أنهت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد جلستها الأحد بعد أن استكملت الاستماع لأقوال الشاهدين الثامن والتاسع فى قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى وستة من كبار مساعديه ومعاونيه السابقين والحاليين . وينتظر أن تستكمل المحكمة جلساتها الأحد القادم لسماع أقوال المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى شأن الوقائع التى تتصل بأحداث قتل المتظاهرين السلميين خلال أحداث ثورة 25 يناير . واستمعت المحكمة الى الشاهد الثامن المقدم عصام حسنى عباس الضابط بالادارة العامة لشؤون المجندين الذي أكد أنه تم اتخاذ اجراءات وتدابير أمنية غير مسبوقة لقمع التظاهرات في أيام الثورة الأولى وفض تجمعات المتظاهرين بالقوة وعدم تمكينهم من الاحتشاد. وأشار الشاهد في معرض رده على اسئلة المحكمة ان الاصابات التى لحقت بالمتظاهرين وتوفي بسببها البعض الاخر تتفق وكمية الاسلحة الموجودة بوسط القاهرة بالمقار الامنية ومديريات الأمن وأقسام الشرطة. وأكد الشاهد أن الإصابات التى لحقت بالمتظاهرين وحالات الوفاة بينهم في الميادين العامة والمحافظات وميدان التحرير جاءت جراء استخدام أسلحة الشرطة وقوات الأمن المركزي .. لافتا إلى أن الإصابات الأخرى وحالات الوفاة أمام أقسام الشرطة جاءت بعد تصدى القوات لهم للحيلولة دون اقتحام تلك الاقسام وسرقة السلاح منها واتلاف مستنداتها ومعداتها. وأضاف الشاهد أن الإصابات التى لحقت بالمتظاهرين وسقوط أعداد منهم قتلى قبل انهيار الجهاز الامنى إنما جاء في ضوء استخدام أسلحة الشرطة سواء أثناء هروب تلك القوات من تجمعات المتظاهرين الغاضبين أو اثناء التصدى لاقتحام الاقسام . وذكر الشاهد ان المواقيت التى شهدت وقوع قتلى وجرحى بين المتظاهرين يوم 28 يناير يختلف في شأنها ما اذا كانت قوات الشرطة وتشكيلات الأمن المركزي هم وحدهم الذين اطلقوا الأعيرة النارية والخرطوش صوب المتظاهرين أو إذا كان هناك آخرون ايا كانت صفتهم قد اقدموا على إطلاق النيران ضد المتظاهرين . وأوضح انه اعتبارا من عصر يوم الجمعة 28 يناير بدأت عمليات اقتحام أقسام الشرطة وبدأ السلاح في مخازن واقسام الشرطة يخرج من العهدة ويتم تداوله بين أيدى المواطنين والأهالي .. مشيرا إلى أن اقتحام أقسام ومراكز الشرطة تم بمعرفة المحبوسين فيها بمعاونة ذويهم والأهالي . وأضاف إن عمليات اقتحام أقسام الشرطة انطوت على سرقة الأسلحة والأثاث والمعدات والأجهزة فيها علاوة على حرق تلك الأقسام والمراكز.. مشيرا إلى أنه تم حرق 59 قسم شرطة بصورة كلية وسرقة كافة محتوياتها فيما شهد عدد 52 قسم شرطة حريقا جزئيا مع سرقة كافة محتوياتها ايضا. وذكر الشاهد أن متخذى القرار الأمني وهم القيادات الأمنية التى اجتمع بها الوزير يوم الخميس 27 يناير وفي مقدمتهم اللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، واللواء عدلى فايد مدير مصلحة الامن العام ، واللواء اسماعيل الشاعر مدير امن القاهرة ، واللواء احمد رمزي رئيس قوات الامن المركزي بجانب اللواء حسن عبد الحميد مساعد اول الوزير لقوات الامن ومندوبي شئون الافراد وغيرهم كانوا على علم مؤكد اثناء مناقشتهم لخطة التصدى للمظاهرات يوم الجمعة 28 يناير وأن التدابير الامنية وحشد القوات وطبيعة تسليحها التى اقرت في ذلك الاجتماع كانت ستؤدي حتما إلى سقوط قتلى وجرحى . وأوضح الشاهد أن تلك القيادات بما لها من خبرات أمنية طويلة باعتبار أنهم جميعا تجاوزوا سن ال 60 كانت على دراية كاملة ومعلوم لديها علم اليقين أن اتخاذهم هذه القرارات سيفضى إلى ما لا يحمد عقباه وأن مواجهة المتظاهرين يوم الجمعة سينتج عنها بما لايدع مجالا للشك وقوع قتلى وجرحى سواء من المتظاهرين أو قوات الأمن. وأشار إلى أن قوات الأمن المركزي وتشكيلات الأمن كانت في حالة إرهاق شديدة كونها لم تذق طعم النوم على مدى أكثر من ثلاثة أيام منذ بدء الاستعدادات قبل يوم 25 يناير. وأكد أن حالات قتل المحتجين والمتظاهرين في محافظة السويس كانت بدأت اعتبارا من يوم 25 يناير على أيدى قوات الامن ولم تحرك القيادات الامنية ساكنا لايقاف ذلك وهو ما يؤكد مسؤوليتها. وقال الشاهد ان الخطة الامنية المحكمة التى وضعت وتم الاتفاق عليها باجتماع الوزير بمساعديه يوم الخميس 27 يناير لم يسبق ان تم العمل بتدابيرها وتفاصيلها على مدى 19 عاما ماضية تمثل فترة خدمته بوزارة الداخلية. وأوضح ان الخطة انطوت على اخفاء كافة سيارات الشرطة التى لم تكن معنية بمهاجمة المتظاهرين ومنها عربات وسيارات ادارة شؤون المجندين وكذلك سيارات الوزارة والوزير وباقى سيارات مجمع التحرير والادارات المختلفة بالاضافة إلى استدعاء جميع الضباط في قطاع الأمن المركزي خلال العام السابق وانتدابهم للقطاع يوم تظاهرات الجمعة . وأشار الشاهد إلى أنه تم استدعاء سيارات من طراز «بيك اب» و«بوكس» للانخراط في الخدمات يوم الجمعة 28 يناير من المصالح والادارات لتعزيز قوات الأمن المركزي وقطع خدمات الرسائل النصية القصيرة في الهواتف المحمولة اعتبارا من عصر يوم الخميس ثم قطع خدمات الانترنت والهواتف المحمولة اعتبارا من فجر الجمعة على مستوى العاصمة. وقال ان القرار الذي تمخض عن اجتماع الوزير ومساعديه للتصدى للتظاهرات والمحتجين يوم الجمعة كان قرارا خاطئا من الناحية الامنية ...مشيرا إلى أن الأوامر خرجت من غرفة عمليات قوات الأمن المركزي لتطالب الضباط بفض المظاهرات وعدم تجميع مظاهرة اخرى وان احد النداءات من غرفة العمليات انطوت على التعامل مع المتظاهرين دونما الرجوع الى غرفة العمليات. وذكر الشاهد أنه على ضوء ذلك تقدم ببلاغ الى النائب العام مطالبا التحفظ على الاسطوانة المدمجة التى تحتوي على مكالمات غرفة عمليات الأمن المركزي وكذلك الدفاتر الخاصة بالغرفة واومر العمليات والخدمات الصادرة من مديريات امن القاهرة والجيزة وحلوان واكتوبر وقطاع الامن المركزي لتحديد موقع كل ضابط في كل منطقة وتحديد االمسئوليات والخطة التى وضعتها القيادات الامنية. وأشار الشاهد الى أن استخدام القوة النارية يخضع الى تقييم القيادة الامنية ووفقا للمعلومات الامنية المتاحة ..مؤكدا ان التدابير والاجراءات التى تم اتخاذها يوم الخميس 27 يناير تشير بجلاء الى ان الدفع بالقوات لمواجهة تلك التظاهرات ستؤدى الى حدوث قتلى وجرحى. وقال انه استقى معلوماته في شأن الخطة الامنية واجتماع حبيب العادلى بمساعديه من اللواء حسن عبد الحميد مساعد الوزير لقطاع قوات الامن والتدريب ومن واقع مشاهدته لعمليات فض التظاهرات عبر الفضائيات وما صاحبها من قوة مفرطة علاوة على تحليله الشخصى للتحركات التى سبقت يوم الجمعة 28 يناير. وعقب المحامون من هيئة الدفاع عن المتهمين على اقوال الشاهد .. معتبرين انه لم يسمع او يرى عن المعلومات التى تحدث عنها وان كل معلوماته نقليه او تخضع للاستنتاج والتحليل الشخصى باعتبار انه لم يكن ضمن القطاعات والادارات التى شاركت في تفاصيل الاحداث التى جرت اعتبار من 25 يناير. كما استمعت المحكمة إلى شهادة اللواء حسن عبد الحميد أحمد فرج، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن والتدريب وقال الشاهد التاسع اللواء حسن عبد الحميد مساعد أول وزير الداخلية لشؤون الأمن إن العادلي نقله إلى مديرية أمن القاهرة يوم 27 يناير لرفضه تدابير الوزير لقمع المتظاهرين. واضاف أن استخدام القوة المفرطة من جانب الشرطة ضد المتظاهرين تم في اليوم التالي لنقله من الوزارة إلى مديرية أمن القاهرة والذي سمي جمعة الغضب. وتساءل «كيف يتم استخدام القوة المفرطة مع متظاهرين سلميين؟» وأقر بإطلاق طلقات خرطوش على المتظاهرين عن قرب «مما أدى إلى وفاة عدد منهم.» وقال عبد الحميد إن من بين أشكال القوة المفرطة في قمع المتظاهرين استخدام السيارات المدرعة لفض المظاهرات. وقال عبد الحميد إنه حضر اجتماعا دعا إليه العادلي مساعديه يوم 27 يناير وأمر خلاله مساعده لقوات الأمن المركزي أحمد رمزي المتهم في القضية بمنع المتظاهرين من الوصول إلى ميدان التحرير في جمعة الغضب. وأضاف الشاهد «أمر الوزير بغلق جميع المحاور المؤدية إلى ميدان التحرير باستخدام العربات ناقلة الجنود.» وتابع الشاهد أنه اعترض على أمر الوزير قائلا «ألف باء تأمين المظاهرات هو إبعاد السيارات عن مكان التظاهر... خاصة إذا كانت أعداد المتظاهرين كبيرة» الأمر الذي حدا بالوزير إلى القول «انقلوا حسن لمديرية أمن القاهرة» حسبما قال الشاهد للمحكمة. وقال عبد الحميد إن العادلي سأل رمزي «يا احمد هتسد ولا انزل الجيش؟» واضاف أن رمزي رد قائلا «لا يا فندم هاسد.» وتابع الشاهد أن الوزير كان يتلقى مكالمات تليفونية خلال الاجتماع لكنه لم يعرف المتحدثين إليه. وتابع أن إحدى المكالمات استغرقت عشر دقائق تقريبا.