«توماس كوك».. أول ضحايا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى

إعلان شركة توماس كوك البريطانية إفلاسها كأكبر منظم عالمى للرحلات طوال قرنين من الزمان كان بمثابة زلزال فى الوسط السياحى العالمى.. إلا أن دلائل عديدة تشير إلى انعدام تأثيرها على السياحة المصرية إذا ما انتهزت الفرصة بالترويج المدروس من خلال منح الشركات المصرية الدعم الملائم للمنافسة والقادرة على وضعها ضمن البدائل المتاحة لقطاع السياحة الإنجليزى لسفر مواطنيها من وإلى مصر.. هذا ما أكده حسام الشاعر، الوكيل المصرى لشركة توماس كوك العالمية، رئيس غرفة شركات السياحة.
وقال الشاعر إن المعلومات تشير إلى أن السياح التابعين لتوماس كوك يبلغ عددهم نحو 1600 سائح بالغردقة، وأن فرع الشركة الأم فى بريطانيا هو الذى أعلن إفلاسه فقط، بينما تعمل بقية الفروع الأوروبية التابعة لشركة توماس كوك فى كل من ألمانيا، وبلجيكا، وهولندا، وفرنسا، وبولندا والدول الإسكندنافية، بشكل منفصل وطبيعى، والتوقعات تشير إلى أن تلك الفروع قادرة على جلب نحو ربع مليون سائح لمصر. مضيفاً أن هيئة الطيران المدنى أرسلت للفنادق بأنها ستكون الضامن لكل المستحقات وسوف تتولى تنظيم مغادرة السائحين الإنجليز فى مصر التابعين لشركة توماس كوك، وأنه لا يجب طلب أى مبالغ من السائحين.
ومن جانبه، أوضح إلهامى الزيات، الخبير السياحى، رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية الأسبق، أن نحو 150 ألف سائح بريطانى تابعين للشركة المفلسة يتواجدون حاليا خارج إنجلترا وأن عودتهم إلى وطنهم مسؤولية الحكومة البريطانية التى تعهدت بالفعل بعمل ذلك، بينما المشكلة الحالية تواجه السائحين المتعاقدين على السفر خلال الفترات المقبلة، لأنهم لن يتمكنوا من السفر ولن يستردوا أموالهم قبل فترة تتراوح ما بين شهر وشهرين، والضرر المتوقع سوف يكون من نصيب الشركات السياحية والفنادق التى كان لها تعاقدات مع الشركة المفلسة.
وأضاف أن الأمر فى مجمله ليس بالغ السوء، لأن توماس كوك لا تستحوذ إلا على 20% من السوق السياحية داخل بريطانيا، وهناك شركات عديدة قوية، مثل «تيوى، وإيزى جيت، ورايان إير» ستلتهم حصة توماس كوك، وهذا لن يؤثر على معدل سفر السياح الإنجليز إلى خارج بلدهم، مشيرا إلى أن هذه الشركات كانت تعمل بمعدل أقل فى مصر، ومن المتوقع أن تعمل بمعدل أكبر بعد خروج توماس كوك من السوق، خاصة أنها شركات تملك أسطولًا كبيرًا من الطائرات وعلاقات الشراكة التى تتيح لها التعامل بكفاءة مع الشركات المحلية فى كل البلدان التى يقصدها السائح الإنجليزى. وتابع الزيات: «بالنسبة لمصر فإن الطلب متزايد على زيارة مقاصدها فى السوق الإنجليزية، ومن الطبيعى أن يقصد السائح الإنجليزى أى شركة توفر له ذلك، وبالتالى لن يكون هناك أى تأثير سلبى لانهيار توماس كوك على معدل السياحة الوافدة من بريطانيا إلى مصر».
ويتفق معه يسرى عبدالوهاب، الخبير السياحى، نائب رئيس اتحاد النقل الجوى المصرى، فى انعدام تأثير إفلاس توماس كوك على معدل توافد السياح إلى مصر لوجود بدائل عديدة أمام السائح للذهاب إلى المقاصد التى يريدها، موضحا أن الشركات الكبيرة لمنظمى الرحلات تهيمن على الأسواق وتفرض أسعارها على الفنادق والشركات التى تتعامل معها بمنطق التعاقد الكمى، بعكس الحال مع الشركات الصغيرة التى تحاول بالكاد الحصول على خصومات صغيرة.
وأشار إلى أن هذا يجب أن يكون نقطة انطلاق الشركات المصرية لانتهاز الفرص، مطالبًا بضرورة وسرعة إعادة تقييم أسعار الخدمات السياحية فى مصر مقابل الخدمات المقدمة، فإن كانت الشركات الكبرى تعتمد فى فرض أسعارها على أسطول نقلها الكبير وكذلك الفنادق التى تستحوذ عليها بموجب تعاقدات لجلب كم كبير من السائحين، فإن ذلك ينعكس سلبيا على مصر لعدم استفادتها بتدنى الأسعار حين ذاك، وهذا يتطلب المزيد من التنسيق بتشكيل تكتلات وتحالفات للشركات المصرية برعاية وزارة السياحة لتصحيح تلك الأوضاع والاستحواذ على نصيب كعكة السياحة بالسوق البريطانية بعد خلو مقعد توماس كوك.
وأكد عبدالوهاب أنه فى كل الأحوال لن تتأثر السياحة فى مصر سلبيا، ولكن التفكير يجب أن ينصب الآن على تعظيم المكاسب باستثمار أفضل الظروف المتاحة، مشيرًا إلى أنه مَن توقف عن نشاطه فى النهاية هى مجرد شركة بينما لم تتوقف السياحة كخدمة تقوم بها أطراف أخرى بديلة وعديدة. وقال إن الشركات المصرية بدأت الاستفادة مما حدث بتولى نقل السياح الإنجليز المتواجدين فى الغردقة ومرسى علم الذين سوف تتولى شركة النيل للطيران نقلهم إلى بلدانهم من خلال رحلتين أسبوعيًا بطلب من السلطات البريطانية، وهو أمر لم يكن متاحًا قبل إعلان توماس كوك إفلاسها، وهناك شركات مصرية عديدة تقدم خدماتها فى كل المجالات سوف تحقق استفادة كبيرة.
وانتقد يسرى عدم سماح سلطات الطيران المدنى المصرية لشركات الطيران الخاصة بالوصول إلى النقاط التى لا تصل إليها الشركة الوطنية، بالرغم من موافقة السلطات البريطانية حتى الآن، وأن ذلك فرصة لزيادة معدل استقدام الوافدين الأجانب إلى مصر وخاصة من السوق الإنجليزية، وقال: «استمرار تلك السياسات سوف يعطى الفرصة لاستحواذ شركات الطيران الأجنبية الأخرى على فرص هى فى الواقع من حقنا لنقل السياح إلى بلادنا».