لابد وان نفرق بين اصل العلمانية او العلمانية القديمة والعلمانية الحديثة العلمانية القديمة هى فصل الدين عن الدولة اى فصل الدين عن السياسة اما العلمانية الحديثة فهى فصل السياسة عن اى عقيدة كانت سواء كانت عقيدة دينية او عقلية او علمية لذلك الشيوعى علمانى قديم لكنه ليس علمانيا حديثا لانه ينادى بعقيدة سماها هو عقيدة علمية او تاريخية والناصرى مفترض انه ايضا علمانى قديم لانه ينادى بعقيدة مشابهة وهى الوحدة القومية والاشتراكية العلمية اما العلمانية الحديثة فهى هى الليبرالية اى الحرية لانها تنادى بالحرية حتى ضد ما هو عقلى او علمى او دينى الحرية المطلقة فى حين ان الفلسفة العقلية لا تنادى بالحرية المطلقة وانما تنادى بالمثل العليا والفلسفة العلمية تنادى بالحتمية التاريخية والمادية وكلاهما ضد الحرية اما الليبرالية فهى لا تعترف يسلطان العقل ولا العلم ولا الدين وانما الحق عندها هو ما يريده الانسان ايا كانت بواعث هذه الارادة والمرء قد يتفهم سبب ما وصلت اليه الليبرالية من كراهية لكل عقيدة وهى ان الانسان الغربى قد مر بكل التجارب الممكنة فى خلال رحلته للبحث عن عقيدة او البحث عن الحق وكلما اعتقد انه قد توصل اخيرا الى الحق يكتشف انه مجرد وهم اخر من سلسة طويلة من الاوهام وعلى هذه الاوهام قامت دول وانهدمت دول وقامت حروب وسقط الالاف من البشر قتلى فى سبيل الاوهام العقل والمثل العقلية ما هى الا وهم المسيحية المحرفة ما هى الا وهم الحتمية العلمية ما هى الا وهم اذا ما هى الحقيقة الحقيقة هى ما تعتقد الليبرالية انها توصلت اليه وهى ان الانسان حيوان جاهل لا يعرف حقا ولا خيرا ولاعدلا ومن ثم اقرب منهج للتعامل مع الانسان هو المنهج الديمقراطى الذى يعطى الحق للاغلبية لا لفيلسوف ولا لرجل دين ولا لعالم كل اولائك لهم صوت واحد فى الانتخابات صحيح ان رجل الدين يعلمهم الدين والفيلسوف يعلمهم التفكير ورجل العلوم الاجتماعية يعلمهم النظريات الا ان كل هذه مجرد اوهام او ظنون لا يجب ان نتعامل معها على انها حقائق لكن الغرب وصل الى هذه النهاية بعد ان مر بمراحل عديدة جعلت الصورة العامة للحياة السياسية فيها شئ من المنطق لكن فى مصر والدول العربية الصورة تاخذ طابع هزلى فالليبرالية فى اوروبا لم تكن فكرة او دعوة وانما هى تطور سياسى واقتصادى وثورات شعبية لكن لن تجد مثلا تصنيف فلسفى يسمى فلاسفة الحرية او الليبرالية كتاب روايات وادب ممكن ولكن ليسوا فلاسفة ولا مفكرين وذلك بعكس الشيوعية والوضعية والتاريخية والفلسفة الكلاسيكية فهذه تصنيفات معروفة فى تاريخ الفكر اما الليبرالية فاعتقد ان اكثر من يستطيعون تمثيلها تمثيلا حقيقيا هم الممثلون والمطربون وراقصى الروك ان رول وامثال هؤلاء وهذا ما يثير حنقى من الليبراليين العرب الذين يتقمسون دور المفكرين فى حين ان الليبراليين الحقيقيين هم هؤلاء الذين لا ترتسم على وجوههم الا علامات البلاهة وعدم الاكتراث وعدم الشعور باى شئ هؤلاء هم النماذج الحقيقية لليبرالية فمن الهزل بالتاكيد ان الليبراليين العرب يشعرون بالاسى الذى يشعر به صاحب الفكر والعقيدة والفلسفة لان الناس قد طرحوا ما ينادى به ولم يقابلوه بما يستحقه من الاهتمام والتبجيل اذ انه ينادى باعتماد الجهل والفشل المعرفى كديانة للمجتمع باسره فاى احترام يتوقع ان يلاقيه ومن اين اتى بهذا الشعور الذى يشعر به من اين اتى بشعور صاحب الفكر والعقيدة وهو الذى ينادى بطرح كل ما يعتقده الناس من معارف ويقينيات انه يدعو دعوة عجيبة مستهجنة لم ير التاريخ مثلها وما ذلك الا تقليدا لاوروبا ويعتقد ان مجرد تقليده لاوربا يعطيه الحق فى ان يعيش دور المفكر صاحب العقيدة يابنى افهم انت تنادى باعلان عدم المعرفة تنادى باعتماد المنهج الجهلى تنادى بتقليد اوروبا فى الكفر بكل شئ بالعقل والعلم والدين والاحتكام الى الغريزة الحيوانية وحدها ودعوة مثل تلك لا يمكن ان يتقمس صاحبها دور صاحب الدعوة او صاحب الفكرة انه مثل القوادة التى تنادى بتجريم الزواج لانه يوقف سوقها هى وصبياتها انها مثل دعوة تاجر المخدرات باباحة المخدرات واباحة توزيعها اما انت فتنادى بالجهل تنادى بالتخلى عن كل عقيدة يعتقدها الناس تنادى بتخلينا عن معرفتنا بالحق والخير والصواب والخطا التى تعلمناها من ديننا المفكر هو الذى يدعو الناس الى معرفة وليس المفكر هو من يدعو الناس الى طرح معارفهم الخاصة واعتقاد الجهل لم ولن نرى مفكرا يقول للناس لا تعتقدوا ان ما تعتقدوه حق فيقال له وما الحق اذا فيقول لا ادرى ولا يدرى احد ولا يجب ان يدرى احد لانه لا يوجد حق ولا خير ولا عدل ولا واجب