فيه حاجة غلط

«مشاكل مع دول حوض النيل.. صدام عنيف بين القضاة والمحامين.. أزمة بين الكنيسة والقضاء.. تزوير فج ومفضوح لانتخابات مجلس الشورى فى أول اختبار حقيقى بعد التعديلات الدستورية وإلغاء الإشراف القضائى الشامل».
هذه المشاهد تحدث فى مصر لأول مرة دون أن يتدخل أحد أو يظهر آخر ليفسر لنا هذه الحالة الغريبة، فحماة القانون «القضاء الجالس والواقف» متشابكون، والأحداث متصارعة فى اتجاه التصعيد، واختفى حكماء البلد عن الأزمة، وكأنها لا تهم أحداً.. والكنيسة ترفض تنفيذ حكم قضائى بات ونهائى، والأقباط يتظاهرون تأييداً للبابا فى سابقة جديدة من نوعها، دون أن يتدخل أحد، وكان مطلوباً أن تغطى هذه الأحداث على التزوير «البجح» الذى جرى فى انتخابات مجلس الشورى، والذى وصل إلى حدود حصول أحد الفائزين على أكثر من 300 ألف صوت فى سابقة جديدة أيضاً.
يبدو أن المسؤولين فى موسوعة جينيس للأرقام القياسية يمكنهم الاستقرار فى القاهرة لتسجيل كل هذه الأحداث التى تتم لأول مرة.
وإذا كان البعض يتهم إسرائيل بأنها وراء أزمة مياه النيل، فمن وراء الأزمات الأخرى «الكنيسة والقضاء، وانتخابات الشورى، ومعركة القضاة والمحامين»، أعتقد لو أن هناك مخابرات دول عظمى تريد أن تخطط وتنال من مصر لتعبت كثيراً حتى تحقق ما يحدث الآن بأيدينا وليس بأياد خارجية.
النائب المخضرم والشجاع حمدى الطحان له مقولة عظيمة هى «مصر تحتاج إلى حكماء وليس زعماء».. والأزمات الحالية تؤكد أن مصر لم يعد بها حكماء، إما أنهم اختفوا لأسباب تتعلق بانشغالهم بالبحث عن مصالحهم الشخصية أو فقدوا الأمل فى الإصلاح بعد أن ازدادت الهوة بين الحكومة والمعارضة.
الأزمات الحالية تنخر فى عظام البلد، فلا أحد يتصور أن مشاكل القضاة والمحامين تشتعل بالقانون.. وأن القانون الذى وضع ليحدد العلاقات بين الناس فشل فى وضع معايير للعلاقة بين حماته من المحامين والقضاة.. وعلى الطرف الآخر ترفض الكنيسة تطبيق حكم القانون وكأنها دولة داخل دولة..
أما اللجنة العليا للانتخابات، التى شكلت لتطبق القانون، فقد التزمت الصمت فى كل التجاوزات التى شهدتها انتخابات مجلس الشورى.. للأسف القانون يُنتهك فى مصر من كل الأطراف، لأن فيه حاجة غلط!!