حلقات ذكر ومديح وانشاد في الليلة الختامية لمولد "السيد البدوي" بمدينة طنطا    تمريض بنها تنظم ندوة توعوية حول الأمان النفسي للمرأة    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات «منحة أدوات النجاح» لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    16 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    تراجع مؤشرات الأسهم الروسية في بداية تداولات بورصة موسكو    وزير الخارجية يلتقي رئيس مجموعة شركات Sun الهندية    استرداد 278 فدانًا خلال حملات إزالة التعديات ب 8 مراكز وحي في أسيوط    9 قرارات جمهورية ومشروعات قوانين يُحيلها رئيس النواب للجان المختصة لمناقشتها    تداول 18 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 24 فلسطينيا في الضفة    نتنياهو غير قادر على تحقيق السلام والحرب ممكنة.. أبرز تصريحات عمرو موسى مع الإعلامي شريف عامر    حصاد زيارة الشرع لروسيا.. ومصير الأسد في يد بوتين    بالفيديو.. تحرك شاحنات قافلة المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة    تعرف على موعد نهائي الأحلام بين المغرب والأرجنتين على لقب كأس العالم للشباب    الأرصاد: الأجواء مستقرة.. ويجب اصطحاب جاكيت خفيف عند الخروج ليل هذه الأيام    الداخلية تضبط تشكيلا عصابيا اعتدى على طفل بحلوان وبحوزته أسلحة ومخدرات    تحرير 316 محضرًا للمخابز والأسواق فى أسيوط    صدر الآن| قرار جمهوري من الرئيس السيسي والجريدة الرسمية تنشره    اليوم.. ثانية جلسات محاكمة التيك توكر محمد أوتاكا بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء    ضبط 6 قضايا تجارة عملة في القاهرة خلال 24 ساعة    الفيلم العراقي كعكة الرئيس يفوز بجائزة مهرجان هامبتونز الأمريكي    الوزراء: أنهينا استعدادات افتتاح المتحف الكبير ونحرص على خروج الحفل في أبهى صورة مشرفة    الصور الأولى من تحضيرات غادة عبد الرازق لمسلسل "عاليا" مع محمد رياض وصبري فواز    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 16اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي تعزيز التعاون الصحي المشترك وتوطين الصناعات الدوائية    ختام الامتحانات النهائية للدبلومة المهنية للمناظير الجراحية لأمراض النساء والتوليد بجامعة أسيوط    السيطرة على حريق نشب فى بدروم بقنا    محمد صلاح يغادر الغردقة متجهاً إلى لندن لاستئناف مشوار ليفربول    وزير المالية يزف أخبارًا سعيدة للمستثمرين لتخفيف الأعباء | فيديو    السفيرة «نبيلة مكرم» تتفقد المساعدات الإغاثية لغزة وتشيد بالمؤسسات المشاركة    «ممنوع عنها الزيارة».. عمرو ياسين يكشف تطورات الحالة الصحية لزوجته    فنزويلا تدين العمليات السرية الأمريكية: انتهاك للقانون الدولي    شبكة بريطانية تحذر منتخبات كأس العالم 2026 من ثنائية محمد صلاح ومرموش    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    سعد شلبي: لا ديون على الأهلي ونسعى لفرع جديد.. ونستهدف عقود الرعاة بالدولار    وزارة الصحة تنصح بتلقى لقاح الانفلونزا سنويا لهذا السبب    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أغذية الشتاء الذهبية.. 10 أطعمة تمنحك الطاقة والمناعة والدفء    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. تنظيم قوافل دعوية بالفيوم تناقش «مخاطر التحرش وآثاره»    «الري»: مشروع مشترك بين مصر والأردن وتونس والمغرب لتحلية المياه لإنتاج الغذاء    كوريا الجنوبية.. عودة خدمة "يوتيوب" للعمل بشكل طبيعي بعد انقطاع مؤقت    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 16كتوبر 2025    محسن صالح: شخصية الخطيب ستتغير في الولاية المقبلة للأهلي    تجهيزات مسرح النافورة لفعاليات مهرجان «الموسيقى العربية» ال33    امتداد لتاريخ من الحضور الوطني تحت القبة.. وجوه سياسية وفنية وإعلامية ضمن المعيّنين ب«الشيوخ»    في العمرة.. سهر الصايغ تشارك جمهورها أحدث ظهور لها أمام الكعبة    دوري المحترفين.. «وي» يواجه الترسانة في الجولة التاسعة    ننشر أسماء مرشحي انتخابات النواب 2025 بالفيوم بعد غلق باب الترشح    ترامب: نزع سلاح حركة حماس لا يحتاج إلى الجيش الأمريكي    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    مشكلة الميراث    أحمد الجندي: هدفي ذهبية أولمبياد لوس أنجلوس.. وظروف طارئة منعتني من التواجد بقائمة أسامة أبوزيد في نادي الشمس    بعض المهام المتأخرة تراكمت عليك.. حظ برج الدلو اليوم 16 أكتوبر    أسعار التذاكر بعد حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    شوقي غريب يرشح 6 لاعبين من منتخب الشباب ل حسام حسن    أوسكار يجتمع مع حكام تقنية الفيديو بعد عودته من تشيلي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقطاب ترف لا نملكه
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 06 - 2011

يخطئ من يتصور أن نتائج الاستفتاء الأخير دليل على أن للتيار الإسلامى الأغلبية فى مصر. فهذه القراءة تتجاهل كل ما وصلت إليه دراسات السلوك التصويتى للناخبين حول العالم، فهناك فارق كبير بين الاقتراع العام وقياس الرأى العام، ونتائج أى تصويت لا تستخدم أبدا لقياس الرأى العام، لأنه يستحيل أن تعرف من هذه النتائج لماذا صوت الناس بالطريقة التى صوتوا بها؟.
فمن بين أربعة مثلا صوتوا كلهم للمرشح نفسه، قد يكون أحدهم قد وجده الأفضل، والثانى اعتبره الأقل ضرراً بين اختيارات كلها سيئة، والثالث اختاره بسبب تبنيه قضية تهمه، بينما أيده الرابع لانتمائه الطبقى أو الدينى..الخ. ويصدق الشىء نفسه على التصويت فى الاستفتاءات. فالقضية هى أن الأغلبية فى أى اقتراع عام ليست كتلة واحدة، وإنما لكل فرد فيها دوافعه.
لذلك، لا يجوز استخدام «مشاهدات» حقيقية تؤكد قيام الإخوان بالتعبئة للتصويت ب«نعم» للقفز مباشرة لنتيجة مؤداها أن من قالوا «نعم» صوتوا للإخوان!
ولعل الاستطلاع الأخير الذى أجرته مؤسسة جالوب يكشف الفارق بين التصويت وقياس الرأى العام. فقد تبين من الاستطلاع أن 15% فقط من المصريين يؤيدون الإخوان، ولا وجه للغرابة فى هذه النسبة، لأننا اليوم إزاء كتلة تصويتية جديدة كانت عازفة عن السياسة لعقود طويلة، والأرجح أن غالبيتها لم تقرر بعد مَنْ ستناصر فى أى انتخابات مقبلة.
وللقراءة الخاطئة لنتيجة هذا الاستفتاء تداعياتها الخطيرة. فهى أفرزت الاستقطاب السياسى الحاد الذى نعانى منه اليوم. والاستقطاب فى رأيى هو أقصر الطرق نحو بناء ديكتاتورية جديدة. فالديكتاتورية ليست فقط حكم الفرد، وإنما لها أشكال أخرى لا تقل خطورة منها ديكتاتورية الأقلية وديكتاتورية الأغلبية. والخصومة بين التيارات تولد انعدام الثقة الذى يؤدى بكل طرف للتمترس فى خندقه، والميل لإقصاء الآخرين متى أتيحت له الفرصة.
وعلى النخبة السياسية أن تنتبه إلى أنها قد تمهد بنفسها للديكتاتورية. فكل ما تفعله أو تطالب به اليوم فى ظل الاستقطاب له تأثيره على المدى الطويل، إذ سيكون بمثابة سابقة سيستغلها مَنْ سيحكم مصر مستقبلا. فأنت إذا قررت عدم الاعتداد بنتائج استفتاء عام جرى بحرية ونزاهة- أيا كانت أسبابك ونبل دوافعك- فلا تصرخ مستقبلا حين يتم التحايل على أى استفتاء أو انتخاب. وأسبابك هنا ليست مهمة، فالحكام لا يعدمون اختراع الأسباب، ويجدون ألف طريقة لإخراج الموضوع على نحو يبدو قانونيا وذا دوافع وطنية!
والاستقطاب هو أقصر طريق للديكتاتورية لسبب ثالث، فهو يؤثر سلبا على تلك الكتلة الجديدة من المصريين المقبلين على السياسة للمرة الأولى، ولم يختاروا بعد من سيؤيدون. فصراع الديوك الحالى يفقدهم الثقة بكل التيارات بما قد يدفعهم للانسحاب مجددا من الحياة السياسية. وانصراف أغلب الناس عن السياسة هو أكبر هدية لمن يريد الاستفراد بالمصريين، لأن مناصريه وحدهم سيذهبون لصندوق الانتخاب، فيسهل عليه الفوز بالأغلبية بل الاحتفاظ بها.
والاستقطاب أدى اليوم إلى الاستغراق بالكامل فى معركة «الدستور أولاً أم الانتخابات»، وهى فى رأيى المعركة «الغلط» لأنها تستنزف الطاقات فى توقيت بالغ الحساسية لتكريس الاستقطاب أيا كان الفائز فى المعركة، وهى معركة مبنية أصلا على القراءة الخطأ لنتائج الاستفتاء، فلأن هناك قناعة لدى الطرفين بالمناسبة بأن للتيار الإسلامى أغلبية فى مصر، فقد تملك الزهو من الإسلاميين بينما ازداد القلق من هيئة تأسيسية ستختارها أغلبية إسلامية فى البرلمان لتكتب الدستور.
لكن الحل فى ظنى ليس فى هذه المعركة، وانما فى البدء فورا فى حوار جاد يضم كل التيارات بلا استثناء، ويجرى على أساس الندية وليس الأوزان «المتصورة» فى الشارع، وهدفه الوصول إلى توافق مكتوب حول طريقة اختيار الهيئة التأسيسية، ويكون بمثابة وثيقة تاريخية تلتزم بها أى أغلبية فى البرلمان القادم.
ويتعين أيضا تحويل قضية الدين والدولة من خانة الاستقطاب إلى خانة الحوار للوصول لتوافق حقيقى يدخل فى التفاصيل، ويبتعد عن استخدام العبارات الفضفاضة مثل «الدولة المدنية» و«المرجعية الدينية»، التى صارت تعنى كل شىء وأى شىء هذه الأيام. والحوارات المنعقدة اليوم، مع كامل الاحترام للقائمين عليها، ليست هى الحوار المقصود هنا، لأنها تتم بإشراف حكومى أو تستهدف قضايا المرحلة الانتقالية أو لا تضم بعض التيارات السياسية أصلا.
ورغم أننى اعتبرت دوماً أن معركة إلغاء المادة الثانية المتعلقة بالشريعة كانت خطأ سياسياً وقعت فيه النخبة، فعقدت من حيث لا تقصد عملية الوفاق حول قضية الدين والدولة، ورغم أننى على قناعة بأنها معركة وهمية أصلا فإن مبادى الشريعة ظلت مصدرا للتشريع بهذه المادة ودونها، ورغم أن كل القوى التى كانت تطالب بإلغاء هذه المادة تعلن اليوم أنها مع بقائها، فإنه يتحتم احترام القلق المتنامى لدى المواطنين المسيحيين عبر التوافق حول ضمانات صريحة يتم النص عليها فى الدستور تضمن الحريات والحقوق الكاملة غير المنقوصة للمواطنين المسيحيين.
الوقت الذى يضيعه الغارقون فى الاستقطاب لا نملك نحن المصريين ترف السماح لهم بتضييعه. فكل دقيقة تستنزف فى الاستقطاب مسروقة من حلم المصريين بدولة ديمقراطية تعيد لهم حريتهم وكرامتهم، وترفع مصر للمقام الذى تستحقه. وهو حلم لن يتحقق إلا بالوفاق الوطنى الحقيقى أولا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.