بالأمس عرضت رواية رائجة فى الإسكندرية وعلى مواقع الإنترنت، حول مصرع الشاب خالد سعيد، وما صاحب هذه الروايات من اتهامات مباشرة لقوة من مباحث قسم سيدى جابر بقتله بعد الاعتداء المبرح عليه بالضرب، وما دعم هذه الرواية صورة بشعة للشاب بعد مفارقته الحياة تبدو فيها آثار كدمات على الوجه، وتشويه فى الفكين وأسفل الرقبة. ولأن الحقيقة فى زماننا أصبح لها أكثر من وجه، ذهبت روايات شهود العيان المنشورة فى الصحف فى اتجاه، وتصريحات المصادر الأمنية حول الواقعة فى اتجاه آخر، فبينما يركز أهل الضحية وأصدقاؤه على رسم صورة ملائكية للراحل، رسمت وزارة الداخلية صورة سوداء له، وأظهرت «ما قالت» إنه سجل إجرامى للشاب من المخدرات إلى السلاح الأبيض إلى التعرض للإناث، وأخيراً الهروب من الخدمة العسكرية. لكنك يجب ألا تهتم كثيراً بالسيرة الذاتية للشاب، بقدر ما يجب أن تهتم بواقعة موته، فلو كان عتيداً فى الإجرام لا يجوز أن يقتل، وأى سجل إجرامى له لا يبرر الاعتداء عليه، لكن واقعة موته ذاتها تسير فى اتجاهين متناقضين تماماً، أحدهما يمكن أن تسميها الرواية الشعبية، حيث أهله وأصدقاؤه وشهود العيان، وتقول إن القوة الأمنية اعتدت عليه فى «كافيه» بقسوة شديدة حتى لفظ أنفاسه، والثانية «رسمية» تقول إنه حاول إخفاء مواد مخدرة كانت معه ببلعها فمات بالاختناق. صباح أمس تلقيت اتصالين حول هذا الموضوع، الأول من صديق للضحية يؤكد الرواية الأولى، ويقول إن شهود عيان أكدوا له حدوثها، فيما ينفى عن صديقه تهمة تعاطى المخدرات، كما ينفى معرفته بأى سجل إجرامى له. والاتصال الثانى من مسؤول بارز بالعلاقات العامة بوزارة الداخلية يتبنى الرواية الرسمية بالطبع، ويستند إلى تقرير الطب الشرعى، الذى يؤكد أن الاختناق سبب الوفاة، والنيابة التى صرفت المتهمين من السراى. لكننى سألت المسؤول الأمنى السؤال الذى يتبادر إلى ذهن كل من شاهد صورة خالد بعد الوفاة والمنشورة على الإنترنت، إذا كان مات بالاختناق فمن أين جاءت كل مظاهر التعذيب على وجهه تلك، فقال الرجل إن تقرير الطب الشرعى أكد وجود كدمات تحت العين نتيجة الاشتباك بين المتهم والقوة الأمنية، لكنه فسر بشاعة الصورة بأنها التقطت للجثة بعد تسليمها لذويه، وبعد أن خضعت للتشريح، وطبيعى أن تكون هناك آثار من الفكين إلى الأسنان وحتى القصبة الهوائية بسبب التدخل لاستخراج لفافة المخدر التى بلعها. هذا ما قاله الرجل فيما يخص صورة الضحية التى ظهرت عليها آثار بشعة، وربما انفعل بها أهله فوزعوها، معتقدين أنه تعرض للتعذيب، هذه على الأقل وجهة نظر رسمية فى الأحداث، أنشرها اليوم احتراماً لحق الرد، واحتراماً لك، فإذا أردت أن تنتظر أن يفصل القضاء بين الجانبين لتظهر الحقيقة، وإذا أردت فلتستفت قلبك، لكن المؤكد أن فى القضية حقاً ضائعاً، إما حق خالد ودمه وعمره، أو حق الأمن وسمعته وشرفه، وتذكر دائماً: «لعن الله قوماً ضاع الحق بينهم»..! [email protected]