الحق اشتري شبكتك النهارده، تعرف على أسعار الذهب اليوم الأربعاء 11/6/2025    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    محافظ الدقهلية يتحفظ على تروسيكل لأحد النباشين في جولة ليلية بالمنصورة    محافظ سوهاج يُتابع تنفيذ كوبري المشاة بمنطقة الثلاث كباري    ترامب: لوس أنجلوس تتعرض لاجتياح من قبل "أعداء أجانب"    بكاء هيستيري لوسام أبو علي لضياع حلم فلسطين في كأس العالم 2026.. صور    منتخب هولندا يقسو على مالطا في تصفيات المونديال    زيزو: طموحاتي مع الأهلي بلا حدود ولست نادمًا على أي قرار أتخذه في حياتي    ليفربول يوافق على طلبات ليفركوزن ويحسم صفقة ضم فيرتز    بثلاثية قاسية.. إنجلترا تسقط أمام السنغال وديًا    أسر الشهداء لوزير الداخلية: «كنتم السند في أطهر بقاع الأرض»    يحيى الفخراني عن فيلم عودة مواطن: نافس على جوائز عالمية وفشل في مصر (فيديو)    الصحة الواحدة.. رؤية شاملة تحولها من نظرية علمية إلى نمط حياة    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    "يمثل نفسه".. الخارجية الأمريكية تتبرأ من تصريحات سفيرها في تل أبيب    الحوثيون: نحذر كافة الشركات والجهات المختلفة من التعامل مع ميناء حيفا    "يتحدث نيابة عن نفسه".. الخارجية الأمريكية ترفض تصريحات سفيرها لدى إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية    ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم إطلاق النار بمدرسة بالنمسا إلى 11 قتيلًا    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    الموقف التنفيذي للمشروعات التنموية والخدمية بمدينة العاشر من رمضان    المرحلة الثانية من الأتوبيس الترددي BRT.. موعد التشغيل والمحطات    مقابل 92 مليون جنيه..أكت فاينانشال تزيد حصتها في بلتون القابضة إلى 4.64%    ماسكيرانو يعلق على مواجهة الأهلي وإنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية    حسن مصطفى: الأهلي قادر على التأهل من دور المجموعات بمونديال الأندية    أحمد أبو مسلم: الأهلي قادر على التأهل في مونديال الأندية.. وميسي لاعب عادي    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    استعلام.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2025 الترم الثاني برقم الجلوس بجميع المحافظات    تحرير 6 محاضر صحية في حملة رقابية ببني سويف    قبول دفعة ناجحين بالصف السادس الابتدائي للالتحاق بالمدارس الرياضية بالوادي الجديد    إصابة شاب فلسطيني برصاص قوات خاصة إسرائيلية.. والاحتلال يقتحم عدة قرى وبلدات    "ليه وقفات نفتخر بيها".. ماذا قال يحيى الفخراني عن الزعيم عادل إمام؟    يحيى الفخراني عن اختياره شخصية العام الثقافية: شعرت باطمئنان بوجودي على الساحة    يحللون كل شيء.. 3 أبراج يفكرون في الأمور كثيرًا    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    يحيى الفخراني: مفاجآت بالجملة في العرض الثالث ل"الملك لير"    شيرين رضا تحتفل بعيد ميلاد ابنتها نور    أبرزهم أسماء جلال وتارا عماد.. 20 صورة لنجمات الفن في حفل زفاف أمينة خليل    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطيني    مرصد التعاون الإسلامي: الاحتلال يرتكب جرائم حرب بقصفه المستشفيات في غزة    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    دهون الكبد، الأعراض والتشخيص وطرق العلاج والوقاية    رئيس الوزراء يطالب بتكثيف الجهود للقضاء على مرض الجذام    أسر الشهداء يشكرون وزارة الداخلية ومدير إدارة العلاقات الإنسانية على رعايتهم طوال موسم الحج (صور)    القبض على لص «النقل الذكى»    في أول اختبار رسمي.. انطلاقة ناجحة لاختبارات SAT في مصر مشاركة 100% للطلاب دون أي مشكلات تقنية    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    خبيرة أسواق الطاقة: خطة حكومية لضمان استقرار السياسات الضريبية على المدى الطويل    لطلاب الثانوية العامة.. مراجعات نهائية مجانية لكل المواد تبدأ فى سوهاج غدا    «ملحقش يلبس بدلة الفرح».. كيف أنهى عريس الغربية حياته قبل زفافه ب48 ساعة؟    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    الإجازات الرسمية المقبلة في 2025.. إليك القائمة الكاملة    وثائق بريطانية: إثيوبيا رفضت التفاوض مع نظام مبارك بشأن مياه النيل    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد قاسم عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات ل «المصري اليوم»:نعيش «ردة» فى فكر العولمة.. والمنافسة الاقتصادية ليست أخلاقية

قال رجل الأعمال محمد قاسم، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، إن هناك «ردة» عالمية فى فكر العولمة، مشيرا إلى أن السياسات الحمائية التى تنتهجها الدول الكبرى تعيد سيناريو الكساد الكبير.
يشغل قاسم أيضا منصبى الأمين العام لمركز الدراسات الاقتصادية، ورئيس مجلس إدارة مركز بصيرة لبحوث الرأى العام، إلى جانب عمله السابق كنائب للمجلس الأعلى للمنسوجات ورئيس المجلس التصديرى للملابس.
فى حواره ل «المصرى اليوم»، تحدث قاسم عن الأزمات المتلاحقة للقطن المصرى والفرص الضائعة فى صناعة المنسوجات والملابس مرورا بمخاوف الركود الاقتصادى العالمى، والحروب التجارية بين أمريكا والصين وإصلاحات ما بعد اتفاق صندوق النقد وثقافة رجال الأعمال.. وإلى نص الحوار:
 
■ مؤسس نادى الكتاب الذى يحضره مفكرون وبعض رجال الأعمال قال إن محمد قاسم، هو المدير الفعلى للنادى حاليا.. كيف تقيس اهتمام مجتمع الأعمال بالفكر والثقافة؟
- لست فى الموضع الذى يجعلنى أحكم، لكن ما أؤكد عليه أنه لا غنى عنهما، فعندما تصل إلى مستوى متقدم فى الأعمال، فإن الاطلاع على كل ما يدور حولك.. ما يخص مجالات عملك أو مجالات أخرى، يقودك إلى إدارة اعمالك بشكل أكثر إيجابية وفاعلية.
■ بصيغة أخرى.. كم رجل أعمال يواظب على حضور لقاءاتكم بالنادى؟
- حضور مناقشات الكتب لا يقتصر على رجال الأعمال فقط، ولدينا مجموعة جيدة من الأكاديميين، وللإجابة عن سؤالك هم ليسوا كثرا، اثنان فقط من المستثمرين.
■ ما الكتاب الاقتصادى الذى قرأته مؤخرا؟
- كتاب «رأس المال فى القرن الحادى والعشرين»، حيث رصد فيه «توماس بيكيتى» تاريخ تكوين الثروات والرأسمالية فى بعض البلاد على مدار 200 عام.. ويعد أول نموذج لتوثيق الرأسمالية بهذا الشكل الواسع، وخلص الكتاب إلى أنه لا غنى عن الرأسمالية، ولكن من المهم جدا أن يصحبها اهتمام أوسع بالعدالة الاجتماعية وكبح التفاوت المنفلت، وقال أيضا إن السوق لا تستطيع تصحيح مسارها بنفسها، ولابد من تدخل الدولة لتوفير قدر أكبر من تكافؤ الفرص.. فى رأيى أن تكافؤ الفرص فى أى مجتمع لا يأتى إلا بتوفير الدولة فرصا متساوية فى التعليم والعلاج لكافة الأطفال والشباب باختلاف أوضاع الأسر الاقتصادية.
■ ولكن الكاتب لاحظ أنه خلال قرنين زاد معدل النمو فى ثروات الأغنياء بأكبر من معدل النمو العام وهذا التركز يهدد الليبرالية والسوق معا بحسب قوله.. فما تعليقك؟
- هذه أيضا إحدى نبوءات كارل ماركس.. ونظرية القيمة تشير إلى أن عوائد النمو لا توزع بشكل متساو بين عناصر الإنتاج، وهذا أمر طبيعى فرأس المال يكون له نصيب أكبر من العوائد وقد ناقش ذلك أيضا «شايمر» فى كتاب بعنوان «الوهم الكبير»، لكن من منظور آخر فقد تحدث فيه عن أنواع من الليبرالية، ومن ضمنها «الليبرالية التقدمية»، والتى تهتم بعدالة توزيع الفرص وإعلاء الجانب الإنسانى والتناغم مع دور الدولة، وهذا المفهوم السائد حاليا على مستوى العالم.. فى وقت تراجع الفكر الليبرالى التقليدى (دعه يعمل دعه يمر) والذى قامت عليه النهضة فى أوروبا وأمريكا.
■ ما تحليلك للكتابات التى تتحدث عن ركود عالمى وشيك؟
- الحديث عن ركود عالمى وشيك يرتبط بعدة متغيرات أولها الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين فى العالم (أمريكا والصين)، والتوتر القائم داخل الاتحاد الأوروبى بسبب البريكست، وانتشار النزاعات والتوترات السياسية فى منطقة الخليج العربى، والتوتر بين كوريا واليابان مؤخراً، إلى جانب ذيوع النزعات الحمائية وغيرها، ما يمكننى قوله إننا نعيش حاليا فى «ردة» عالمية للفكر «العولمى» والذى انتشر على مدار العقود الماضية والقائم على تحرير الأسواق والاقتصادات وحركة التجارة العالمية وكان له إسهاماته القوية فى تحقيق معدلات نمو مرتفعة جدا.. وخفض معدلات الفقر بشكل كبير، ولكن فى الوقت نفسه أدى إلى تضرر الفئات التى لم تستطع التأقلم مع نظم العمل فى السوق الحديث، خاصة فى المجتمعات المتقدمة.. الأمر خلق حالة من السخط وعدم الرضا فيها، تحولت بعد ذلك إلى نزعات وحركات تنظيمية فى هذه المجتمعات ضد حرية الأسواق، وزادت حدة التحول بعد انضمام الصين الى اتفاقية منظمة التجارة العالمية، والتى استطاعت من خلالها النفاذ لهذه الأسواق بشكل أكبر، وتسببت بضرر أكبر فى ظل عدم التزام الصين بقواعد «اللعبة» التجارية العالمية، وبأمانة المنافسة بين الاقتصاديات الكبرى ليست أخلاقية بصفة عامة.
■ وما مدى تأثير وصول ممثلى الاتجاهات الحمائية إلى الحكم فى أكبر الاقتصادات انفتاحا؟
- الواقع الحالى يسير نحو تكرار نفس سيناريو الكساد الكبير الذى مر بالاقتصاد الأمريكى مطلع الثلاثينيات مع رفع الرسوم الجمركية، كنوع من الحماية.. ترامب يكرر نفس التجربة والنتائج بالتأكيد ستكون واحدة، العالم تيقن ان الجمارك لا يمكن أن تقدم حماية دائمة لأى صناعة.. عندما عملت بمكتب التمثيل التجارى فى أمريكا فى الثمانينيات لفت انتباهى كتيب كان يتم توزيعه تحت عنوان «200 سنة فى الحماية المؤقتة لصناعة المنسوجات»، أمريكا حمت هذه الصناعة لفترة طويلة ولم تستطع أن تحقق إنجازا فيها، لأنك لا تستطيع أن تصد قوى السوق الديناميكية، وما حدث هو أن تلك المجتمعات وصلت لمراحل نمو متقدمة وأثبتت تنافسيتها فى الصناعات الأكثر معرفة وتقدما على حساب تنافسيتها فى الصناعات التقليدية، والمشكلة تكون دائما فى التدريب التحويلى للعاملين فى الصناعات التقليدية.
■ ألا ترى أن الاقتصاد المصرى بحاجة إلى إعادة تعريف للصناعات المستحقة للتحفيز والحماية فعلا؟
- صانع السياسات الاقتصادية يجب أن يكون متابعا جيدا للمتغيرات الاقتصادية ولديه القدرة لوضع خريطة للاستثمار الصناعى تتوافق مع الإمكانيات المتاحة وتعالج المشكلات الموجودة فى المجتمع.. فى مصر لدينا مشكلة بطالة وانخفاض مستوى التعليم، وبالتالى صعب جدا أن يكون للصناعات المتقدمة الجزء الأكبر من هيكل التصنيع والإنتاج.. بالتأكيد يجب أن ندخل صناعات «النانو تكنولوجى» فى منطقة أو أكثر.. ولكن ما الصناعات قائدة النمو فى مناطق الصعيد؟ ما الصناعات التى تستطيع أن توفر فرص تشغيل ل32% من السكان تحت خط الفقر ويعرفون القراءة والكتابة بالكاد؟ لذلك ما زلنا نحتاج إلى صناعات كثيفة العمالة تتوافق مع مؤهلات التركيبة السكانية وتحل مشكلة البطالة وتلك أهم ما يستحق التحفيز حاليا.
■ وهل نحن نتبع سياسات تحفيز صحيحة، وهل نحمى صناعاتنا؟
- التجربة السلبية لرجال الأعمال مع حوافز التصدير تقول إننا عندما قررنا تحفيز الصناعة طبقناه بشكل خاطئ، وفى رأيى قبل إقرار حافز يجب أن ننظر إلى الاختيارات الاقتصادية، الحكومة عليها تحديد مسار الصناعة المستهدف لتحقيق نمو اقتصادى وتنمية للمجتمع وليس فقط لأنها تريد توطين صناعة سيارات أو ملابس أو كمبيوتر وخلافه.
■ ما ترتيب صناعة المنسوجات والملابس فى قائمة أولويات مستحقى التحفيز الحكومى من وجهة نظرك؟
- رقم واحد، ليس تحيزا للقطاع الذى أنتمى إليه، ولكن لا يوجد صناعات كثيرة لديها قدرات على التشغيل الواسع لأصحاب مهارات محدودة، وأيضا القدرة على النفاذ للأسواق الخارجية، فالصناعات الزراعية والغذائية لديها الكثير من المشكلات اللوجستية غير الموجودة فى الملابس مثلا، هذه الصناعة منذ الثورة الصناعية فى إنجلترا ومرورا بتجارب النمو الآسيوية كانت هى قاطرة النمو الصناعى.
■ ذكرت فى مقال ب«المصرى اليوم» 2017 أنها «الفرصة الأخيرة لإعادة بناء صناعة المنسوجات فى مصر» هل ما زالت الفرصة قائمة؟
- الحقيقة أن الفرصة لا تزال قائمة ولكنها تتضاءل أمامنا، فكما قلت الصين بدأت تتخارج من صناعات الغزل والمنسوجات، وقت كتابة المقال كانت الصين قد خفضت صادراتها لهذا القطاع بأكثر من 15% بما يوازى 32 مليار دولار، ودخلت دول أخرى منها بنجلاديش فيتنام وكمبوديا وبعض دول أمريكا الجنوبية، لتعويض احتياجات السوق العالمية، وتلك الدول عملت أيضا على جذب الاستثمارات الصينية المهاجرة بحثا عن العمالة الرخيصة، ولكن مصر لم تستفد بالشكل الملائم من الفرصة، ومع تصاعد وتيرة الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، ارتفعت حالات هجرة الصناعات الصينية، ولذا فالطريق ما زال مفتوحا أمام مصر ويعزز ذلك أن قدرا من التنمية لحق بأغلب مناطق العالم ما عدا إفريقيا، الأسواق الأوروبية تبحث عن ملابس بأقل تكلفة، وإفريقيا هى السبيل لتوفيرها فى ظل توافر العمالة الأرخص فى العالم، والتى تحتاج فقط التدريب، صادرات إفريقيا لا تتعدى 13 مليار دولار، وتنميتها تتطلب أيضا ضخ مزيد من الاستثمارات فى مجالات الغزل والأقمشة والصباغة.. ولذلك نبهت إلى أهمية الإسراع فى إعادة بناء صناعة الغزل والمنسوجات المصرية ليس لتغطية الطلب المحلى فقط، ولكن للسوق الإفريقية الواعدة.
■ وكيف يمكن جذب شريحة أكبر من الاستثمارات الصينية المهاجرة لمصر؟
- تحقيق ذلك يتطلب حزمة من السياسات المكملة والمحفزة للاستثمار، من أهمها توفير الأراضى الجاهزة لتلبية رغبات الاستثمار الأجنبى، وحزمة حقيقية وفعالة لمساندة الصادرات، وتحسين سهولة وأداء الأعمال، فحالتنا صعبة جدا فى المؤشر العالمى لسهولة الأعمال، وهو أحد المؤشرات الرئيسية التى ينظر إليها أى مستثمر أجنبى، وأتذكر أن إحدى المسئوولات فى شركة عالمية كانت بصدد إتمام تعاقد معنا وقالت لأننى لا أستطيع ان أغفل رخص سعر المنتج فى مصر، ولكن التكاليف الأخرى المباشرة وغير المباشرة أثناء إتمام الصفقة، ترفع قيمتها، وتبعدكم عن التنافسية «كانت تقصد أننا فى مصر عادة ما نكون غير ملتزمين عادة بتصدير الكميات المطلوبة وفى التوقيتات المحددة دون تأخير أو نقص فى الكميات المتعاقد عليها نتيجة مشكلات تتعلق بمواعيد وصول الخامات المستوردة والإفراج عنها، أو أنها تحتاج إلى إرسال مندوبين لمراجعة الشحنات، وغيرها.
■ رأت دراسة للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية عن تنافسية قطاع الغزل والمنسوجات والملابس، أن المستقبل لدول الصناعات المتكاملة التى تصنع إكسسوارات وغزلًا ونسيجًا وصباغة وتصميمات، ومصر بعيدة عن ذلك.. لماذا؟
- الفكرة أننا يجب أن نملأ الفراغات فى سلسلة القيمة الخاصة بهذه الصناعة، لأن سلسلة الإنتاج عندنا فيها فجوات كثيرة، صناعة الملابس فيها شيئان لابد من توافرهما، أولًا النفاذ إلى الأسواق وهذه موجودة عندنا من خلال الاتفاقيات التجارية بين مصر ودول العالم، وهى فى منتهى القوة والأهمية، وثانيًا، ما يعرف بسرعة الوصول إلى السوق، ولا يفيد كثيرًا التكامل إلا مع قدر عال من السرعة، وسلسلة الإنتاج عندنا غير مكتملة، تنتظر القماش إلى أن يأتى من الخارج، وهذا يقلل من السرعة المطلوبة مقارنة بالدول الأخرى، وهذه نقطة أساسية.
■ هذه الفجوات بالتأكيد تعد فرصًا استثمارية مربحة.. لماذا لا يدخل القطاع الخاص فيها بقوة؟
- الموضوع معقد، لأن عمل «ملصق» على الملابس «ليبول» لتبيع به لم يعد بسيطًا، إنما تحكمه منظومة حماية حقوق الملكية الفكرية، كما أن الحصول على حق استغلال تجارى ل«براند» عالمى أيضًا صعب جدًا، لأن صاحبه لديه نظام تحكم لإنتاج وتوزيع المنتجات تحت اسمه.
■ ألا يمكن صناعة براند مصرى؟
- ليس بالضرورة أن يكون هو الحل وإن كان مهمًا، فالبراند جزء من صناعة الموضة، وهناك فرق كبير بين صناعة الموضة وصناعة الملابس والأقمشة، الأولى لها ناس متخصصون والدول تنتقل من الملابس إلى الموضة بعد سنوات طويلة جدًا من بدء صناعة قوية جدًا وليس صناعات ضعيفة، كما أن صناعة الموضة يمكن أن تتطور أيضًا دون صناعة ملابس مثل فرنسا، الجزء الأهم من الفرصة يكمن فى سد الفجوات، وأكثر الفرص فى الفجوات الكبيرة الموجودة فى الغزل والصباغة والتجهيز، لأنها لا تحتاج إلى حقوق ملكية، ولكن تحتاج إلى استثمارات ضخمة جدًا.
■ وما آخر التطورات فى ملف المدينة الصناعية بالمنيا والتى تعتزم شركتك تنفيذها؟
- انتهينا أخيرًا من الاتفاق على بنود العقد مع الهيئة العامة للاستثمار، خاصة أن المدينة ستكون بنظام المناطق الحرة، وفى طريقنا إلى توقيع العقد، وأكرر أن توفير الأراضى أول الطريق لجذب الاستثمارات الضخمة، ونحن نعمل حاليًا على إرسال بعثات ترويجية لجذب الاستثمارات لهذه المنطقة، وهناك دول مثل الصين وبنجلاديش وغيرهما، ولدينا زيارة أيضًا إلى البرتغال، أكتوبر المقبل، لجذب الاستثمارات الأجنبية.
■ هل هناك منافسة بين مدينة المنيا ومشروع مدينة السادات للمنسوجات التى تنفذها الحكومة بالتعاون مع إحدى الشركات الصينية لتكون أكبر مدينة نسيجية فى مصر؟
- المجال يتسع لعمل الجميع.. كما أن النموذجين مختلفان، فمدينة السادات تركز أغلبها على الملابس وتهتم بالسوق المحلية، فيما تهتم مدينة المنيا بجذب الاستثمارات فى مشروعات الصباغة والتجهيز والغزل وتستهدف التصدير.
■ هل هناك تطورات فى مشروعكم بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خاصة بعد مجىء المهندس يحيى زكى رئيسًا لمجلس الإدارة؟
- نحن متفائلون برئاسة المهندس يحيى زكى للهيئة الاقتصادية لقناة السويس بعد الجهد التأسيسى الذى بذله الفريق مهاب مميش. فالمخطط الرئيسى لهذه المنطقة تم بإشراف المهندس يحيى زكى. ولقد شرفت بلقائه أثناء فترة الإعداد، حيث تحدثنا عن دور الصناعات النسيجية فى المنطقة، وأرى أن مشروع بولاريس قناة السويس سيكون له دور فعّال فى الفترة المقبلة ونأمل فى اتخاذ الخطوات التنفيذية الضرورية للبدء بالتنفيذ فى أقرب فرصة.
■ نعود لفجوات الإنتاج.. الراحل محمد نصير كان قد أقام مصنعًا لإنتاج الغزول الرفيعة ولكن ابنه خالد قال إنه ندم على الدخول فى هذا المجال نظرًا للتعقيدات؟
- كثيرون صنعوا غزولًا رفيعة من القطن المصرى وليس نصير فقط، من ضمنها استثمارات أجنبية، فى اعتقادى أننا نحتاج لعمل مسارين للإنتاج والتصنيع، مسار خاص وسلسلة إنتاج مستقلة للقطن المصرى، لأن الطلب على الأقطان فائقة الطول لا يتعدى 2% من الطلب العالمى على أصناف القطن، وبالتالى فهو لن يتمكن من النهوض بصناعات الملابس فى مصر، خاصة أن استغلال الميزة التنافسية لهذا القطن يصطدم عادة بإمكانيات التسويق تحت علامات تجارية شهيرة، فالمستهلك الأجنبى الذى يشترى قميصًا ب 300 دولار، يبحث عن قطن مصرى 100%، ولكنْ مصنوع فى إيطاليا أو البرتغال وممكن فى تركيا، ولكن «صنع فى مصر» ليس شعارًا جاذبًا للمستهلك الغنى حتى الآن.. ولكن فى كل الحالات يجب أن نبدأ كما قلت بعمل سلسلة إنتاج مستقلة للقطن المصرى، وفى المقابل يستمر مسار الإنتاج المعتمد على الغزول المتوسطة والقصيرة.
■ هل السماح بزراعة قطن مصرى قصير أو متوسط التيلة فى بعض المناطق - كما تقول الحكومة الآن - يمثل وسيلة لخفض تكلفة الغزل؟
- أنا ضد المطالبة بزراعة أقطان قصيرة فى مصر، لأن مصر متميزة جدًا فى أقطان معينة، أما الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة فمنتشرة فى الهند وإثيوبيا وغيرهما بأسعار رخيصة ومنافسة جدًا نقدر على استيرادها، كما أننى من أنصار عدم زراعة الأقطان القصيرة لعدة أسباب، منها مشكلات نقص المياه التى تدفعنا للعمل على استغلال الموارد المحدودة المتاحة بالشكل الأمثل، وفى النهاية صناعة الملابس ليست أقطانًا فقط، نحن لدينا مجموعة كبيرة من الألياف الطبيعية والصناعية تحتل نسبة كبيرة من الصناعة وتشهد نموًا وتطورًا مذهلًا، حتى إن الملابس الرياضية العالمية أصبحت تصنع من الألياف الصناعية.
■ هل لدينا فرص أكبر لجذب استثمارات فى إنتاج الألياف الصناعية؟
- معدل الاستهلاك العالمى للألياف الصناعية فى نمو مستمر بعد التطوير الكبير فى تكنولوجيات إنتاجها بملمس يقارب القطن، وقدرات فائقة لمنع التعرق، وأعتقد أن لدينا فرصة إيجابية للمنافسة فيها فى ظل صناعة بتروكيماويات قوية توفر الخامات المطلوبة لتصنيع هذه الألياف، ولكنها تتطلب أيضًا استثمارات ضخمة، ونحن كقطاع خاص عرضنا على شركات الغزل والمنسوجات بقطاع الأعمال العام أن نشترى إنتاجها بزيادة سعرية تصل إلى 10% من السعر المعروض، بشرط الجودة وتوريد الكميات فى التوقيتات، ولكن هذا لم يتم.
■ هل تم تجديد هذا العرض مع هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال الحالى؟
- الوزير هشام توفيق طلب مقابلتنا حسب اتصال تليفونى تم مع الدكتور محمد مصطفى، رئيس الشركة القابضة للغزل.. نحن أبدينا ترحيبنا.. وجار تحديد موعد لمناقشة مشكلات الصناعة.
■ ماذا أضاف دخول الأتراك صناعة المنسوجات والملابس لمصر؟
- بالقطع، دخول الأتراك حقق تطورًا فى الصناعة، لدينا حاليًا شركتان أو 3 شركات تركية تتنافس ضمن أكبر 10 مصدرين فى هذا القطاع، وبالمناسبة شركة بولاريس للتطوير الصناعى، كان هدفها إقامة منطقة للصناعات التركية فى مدينة 6 أكتوبر أيام وزير الصناعة الأسبق المهندس رشيد محمد رشيد، ولكن بسبب تأخر التراخيص والحصول على الأرض، انتشر المصنعون الأتراك فى مناطق متفرقة فى العاشر ودمياط ولديهم أفضل المصانع.
■ أين ذهبت الدراسة الخاصة بالنهوض بالقطاع والتى أعدها المجلس الأعلى للصناعات النسيجية؟
- لقد بذلنا مجهودًا واسعًا فى إعداد هذه الدراسة، ولكن لا أعرف مصيرها ويُسأل فى ذلك القائمون على المجلس حاليًا.
■ وما الأسباب الحقيقية لاستقالتك من المجلس، وهل كان وراءها اختلاف أو خلاف مع وزير التجارة السابق طارق قابيل؟
- لا توجد خلافات مع قابيل، هو استغل سلطته القانونية فى إجراء تعديلات على تشكيل المجلس، ولكن دون الرجوع إلىّ بصفتى نائبًا له، وأنا استخدمت حقى فى الاستقالة واستقلت.. وتربطنا حاليًا علاقات طيبة.
■ ما تقييمك لأداء وزير الصناعة والتجارة الحالى؟
- الدولة لديها أدواتها لتقييم المسؤول والمجتمع الصناعى والتجارى أيضًا، ومجتمع الأعمال لم ير من الوزير شيئًا واضحًا لتقييم تجربته رغم مرور أكثر من عام على توليه الوزارة.
■ الوسط يتحدث عن خلافات بينك وبين رجل أعمال شهير، ما حقيقتها؟
- ليس لدى خلافات مع أى رجل أعمال، وأتمنى أن نعمل كلنا يدًا واحدة للنهوض بهذه الصناعة، والمجال يتسع لجهود الجميع.
■ وماذا عن الخلافات مع الغرفة النسيجية وانفصال قطاع الملابس عنها فى غرفة مستقلة؟
- الأمر يختلف تمامًا، فصل قطاع الملابس والمفروشات عن غرفة الصناعات النسيجية جاء لأسباب موضوعية. هم يعملون على إنتاج مدخلات التصنيع ونحن نعمل على منتج نهائى، هم يميلون دائمًا فى آرائهم لسياسات الحماية، لكن صناعة الملابس والمفروشات تعتمد فى انتشارها على الانفتاح على الأسواق والمنافسة الحرة.
■ بعد مرور 14 عامًا على اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة «الكويز».. ما تقييمك للتجربة؟ وماذا لو قام الرئيس الأمريكى دونالد ترامب - ضمن شطحاته - بإلغائه؟
- لا أعتقد فى الإلغاء.. لأن الاتفاق جزء من اتفاقية التجارة الحرة بين أمريكا وإسرائيل، وأحب أن أوضح أن مجتمع الأعمال كان رافضًا للاتفاق فى البداية، وكان هدفنا الوصول لاتفاق تجارة حرة مع أمريكا مشابه لما تم توقيعه مع إسرائيل، وعندما لم يحدث، جاء العرض الأمريكى بما يعرف بالمناطق الصناعية المؤهلة لدول الحدود المشتركة مع إسرائيل، ونحن لم نوافق إلا بعد أن وقعت الأردن وقدمت الولايات المتحدة اتفاق تجارة لدول جنوب الصحراء الإفريقية، وبدأ العملاء يخرجون من مصر جريًا وراء المزايا هناك، ولذلك كان لابد من اتفاق يحافظ على الصناعة المصرية.. وحاليًا صادراتنا من الكويز تقارب 850 مليون دولار، وهو رقم إيجابى جدًا كحصة من مجمل الصادرات.
■ لكنه تقريبًا ثابت وتسيطر الملابس باكتساح على الصادرات.
- لا يتحرك كثيرًا فعلًا، لأن هذا وضع الصادرات المصرية ولأن صناعة الملابس والمنسوجات نفسها تعانى من مشكلات لم يتم حلها حتى الآن، وسبب سيطرة الملابس على أغلبية صادرات الاتفاق أن الجمارك الأمريكية عليها كبيرة، وبالتالى مع اتفاق إلغاء تلك الجمارك عليها فهى الأكثر استفادة، ولو أتيح لقطاع آخر وضع شبيه لحصل على حصة من الصادرات كبيرة.
■ ما الذى لم يحققه برنامج الإصلاح الاقتصادى وينبغى العمل عليه فى المستقبل؟
- برنامج الإصلاح الاقتصادى ترتب عليه تحسن ملحوظ فى المؤشرات الكلية للاقتصاد، ونأمل أن تشهد الفترة المقبلة إصلاحًا مؤسسيًا واسع النطاق، يرفع من القدرة التنافسية للقطاع الاقتصادى بكل مكوناته، ويؤدى لتحسين مناخ الأعمال لجذب مزيد من الاستثمارات وخلق فرص عمل وتوظيف يحتاجها المجتمع بشدة.
 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.