شريف سامى لا ينكر أحد حق أى حكومة فى تحديد الضرائب من حيث نوعها وسعرها وتعديلها بين الحين والآخر فهذا من ضمن أهم أدوات السياسة المالية، ومن الطبيعى ألا يُسر أى فرد تطاله زيادة فى العبء الضريبى، فهذه طبيعة البشر. إلا أن التعديلات الضريبية وتوقيتاتها تحكمها العديد من الاعتبارات بخلاف الحصيلة المتولدة عنها، ومنها التأثير على النشاط الاقتصادى والاستثمار وسوق المال إلخ.. كما أن أثر الضرائب على جذب وتنشيط الاستثمار لا يمكن النظر إليه بصورة منفصلة عن بقية عناصر اتخاذ القرار الاستثمارى ومنها الاستقرار السياسى والأمنى والعدالة الناجزة ومدى سهولة التعامل مع الجهاز الإدارى للدولة وتوافر المرافق والطاقة وكذا اليد العاملة المؤهلة وتكلفتها. ولقد جاءت نشأة البرلمانات تاريخياً بسبب الضرائب على اعتبار أنه «لا ضرائب دون تمثيل» أى أن ممثلى الشعب ينبغى عليهم الموافقة عليها، والمفارقة الآن أن مصر 25 يناير تشهد فرض ضرائب جديدة فى غيبة أى مجلس نيابى. ولعل الحسم والوضوح والإفصاح المفصل من أهم عوامل سرعة امتصاص الاضطراب المصاحب لأى ضرائب جديدة أو تعديلات ضريبية مستحدثة. وفى حالتنا هذه تواترت على مدى الأسابيع الماضية التصريحات للصحف وفى الندوات عن زيادات ضريبية مرتقبة أو عن فرض ضرائب على أوعية جديدة دون إيضاح كامل لها بأسلوب أقرب إلى جس النبض، مما تسبب فى حيرة مجتمع الأعمال والمتعاملين بالأسواق المالية ومستثمرى الخارج بسبب الضبابية حول هذا الموضوع. فيما أعلن فى مؤتمرات صحفية فرض ضريبة 10٪ على توزيعات الشركات للمساهمين أو الشركاء، وهذه الشركات فى الأصل خاضعة لضرائب على أرباحها، ولو صح ما يشاع من استحداث شريحة جديدة بسعر 25٪ على أرباح الشركات، فإننا أمام زيادة لا يستهان بها. والصورة غير واضحة فيما يتعلق بالشركات القابضة ولدينا العديد منها والتى تكاد تنحصر إيراداتها فى توزيعات الشركات التابعة لها، هل ستخضع التوزيعات لمساهمى الشركات القابضة لتلك الضريبة مرتين، مرة عن حصول الشركة القابضة على الكوبونات ومرة أخرى عن قيامها بالتوزيع على ملاكها؟ وقد يلجأ الكثير من الشركات المغلقة التى يملكها عدد محدود من الأفراد أو أسرة واحدة إلى صرف رواتب متضخمة لمديريها من الملاك، بهدف تخفيض العبء الضريبى، لأنه على ما يبدو فإن ضريبة الدخل على الأجور والمكافآت مازال حدها الأقصى 20٪ كما قد يلجأ البعض فى الشركات التى يغلب على ملكيتها الطابع المؤسسى وتتمتع بأرباح جيدة إلى عدم إجراء توزيعات لعامين مثلاً ومن ثم تخفيض رأس المال بما يقابل الأرباح المحتجزة لإعادة نفس مقدار الأموال للمساهمين ولكن دون خضوعه للضريبة. وحمل إلينا موقع وزارة المالية على الإنترنت أن الضريبة الجديدة على التوزيعات ستشمل الشركات المنشأة بنظام المناطق الحرة وهو يمثل خرقاً جديداً لمبدأ المناطق الحرة ومعولاً آخر فى جدار الثقة بين المستثمرين ومصر بعد قرارات 5 مايو 2008، والتى أخرجت قطاعاً من شركات المناطق الحرة من مظلة الإعفاءات. وأخيراً فقد طالبت أصوات كثيرة فى الشارع المصرى منذ 25 يناير بتطبيق ضريبة تصاعدية تستهدف تحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية وأن يتحمل الأكثر قدرة مالية عبئاً نسبياً أعلى، إلا أنه فى حال تطبيق الضرائب المقترحة على توزيعات الشركات، أو حتى ضريبة أعلى على أرباحها، لن نكون قد حققنا ضريبة تصاعدية، والتى تأتى فى الأساس على إجمالى دخل المكلف بالضريبة فنحن بفرض ضريبة على توزيعات الأسهم نكون أخضعنا لها صغار المساهمين وصناديق الاستثمار ومحافظ التأمينات والمعاشات دون أن يتحمل كبار الممولين عبئاً نسبياً أعلى. وقد تكون ضريبة التركات وعلى التصرفات العقارية التى تتعدى قيمة معينة، أو حتى الضريبة العقارية التى أعلن مؤخراً صرف النظر عنها أكثر تحقيقاً للعدالة الاجتماعية المنشودة. *عضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار