قفزات ملحوظة في أسعار العملات بالسوق السوداء مقابل استقرار نسبي بالبنوك اليوم الاثنين 21 يوليو 2025    أبرزهم الجلاصي.. تعرف على أهم 5 معلومات عن فريق الملعب التونسي قبل مواجهة الأهلي الليلة    كريم رمزي يشيد ب جون إدوارد بسبب صفقات الزمالك الجديدة    التعليم تبدأ تطبيق درجات الرأفة في الثانوية العامة 2025 لإنقاذ الراسبين من إعادة السنة    السيناريست ناصر عبد الحميد يكشف مفاجئات الحلقات الأخيرة فى فات الميعاد    الجيش الإسرائيلي يحرق منازل بمخيم نور شمس ويواصل عمليات الهدم في مخيم طولكرم    الداخلية تعقد مؤتمرا صحفيا للإعلان عن قواعد قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة..اليوم    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الإثنين 21 يوليو    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 21 يوليو    إصابة عامل ونجله في مشاجرة بالبلينا بسوهاج    وزير الخارجية يتوجه إلى نيجيريا فى مستهل جولة بغرب أفريقيا    انفجارات في كييف ومدن أوكرانية أخرى    ياسمين فؤاد: 800 مليون جنيه استثمارات في الطاقة المتجددة بشرم الشيخ بقدرة تتجاوز 51 ميجاوات    من هي ياسمين فؤاد وزيرة البيئة المستقيلة؟ وما سبب استقالتها؟ وكيف احتفل بها مجلس الوزراء؟    مهرجان المسرح المصري.. أشرف عبد الباقي: بدأت من المسرح المدرسي.. وأهدي التكريم لزوجتي    كيف تتخلص من مرض التعلق العاطفي ؟    لكل ربة منزل.. إليكِ الطريقة المثلى لحفظ الفاكهة من التلف    لكل ربة منزل.. إليك أفضل الطرق لتحضير مكرونة الميزولاند    المسلمون يصلون الفجر قبل وقته بساعة ونصف    آمال ماهر عن صوت مصر: «مش عايزة أكون رقم واحد.. واسمي أكبر من أي لقب» (فيديو)    مصروفات المدارس الحكومية 2025– 2026.. التفاصيل الكاملة وقواعد الإعفاء والسداد لجميع المراحل التعليمية    اليوم| جنايات دمنهور تستأنف محاكمة المتهم بهتك عرض الطفل ياسين    إنفوجراف| حصيلة 650 يوما من الحرب الإسرائيلية في غزة.. «أرقام الشهداء والجرحى»    رئيس الأركان الإسرائيلي لجنوده: إنجازاتكم تسرع هزيمة حماس    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 21 يوليو 2025    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: هناك علماء مصريين متواجدين في كل دول العالم    «الرقابة النووية» تُنهي جولتها التوعوية من أسوان لتعزيز الوعي المجتمعي    السجن المؤبد ل 5 أشخاص لإتهامهم بالإتجار فى المخدرات بالبحيرة    مستشفى العامرية تنجح في إجراء جراحة دقيقة لطفل حديث الولادة يعاني من كيس سحائي    بين الهلال وليفربول، الكشف عن مصير إيزاك    "تموين الدقهلية" يحرر 196 مخالفة في 48 ساعة (صور)    طريقة عمل الحجازية في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهزة    ما أهمية عودة الحكومة السودانية إلى العاصمة من جديد؟    تقديم 40476 خدمة طبية وعلاجية بحملة "100 يوم صحة" في الإسماعيلية    "شباب النواب" تثمن الضربات الاستباقية لوزارة الداخلية في دحر البؤر الإرهابية    إصابة 3 سيدات من أسرة واحدة في انقلاب سيارة ملاكي أمام قرية سياحية بطريق العلمين    رئيس "الحرية المصري": رجال الأمن خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف والمخططات الإرهابية    عبد الكريم مصطفى يشارك فى مران الإسماعيلى بعد التعافى من الإصابة    "يريد أكثر من مبابي".. سبب تعقد مفاوضات تجديد فينيسيوس وخطوة ريال مدريد القادمة    يوسف معاطي: لست ضد الورش التي تكتب السيناريوهات ولكنها لا تنتج مبدع كبير    لا تأخذ كل شيء على محمل الجد.. حظ برج القوس اليوم 21 يوليو    نادية رشاد: أتمتع بحالة صحية جيدة.. وقلة أعمالي الفنية لضعف مضمونها    شقيقة أحمد حلمي عن منى زكي: "بسكوتة في طريقتها ورقيقة جدا"    "تدخل الإدارة".. نجم الأهلي السابق يكشف مفاجأة بشأن غضب لاعبي الفريق    «عيب وانت بتعمل كدة لأغراض شخصية».. خالد الغندور يفاجئ أحمد شوبير برسائل نارية    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    فيديو- عالم بالأوقاف يوضح حكم إقامة الأفراح وهل تتعارض مع الشرع    برئاسة ماجي الحلواني.. "الوطنية للإعلام" تعلن تشكيل لجنة لرصد ومتابعة انتخابات الشيوخ    التليجراف: وزير الدفاع البريطانى سيعلن حملة مدتها 50 يوما لتسليح أوكرانيا    واشنطن بوست: قراصنة يشنون هجوما عالميا على وكالات حكومية وجامعات أمريكية    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    نشرة منتصف الليل| خطوات حجز شقق الإسكان.. وخسائر قناة السويس خلال العامين الماضيين    السيطرة على حريق محدود بجوار مزلقان الرحمانية قبلي بنجع حمادي    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    باسل عادل: الوعي ليس حزبًا قائمًا على التنافس الانتخابي الضيق    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقطاب ترف لا نملكه
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 06 - 2011

يخطئ من يتصور أن نتائج الاستفتاء الأخير دليل على أن للتيار الإسلامى الأغلبية فى مصر. فهذه القراءة تتجاهل كل ما وصلت إليه دراسات السلوك التصويتى للناخبين حول العالم، فهناك فارق كبير بين الاقتراع العام وقياس الرأى العام، ونتائج أى تصويت لا تستخدم أبدا لقياس الرأى العام، لأنه يستحيل أن تعرف من هذه النتائج لماذا صوت الناس بالطريقة التى صوتوا بها؟.
فمن بين أربعة مثلا صوتوا كلهم للمرشح نفسه، قد يكون أحدهم قد وجده الأفضل، والثانى اعتبره الأقل ضرراً بين اختيارات كلها سيئة، والثالث اختاره بسبب تبنيه قضية تهمه، بينما أيده الرابع لانتمائه الطبقى أو الدينى..الخ. ويصدق الشىء نفسه على التصويت فى الاستفتاءات. فالقضية هى أن الأغلبية فى أى اقتراع عام ليست كتلة واحدة، وإنما لكل فرد فيها دوافعه.
لذلك، لا يجوز استخدام «مشاهدات» حقيقية تؤكد قيام الإخوان بالتعبئة للتصويت ب«نعم» للقفز مباشرة لنتيجة مؤداها أن من قالوا «نعم» صوتوا للإخوان!
ولعل الاستطلاع الأخير الذى أجرته مؤسسة جالوب يكشف الفارق بين التصويت وقياس الرأى العام. فقد تبين من الاستطلاع أن 15% فقط من المصريين يؤيدون الإخوان، ولا وجه للغرابة فى هذه النسبة، لأننا اليوم إزاء كتلة تصويتية جديدة كانت عازفة عن السياسة لعقود طويلة، والأرجح أن غالبيتها لم تقرر بعد مَنْ ستناصر فى أى انتخابات مقبلة.
وللقراءة الخاطئة لنتيجة هذا الاستفتاء تداعياتها الخطيرة. فهى أفرزت الاستقطاب السياسى الحاد الذى نعانى منه اليوم. والاستقطاب فى رأيى هو أقصر الطرق نحو بناء ديكتاتورية جديدة. فالديكتاتورية ليست فقط حكم الفرد، وإنما لها أشكال أخرى لا تقل خطورة منها ديكتاتورية الأقلية وديكتاتورية الأغلبية. والخصومة بين التيارات تولد انعدام الثقة الذى يؤدى بكل طرف للتمترس فى خندقه، والميل لإقصاء الآخرين متى أتيحت له الفرصة.
وعلى النخبة السياسية أن تنتبه إلى أنها قد تمهد بنفسها للديكتاتورية. فكل ما تفعله أو تطالب به اليوم فى ظل الاستقطاب له تأثيره على المدى الطويل، إذ سيكون بمثابة سابقة سيستغلها مَنْ سيحكم مصر مستقبلا. فأنت إذا قررت عدم الاعتداد بنتائج استفتاء عام جرى بحرية ونزاهة- أيا كانت أسبابك ونبل دوافعك- فلا تصرخ مستقبلا حين يتم التحايل على أى استفتاء أو انتخاب. وأسبابك هنا ليست مهمة، فالحكام لا يعدمون اختراع الأسباب، ويجدون ألف طريقة لإخراج الموضوع على نحو يبدو قانونيا وذا دوافع وطنية!
والاستقطاب هو أقصر طريق للديكتاتورية لسبب ثالث، فهو يؤثر سلبا على تلك الكتلة الجديدة من المصريين المقبلين على السياسة للمرة الأولى، ولم يختاروا بعد من سيؤيدون. فصراع الديوك الحالى يفقدهم الثقة بكل التيارات بما قد يدفعهم للانسحاب مجددا من الحياة السياسية. وانصراف أغلب الناس عن السياسة هو أكبر هدية لمن يريد الاستفراد بالمصريين، لأن مناصريه وحدهم سيذهبون لصندوق الانتخاب، فيسهل عليه الفوز بالأغلبية بل الاحتفاظ بها.
والاستقطاب أدى اليوم إلى الاستغراق بالكامل فى معركة «الدستور أولاً أم الانتخابات»، وهى فى رأيى المعركة «الغلط» لأنها تستنزف الطاقات فى توقيت بالغ الحساسية لتكريس الاستقطاب أيا كان الفائز فى المعركة، وهى معركة مبنية أصلا على القراءة الخطأ لنتائج الاستفتاء، فلأن هناك قناعة لدى الطرفين بالمناسبة بأن للتيار الإسلامى أغلبية فى مصر، فقد تملك الزهو من الإسلاميين بينما ازداد القلق من هيئة تأسيسية ستختارها أغلبية إسلامية فى البرلمان لتكتب الدستور.
لكن الحل فى ظنى ليس فى هذه المعركة، وانما فى البدء فورا فى حوار جاد يضم كل التيارات بلا استثناء، ويجرى على أساس الندية وليس الأوزان «المتصورة» فى الشارع، وهدفه الوصول إلى توافق مكتوب حول طريقة اختيار الهيئة التأسيسية، ويكون بمثابة وثيقة تاريخية تلتزم بها أى أغلبية فى البرلمان القادم.
ويتعين أيضا تحويل قضية الدين والدولة من خانة الاستقطاب إلى خانة الحوار للوصول لتوافق حقيقى يدخل فى التفاصيل، ويبتعد عن استخدام العبارات الفضفاضة مثل «الدولة المدنية» و«المرجعية الدينية»، التى صارت تعنى كل شىء وأى شىء هذه الأيام. والحوارات المنعقدة اليوم، مع كامل الاحترام للقائمين عليها، ليست هى الحوار المقصود هنا، لأنها تتم بإشراف حكومى أو تستهدف قضايا المرحلة الانتقالية أو لا تضم بعض التيارات السياسية أصلا.
ورغم أننى اعتبرت دوماً أن معركة إلغاء المادة الثانية المتعلقة بالشريعة كانت خطأ سياسياً وقعت فيه النخبة، فعقدت من حيث لا تقصد عملية الوفاق حول قضية الدين والدولة، ورغم أننى على قناعة بأنها معركة وهمية أصلا فإن مبادى الشريعة ظلت مصدرا للتشريع بهذه المادة ودونها، ورغم أن كل القوى التى كانت تطالب بإلغاء هذه المادة تعلن اليوم أنها مع بقائها، فإنه يتحتم احترام القلق المتنامى لدى المواطنين المسيحيين عبر التوافق حول ضمانات صريحة يتم النص عليها فى الدستور تضمن الحريات والحقوق الكاملة غير المنقوصة للمواطنين المسيحيين.
الوقت الذى يضيعه الغارقون فى الاستقطاب لا نملك نحن المصريين ترف السماح لهم بتضييعه. فكل دقيقة تستنزف فى الاستقطاب مسروقة من حلم المصريين بدولة ديمقراطية تعيد لهم حريتهم وكرامتهم، وترفع مصر للمقام الذى تستحقه. وهو حلم لن يتحقق إلا بالوفاق الوطنى الحقيقى أولا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.