فنون.. الغواية فن

لعقود طويلة، ظلت المرأة فى الفن التشكيلى أسيرة القيم والتقاليد والتابوهات المقدسة التى لا تجرؤ على المساس بها، حيث كانت ترى كشف أجزاء من جسد المرأة، أحياناً غواية وأحيانا أخرى خطيئة لا تغتفر، إلى أن جاء من تمرد على هذه التابوهات وحطمها وأظهر المرأة فى جميع صورها.. أحياناً بملابس شفافة.. وأحياناً عارية تماماً، وأحياناً فى أوضاع حميمية، وهو الأمر الذى بقدر ما أثار الغضب والسخرية، نال إعجاب الملايين من متذوقى الفن حول العالم.
واحتلت عدة أعمال فنية تمثل جسد المرأة صدارة اهتمام عشاق الفنون الذين اعتبروا الفن حالة خاصة تجسد الجمال والغواية والحب وكل ما يرتبط بالجمال.. ومشاعر الإنسان فى كل مكان وزمان.
حيث ظلت التصورات أحادية النظرة إلى حواء تجسدها على أنها مصدر للشر والكراهية وتابعة لآدم طوال الوقت، وظلت أقدم المفاهيم عن حواء تلعب دورها مرارًا وتكرارًا فى جميع مجالات الثقافة المعاصرة، فيمكنك أن تستحضر تفاحة موضوعة فى يد امرأة فى عمل فنى أو إعلان أو فيلم، لترمز على الفور إلى النشاط الجنسى الملتوى لحواء.
خلال عصر النهضة الشمالية، قدم الفنان الألمانى لوكاس كراناش صورة حواء وآدم فى لوحته عام 1528، حيث يواجه الزوجان بعضهما البعض تحت شجرة المعرفة، والتفاح الأحمر الصغير يتمايل فوق رأسيهما، وتمسك حواء بثمرة الغواية ويظهر من فوقها ثعبان، فيما يحك زوجها رأسه، لكن الثعبان ليس هو الغواية ولا التفاحة لكن جمال حواء واعتدادها بنفسها، وهذا كان تفسير لوكاس كراناش الذى أراد.
ظلت صورة حواء كإغراء جنسى ثابتة بشكل مخيف، حتى فى المنتجات والبرامج التى تدّعى أنها تتحدى هذه الصورة الجنسية المتأصلة.
حتى خارج الفن التشكيلى، فقد استخدمت المصممة دونا كاران فكرة الغواية فى إعلان عن عطر طويل الأمد، ففى الإعلان تقضم عارضة جميلة من تفاحة خضراء لتتحول التفاحة إلى زجاجة عطر على نفس الشكل لتمثل فكرة الغواية، لكن هذه المرة فى عطر للجنسين وليس للرجال فقط.
وفى العمل الفنى الذى أبدعه مايكل أنجلو المتمثل فى «سقوط الرجل» ترى آدم وحواء بجسديهما مفتولى العضلات وار بعضيهما فيما تظهر حواء على شكل نصف ثعبان، تلتف حول الشجرة وتحاول مساعدة حواء ويلتقى الاثنان بيديهما اليسرى إمعانًا فى تشبيه خطيئتهما.