ميناء دمياط يستقبل 12 سفينة خلال 24 ساعة ويشهد تداول أكثر من 53 ألف طن من البضائع    جيروزاليم بوست: سلاح الجو الإسرائيلي يستهدف موقع فوردو النووي الإيراني    سماع دوي انفجارات جديدة غربي طهران مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على إيران    إسرائيل تشرع بتجنيد قوات احتياط عقب بدء عدوانها على إيران    كأس العالم للاندية.. كل ما تريد معرفته عن المجموعة الخامسة    حقيقة تقرير أيمن الرمادي عن المستبعدين في الزمالك    تحريات مكثفة لكشف ملابسات العثور علي جثة بالشيخ زايد    تامر حسني يطمئن الجمهور على نجله: الوضع مستقر بعد العملية الثانية    كأس العالم للأندية.. ميسي يقود تدريبات إنتر ميامي قبل مواجهة الأهلي    مانشستر سيتي يخفض أسعار تذاكر مبارياته في الموسم الجديد    لويس دياز يلمح لانتقاله إلى برشلونة    غدا، نظر دعوى تكليف أطباء الأسنان وتعيينهم بعد التخرج    عاجل.. سماع دوي عدة انفجارات ضخمة غربي طهران    الأحد بالمجان.. قصور الثقافة تطلق عروض التجارب النوعية المسرحية في الغربية    مراسلة القاهرة الإخبارية: حالة استنفار غير مسبوقة داخل إسرائيل وسط ترقب رد إيرانى    هل زيارة المريض واجبة أم مستحبة؟.. عالم أزهرى يجيب "فيديو"    دفعة جديدة من أطباء الجامعات تصل العريش.. عمليات وكشف مجاني ضمن بروتوكول التعاون الطبي    علامات إذا ظهرت على طفلك يجب الانتباه لها    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا السبت 13-6-2025    يوفنتوس يجدد عقد مدربه إيجور تيودور حتى 2027    ميناء الإسكندرية يستقبل أولى رحلات "WAN HAI" وسفينة "MAERSK HONG KONG" في إنجاز مزدوج    "حلال فيك" ل تامر حسني تتخطي ال 7 مليون مشاهدة فى أقل من أسبوع    الأحد.. انطلاق المعرض العام للفنون التشكيلية في دورته ال45    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكان بالمقصد المصري    مصرع شاب في حادث دراجة بطريق الفيوم الزراعي.. نزيف بالمخ أنهى حياته قبل الوصول للمستشفى    وداع قاسٍ من الربيع.. إنذار جوي بشأن حالة الطقس الأسبوع المقبل ب القاهرة والمحافظات    رسميًا.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للعاملين بالدولة    وزيرة التخطيط تبحث مع سفير بريطانيا تنويع آليات التمويل للقطاع الخاص    بالتعاون مع الازهر الشريف .. " أوقاف مطروح " تطلق أكبر قافلة دعوية للمساجد    بعد استهداف "نطنز" الإيرانية.. بيان عاجل لهيئة الرقابة النووية المصرية    مطار شرم الشيخ يستقبل رحلات محوّلة من الأردن بعد إغلاق مجالات جوية مجاورة    دموع على الكوشة انتهت بتعهد.. النيابة تُخلي سبيل والدي عروسين الشرقية    طعنوه وذبحوه داخل الحظيرة.. العثور على جثة مزارع غارقة في الدماء ببني سويف    أستاذ بالأزهر يعلق على قانون الفتوى الجديد: أمر خطير ومسؤولية عظيمة    خطيب المسجد النبوي: الرحمة صفة تختص بالله يرحم بها البر والفاجر والمؤمن والكافر    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو لهو طفل بمنتصف أحد المحاور بالمقطم    «على مدار اليوم».. جدول مواعيد رحلات قطارات المنيا- القاهرة اليوم الجمعة 13 يونيه 2025    100% لثلاثة طلاب.. ننشر أسماء أوائل الإعدادية الأزهرية في أسيوط    مدير بايرن يثير الشكوك حول مستقبل كومان بعد كأس العالم للأندية    خاص| سلوى محمد علي: انفصال بشرى فاجأني وأنهت العلاقة بشياكة    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    سعر الفراخ بالأسواق اليوم الجمعة 13-6-2025 فى المنوفية.. الفراخ البيضاء 87 جنيه    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    أبو العينين: طارق أبو العينين ابتعد عن سيراميكا كليوباترا بعد انضمامه لاتحاد الكرة    ترمب: لا يمكن السماح لإيران بامتلاك قنبلة نووية ونأمل بعودة المفاوضات    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    سكاي نيوز: إسرائيل شنت هجوما على عدة مواقع في العاصمة الإيرانية طهران    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحاجة نفيسة
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 06 - 2010

زارتنى جدتى فى المنام، رأيتها كما كانت دوماً بوجهها السمح الجميل ذى التجاعيد الناعمة والعينين الطيبتين، لكنها لم تكن مبتسمة كعادتها، كست وجهها تقطيبة وهى تخبرنى بأننى أصبحت كئيبة لا أرى إلا الجانب المعتم من الأشياء، حاولت أن أشرح لها أسباب غضبى لكن صوتى احتبس تماما، عصتنى الكلمات، ربتت رأسى، بأسى ومضت بعيدا حتى غابت فى البياض.
صاحبنى الحلم على مدار اليوم وصاحبتنى جدتى، تدفق سيل الذكريات منعشا ورائقا وفياضا بالحياة، كانت الحاجة «نفيسة» تربى الدجاج والأرانب فوق سطح البيت، وتخبز العيش فى الفرن الموجود فى الطابق الأسفل، الطيور، لكل نوع عش منفصل،
هكذا يجب أن تكون الأشياء، والخبز، أرغفة كبيرة عندما تقطع يقارب كل ربع منها تلك الأرغفة السوبر التى تباع اليوم بجنيهين، ترص الأرغفة فى وعاء كبير تغطيه بقطعة قماش بيضاء رقيقة وغطاء معدنى يبقيها طازجة حتى يأتى أهل البيت عليها كلها، وعندما تُسيح الزبد فوق النار، تفوح فى البيت رائحة الحياة، ولا تلبث أن تعبئ السمن فى برطمانات زجاجية عملاقة تبقى على مدار العام جنباً إلى جنب مع برطمانات الزيتون والليمون المخلل وخزين المربات، كانت تضع الكتاكيت فى كرتونة ورقية صغيرة وتطعمها فتافيت البيض المسلوق،
وحين تكبر قليلا وتقوى عظامها تذهب بها إلى العشش، فترة حضانة طبيعية كانت تمنحها أيضا لأبناء العائلة والأقارب، قريب تلو الآخر كانوا يأتون تباعا من القرية لإتمام دراستهم الجامعية، كل منهم يقضى أربع سنوات فى بيت آمن لا ينقصه طعام ولا حنان، وبعدها يرحل بشهادته إلى الدنيا الواسعة.
عادت لى صورة حياتها كاملة، بيتنا فى «خوش قدم»، الغورية، الذى ظل مفتوحا بها على مدار أكثر من نصف قرن بعد رحيل جدى بينما أبى، أكبر الأبناء، لا يزال فى الجامعة، لم تتعلم جدتى لكنها امتلكت تلك الحكمة الفطرية التى جعلتها تعلم الآخرين وتقوِّم الأبناء وتلهم من تحب صلابة وجلدا، رحل الشيخ عبدالسلام تاركا إياها بثلاثة أبناء وبعض ديون، واستكملت هى مسيرة تربيتهم وفتح البيت للغريب قبل القريب، جماعات مثقفى الستينيات الملتفين حول أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام، كان هذا مكانهم، ولم تعرف جدتى معنى التقاعد إذ تركت بيتها وجاءت إلى بيت أبى كى تستكمل ما بدأته أمى مع أخى الأصغر بعد وفاة أمى.
فكرتُ كم مر على الحاجة «نفيسة» من محن: احتلال وفساد وحروب، ملك ثم ثلاثة رؤساء، تغيرات سياسية واجتماعية، مظاهرات ومطالب، كانت تتابع ما يحدث فى مصر دون أن تغفل عيناها عن فيض الحياة الذى أصبحت مسؤولة عنه، وكان الإرث الذى تركته لأولادها هو حكايتها هى.
لابد أنها قد جاءتنى فى المنام لسبب، ولابد أن أعترف بأننى اختلفت منذ تلك الزيارة، قررت أن أنبش عن الجمال، بالأمس جاءتنى ثانية، كانت أمام الفرن تدور كرات العجين ثم تفردها بكفها، مددت يدى إلى العجين المختمر الدافئ وبدأت أرص الأرغفة فوق طاولة الفرن، فى ذلك الحلم تكلمت، سألتها أن نتبادل حكايات عن الجمال فينا وحولنا، قلت «أحتاج هذا»، لم تقل شيئا، لكنها فى تلك المرة ابتسمت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.