البيت الأبيض.
وتساءلت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية،: هل ديدييه راؤول محق في الحديث عن أن ما يروج له العالم الأمريكي برايت وعن دراسته ب«الأخبار زائفة».
وأوضح «راؤول» أن الدراسة تم نشرها يوم 21 ابريل وتحتوي على تحيزات رئيسية بأن الدواء لابد وأن يخرج من أمريكا وهذه سياسة طبية غير متوافقة مع العلم في كل الاحوال.
ولكن وفقا لصحيفة «لاكسبريس» الفرنسية، فإن هناك تساؤلات وضعتها وكالة الأدوية الأوروبية عن نهاية الآمال لهذا اللقاح، حيث حذرت الوكالة، من أن الكلوروكين المضاد للملاريا وأحد مشتقاته، الذي روج له بشكل خاص الرئيس الأمريكي ترامب والبروفيسور ديدييه راؤول كلقاح للفيروس، له آثار جانبية خطيرة.
وقالت الوكالة التي مقرها أمستردام في هولندا، إن التأثيرات المفيدة للكلوروكين والهيدروكسي كلوروكين لم يتم إثباتها بعد. بل من المحتمل أن تتلف الخلايا العصبية وتزيد من معدلات مميتة لضربات القلب خاصة وان تم تناولها بجرعات عالية مع الأيزيثروميسين.
كما حذرت الوكالة من أن هذه العلاجات قد تسبب أيضًا مشاكل في الكبد والكلى، وتلفًا في الخلايا العصبية التي يمكن أن تسبب النوبات القلبية ونقص السكر في الدم. مشيرة إلى أن البيانات من الدراسات السريرية لهذه العلاجات لا تزال محدودة للغاية وغير حاسمة ولم يتم إثبات الآثار المفيدة لهذه الأدوية على مرضى فيروس كورونا.