«المسكن ولقمة العيش.. عاملان أساسيان لا ثالث لهما لضمان حياة كريمة لأى مواطن وبدونهما يفقد الاستقرار وضياع أحدهما يجعل الحياة شبه مستحيلة».. بهذه الكلمات بدأ سكان «غيط الغرافى» بحى المنتزه أمام مستشفى الصدر، كلامهم عما يتعرضون له من تهديدات يتلقونها من هيئة الأوقاف، بهدم منازلهم، وسحب الأرض منهم لإنشاء مدينة إسكان مبارك عليها. قال إبراهيم عبدالحميد «مقاول»: «الأرض التى نسكن عليها المعروفة باسم (غيط الغرافى) ليست ملكاً للأوقاف، وسبق أن أحضرنا تقريراً من هيئة المساحة يؤكد ذلك، وعقدها مسجل باسم «عمراوى»، والأوقاف كان لها قرار بشطب حق الاختصاص من خلال اللجنة التى شكلت عام 2006 من الإدارة نفسها، وأصدرت قراراً بعدم ملكية الأرض رقم 58 ولا تدار بمعرفة (الهيئة)». وأضاف: «إن القلق الذى انتاب أهالى الحى فى الفترة الأخيرة، جاء نتيجة الدراسة الأمنية التى ذكرت أن 86 بيتاً و6 أكشاك ومسجداً ضمن الأرض تقرر أن يقام عليها مشروع إسكان مدينة مبارك، وتوجهنا إلى المجلس المحلى للمحافظة لمقابلة الدكتور طارق القيعى، رئيس المجلس، لافتاً إلى وجود 3 دعاوى قضائية قام برفعها ما يقرب من 45 أسرة تسكن هذه المنطقة لإثبات أحقيتنا فى الأرض». وقال عبدالعزيز السيد «سائق»: «اشترينا الأرض بعقد بيع وشراء موثق من (العمراوية) منذ 6 سنوات، متسائلاً: لو هذا الكلام صحيح كما يزعمون -هنروح فين إحنا وأولادنا- بعد أن قالوا لنا إن وضعنا غير قانونى؟.. وعرفنا أن الوضع القانونى الصحيح لضمان حقوقنا هو عمل إجراء يسمى (الاستبدال) وبالفعل بدأنا فى إنهاء إجراءات الاستبدال لكن أحداً لم يستجب، مضيفاً أن سبب مخاوفنا ينبع من منعنا من مزاولة حقوقنا المشروعة داخل بيوتنا، لأننا ممنوعون من إدخال شوية رملة علشان نصلح أى شىء داخل منازلنا، وحتى السور الذى نسعى لبنائه ممنوع، حيث يقوم أحد «الخفراء» بالتصدى لهذه الأعمال بالمنطقة ككل». وتابع محمود عثمان «موظف»: «قدمنا طلبات استبدال لشراء الأرض حتى يكون وضعنا سليماً لكنهم رفضوا، وأوضح أن هيئة الإسكان معنية بالأمر، رغم أن الدكتور طارق القيعى، رئيس المجلس المحلى بالمحافظة، قال لنا: إن الأرض لا يوجد لها أى قرار لإنشاء أى مشاريع عليها، ولكننا سمعنا من داخل (الأوقاف) أن هناك نية للحصول على الأرض وإهدائها للمحافظة لإنشاء مشاريع عليها، وهو السبب الرئيسى وراء حالة الرعب والقلق التى تنتابنا فى ظل توقف مصالحنا، لأن الهيئات المعنية تقوم برفض استخراج عدادات الكهرباء والمياه، وقمنا بعمل مسح على الأرض بتكلفة 30 ألف جنيه، بعد أن رفضت الأوقاف القيام به». وتقدم حسين خاطر، عضو المجلس المحلى للمحافظة، بطلب إلى الدكتور طارق القيعى، رئيس المجلس، حول ما اعتبره تعدياً من جانب المواطنين على الأرض المخصصة لإسكان شباب مبارك الواقعة أمام مستشفى صدر المعمورة بمساحة 15 فداناً. وذكر تقرير لجنة المجتمعات والتوسعات العمرانية أن الأرض المذكورة صدر لها قرار تخصيص من هيئة الأوقاف بموافقة وزارة الزراعة لإسكان شباب مبارك إلا أن المحافظة تأخرت فى تسلمها من الأوقاف لاستغلالها للغرض المخصص لها. وأشار التقرير إلى أن «الهيئة» رصدت نحو 76 تعدياً على الأرض ممثلة فى بعض المبانى، لافتاً إلى قيام حى المنتزه بمخاطبة مديرية الأمن لعمل الدراسات الأمنية لتنفيذ قرار الإزالة إلا أنها لم تتم لرفض المتعدين إخلاء وحداتهم لحين توفير أماكن بديلة، حسبما ذكر التقرير. وطلب «الحى» من الأوقاف عمل سور من الصاج ووضع حراسة لمنع أى تعديات عليها لحين تنفيذ قرار الإزالة. وأوصت «اللجنة» بإزالة التعديات الواقعة على الأرض وحمايتها وإدراجها ضمن مشروعات إسكان مبارك. ومن جانبه، ألمح المهندس محمد منير، وكيل منطقة هيئة الأوقاف، إلى ما وصفه ب«مافيا الأراضى» وبناء أكشاك وعشش اعتبرها مخالفة للقانون، وقال: هذه الأرض مخصصة لمشروع إسكان مبارك للشباب، إلا أن الهيئة «لاتستطيع» تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة بحق هذه المبانى «المخالفة» بسبب سيطرة «البلطجية» عليها وعدم وجود قوات أمن كافية للتصدى لهم. وأضاف: «حاولنا رفع مساحة الأرض أكثر من مرة لعمل رسومات المشروع، إلا أن الهيئة لم تتمكن من دخول الأرض، وقام (المتعدون) على الأرض بالاعتداء على مهندسى الهيئة». وتابع: «التعديات بشكل عام مشكلة تواجه هيئة الأوقاف فى غالبية الأراضى المتعدى عليها، خاصة أننا لا نعرف كيفية تنفيذ قرارات الإزالة، بسبب عدم وجود قوات أمن كافية»، لافتاً إلى أن التعديات تتركز فى الغالب على الأراضى الزراعية. وأشار إلى أن الهيئة تواجه نفس المشكلة مع سكان كبائن الأوقاف، المبنية أمام قصر المنتزه بسبب «ادعائهم» ملكية هذه الأراضى ورفضهم تسلم عمارات الإحلال التى أنشأتها الهيئة أمام القصر. واعتبر منير أن أغلب المشاكل والتعديات الموجودة على الأراضى التى تملكها الهيئة نابعة من «جهل» من يشترى بعقود اعتبرها «وهمية» قام بإعطائها من «لا يملك لمن لا يستحق» وفق تعبيره. وكان سكان كبائن المنتزه اتهموا فى وقت سابق الهيئة بأنها «تجبرهم» على الخروج من الأراضى التى يعتبرونها ملكاً لهم، وقالوا إنها مخصصة من قبل الملك فاروق لحاشيته، وورثوها عن أجدادهم، فيما تحاول الجهات الأمنية والهيئة إخراجهم منها، وتحويلهم إلى سكن الإحلال، الذى يرفضه السكان، بسبب ما وصفوه ب«إهدار حقوقهم»، وتقليص المساحات التى يمتلكونها فعلياً.