■ أحياناً كثيرة تجد نفسك أمام تصريحات أو تصرفات تدل على مساحة كبيرة من البجاحة أو من الوقاحة السياسية.. ولا تجد أمامك كثيراً من الحروف والكلمات لترد عليها بكلام أو تعليقات. ■ وهناك لحظات أخرى تشعر فيها بنشوة انتصار فى قراءة سياسية صحيحة أو عرض لوجهة نظر تكشف لك الأيام أنها كانت صائبة. ■ هكذا شعرت حين سمعت ببيان المخابرات العامة المصرية، الذى أعلن فيه عن اعتقال دبلوماسى إيرانى فى مصر وتقديمه إلى نيابة أمن الدولة، ومن ثم الإفراج عنه والمطالبة بترحيله خارج البلاد. ■ فقد تذكرت أننى منذ شهر ونصف يوم 18/4/2011 قمت بكتابة خطاب مفتوح لوزير الخارجية نبيل العربى بعنوان «الحذر مطلوب والقلق مشروعاً، وكان لى عتاب وغضب واضح على الأسلوب والتوقيت اللذين رافقا تصريحات للهرولة لعودة العلاقات المصرية - الإيرانية دون مقابل سياسى أو دافع حماسى لمصالح مصرية أو عربية.. فالتوقيت كان خطأ أمام شبكات جاسوسية إيرانية فى الكويت وأطماع وتدخل فى البحرين وتمدد نفوذ فى الإمارات، وسفن ملاحية فى مياه الخليج وغيرها.. ثم إننا لا نرتبط مع إيران بحدود جغرافية أو عمالة مصرية موجودة هناك ولا استثمارات إيرانية كبيرة موجودة هنا حتى تكون الرغبة فى عودة علاقة دون مقايضة سياسية أو مصالح اقتصادية.. فمازالت أصابع إيران واضحة فى تهديد أمن مصر والخليج، إن كان بشبكات أو عناصر حزب الله.. وللأسف تم اللوم والعتاب من السياسيين المرموقين وبعض الكتاب والزملاء الصحفيين لكنى كنت أشعر بأننى على حق، وأثبتت الأيام أننى كنت على صواب. ■ وظهرت أمام الجميع طموحات وأجندة إيران، فإن كانت إسرائيل عدواً دائماً وغادراً ولئيماً، فهناك أيضاً صديق لئيم له أجندة منظمة طويلة المدى اسمه «إيران».. أليست ثورة إيران الإسلامية هى التى تعتقل اليوم شبابها الذى تمرد فى شوارعها على الانتخابات الأخيرة لأحمدى نجاد، وأليس الحرس الثورى الإيرانى هو من يقتل ويعتقل أمام الشاشات شباب إيران من الثوار حتى الآن؟! ■ إيران هى من تدعم بشار الأسد الذى يقتل شعبه بالجيش والشرطة السورية أمام عيون الناس، ويتهم الجميع بأنهم متآمرون، ويعتبر النظام بريئاً ومنزهاً عن كل خطأ أو تقصير، وأعطى وعوداً بإصلاح وتصريحات تثير السخرية والاستفزاز، وسقوط الشهداء دون ردع أو إحساس، فقط مجموعات إرهابية مسلحة هى من ترفع السلاح، وقوات الأمن لا تقوم سوى بقتل واعتقال المتظاهرين دون رحمة أو حتى تمييز بين الأطفال والشباب والنساء. ■ غريب أن يكون هناك وفد شعبى كان على وشك القيام بزيارة إيران، خاصة أن منهم من الإخوان المسلمين، عجبى على هذا الزمان، ألم يعلم كل ذلك، ولا يعلم أيضاً من التاريخ أن قاتل سيدنا عمر بن الخطاب اسمه أبولؤلؤة المجوسى، له مقام هناك ويقوم بزيارته وتمجيده الإيرانيون، وليس فقط تمجيد قاتل السادات بتمثال، ومع فارق المقامات طبعاً، فهم داعمون للقتل؟! ■ ولا أفهم حتى الآن لماذا هذا الإصرار على التسرع فى المصالحة مع إيران عند البعض وزيارتها وفتح سفارتها على أعلى مستوى دبلوماسى.. فمن يصدق شعاراتها فليراجع مع نفسه تحركات خالد مشعل الأخيرة الذى قام بقراءة سياسية صحيحة وأسرع بالمصالحة مع فتح وانتقل إلى الإقامة فى قطر بدل سوريا، ووجد جهات تمويل أخرى بدل إيران، فإن كانت حركة حماس هى من رحم الإخوان فهى وجدت بعد الثورة أن الإخوان المسلمين أصبحت لها مساحة كبيرة على السطح، ومن المهم العودة إلى صفوف الالتزام وإعطاء حق الانتصار لمصر فى مقابل فتح المعبر، وبعض المقايضات السياسية مفيدة أحياناً وتحقق انتصاراً لجميع الأطراف. ■ من الذكاء اختيار التوقيت والأسلوب فى حالة الانتقال للتغيير فإن كان ممثل خامنئى يطالب الرئيس أحمدى نجاد علانية بالعودة إلى «الصراط المستقيم» فنحن أيضاً نطالب علناً الإخوان والأصدقاء والأعداء بمراعاة الأمن القومى المصرى، لأن جهاز المخابرات والجيش المصرى لا يراعيان إلا مصالح مصر والمصريين، فلا رجال النظام القديم، ولا التحركات لإيران، ولا التصريحات لإسرائيل لها الحق فى تعدى الخطوط الحمراء، وهذا أصبح مفهوماً لدى الجميع، ولا حتى أحزاب ولا سلفيون كلهم مكشوفون. [email protected]