فى الوقت الذى أطلقت فيه الدولة حملة ال 100 مليون صحة، للقضاء على أمراض بعينها تسيطر على النسبة الأكبر من المصريين، وحماية غير المصابين من هذه الأمراض، ولكن قد يكون الوحش القادم الذى يتسلل خفية لأجساد المصريين، هو «السكرى»، هذا المرض يأتى صدفة دون مقدمات، يسكن جسد صاحبه طيلة حياته، هو أشبه بالوحش يكبر وينتشر دون متابعة أو استعداد لدحره، رغم أن هذا المرض يمكن تجنبه تماما فى مراحله الأولى شريطة الاكتشاف المبكر. الاهتمام بمرحلة ما قبل الإصابة بمرض السكر تعد هى الخطوة الأهم والأخطر والتى يمكن أن تُجنب المريض الإصابة حالة الاكتشاف المبكر وسرعة ضبط مستويات السكر بالدم خاصة فى ظل ارتفاع معدلات السمنة وتحديدا لدى الشباب، هذا الموضوع نظرا لأهميته كان محور الاهتمام لجميع المهتمين بالمرض عالميا، وكان على رأس أجندة اجتماعات الدورة ال 55 للجمعية الأوروبية لدراسة مرض السكرى، والتى تعد التجمع السنوى الأكبر بالعالم لمناقشة الجديد فى علاجات السكرى، وعرض الدراسات والأبحاث العلمية وكذا الأدوية الحديثة وكل ما هو جديد عن مرض السكر.
الدكتور صلاح الغزالى حرب أستاذ أمراض السكر والغدد الصماء جامعة القاهرة، والرئيس السابق للجنة القومية لمكافحة السكر، قال: مشكلة مرض السكر أنه ليس له أعراض ومعظم حالات الإصابة بالمرض تُكتشف بالصدفة ومن هنا تأتى أهمية التوعية بالمرض وكيفية الوقاية منه. وتابع: هذا الأمر كان محور اهتمام المشاركين فى التجمع الأكبر للسكر فى دورته الحالية، مشيرا إلى أن 14% من المصريين فى مرحلة ما قبل السكر وفقا للإحصاءات الحالية، ومن هم فى هذه المرحلة فى مصر، ثلاثة أضعاف المصابين بالمرض، و14% من المصابين لا يعلمون بإصابتهم، ومن هنا تأتى خطورة الموضوع وأهميته، وبالتالى يجب على الدولة التدخل لنشر التوعية وتحجيم مسببات الإصابة كما فعلت بعض الدول مثل سنغافورة التى منعت إعلانات الأغذية التى تحتوى على سعرات حرارية كبيرة، وحث المواطنين على ممارسة الرياضة وتجنب التدخين، خاصة إذا علمنا أن نسبة من هم فى مرحلة ما قبل السكر فى مصر. وتطرق أستاذ الغدد الصماء، للحديث عن السمنة لدى الأطفال فى مصر، والتى وصفها بالكارثة، وخلال الفترة المقبلة ستنتشر الإصابة بالنوع الثانى من السكر لدى الأطفال والشباب وليس النوع الأول كما هو المعتاد، وهذا الأمر غاية فى الأهمية والخطورة. وأضاف حرب، أن الكشف المبكر عن مرض السكر أمر فى غاية الأهمية، ويستهدف مرضى الضغط والسمنة والكوليسترول، لأن هذه المجموعة الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، وكثير من الحالات يكونون مصابين ولكن لا يعلمون بإصابتهم، ويمكن من خلال التشخيص الوقاية أو تأخير الإصابة لسنوات طويلة، مشيرا إلى أن مشروع الكشف المبكر عن السكر بدأ عام 2003، ولكنه تعثر الآن. ووفقاً لأحدث الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية هناك 422 مليون مصاب بالمرض على مستوى العالم، بمعدل واحد من كل 11 شخصاً، وهناك حالة جديدة كل 21 ثانية، وهناك 20 مريض فشل كلوى كل دقيقة نتيجة الإصابة بالسكر، وكل ساعة تحدث 9 حالات بتر بسبب السكر، وكل يوم هناك 66 حالة عمى وفقد نظر بسبب مضاعفات المرض على مستوى العالم، وتلك الأرقام تؤكد أن المشكلة خطيرة، والعالم كله انتبه لها، والأخطر أن هذه الأرقام تصل قمتها فى البلاد النامية، وتحديداً مصر ودول الخليج العربى التى تحتل المقدمة. ومرض السكر نوعان، النوع الأول يصيب الأطفال، والثانى يصيب الشباب وكبار السن، ويمثل نحو 90% من الحالات الموجودة فى مصر، وجزء من السبب وراثى، ولو أن الوالِدِين مصابان بالمرض فبالتأكيد سيكون أبناؤهما مصابين محتملين، وهناك أسباب أخرى غير وراثية، هى الوزن الزائد، وقلة ممارسة النشاط وزيادة العمر، والمرض يلازم صاحبه طول العمر، ولا يوجد ما يسمى «السكر المؤقت» و«لا السكر العصبى»، ولا «سكر يروح وييجى»، ومعظم حالات السكر يتم اكتشافها بالصدفة وليس لها أعراض ويكتشفها المريض بالصدفة البحتة، فمثلاً قد يكتشف الإصابة عند زيارته طبيب العيون أو طبيب أمراض القلب أو غيره. وعن الكشف المبكر يقول الدكتور محمد رضا حلاوة رئيس قسم الغدد الصماء والسكر بكلية طب جامعة عين شمس وعضو اللجنة القومية لمكافحة السكر، إن تجنب الإصابة بالمرض جزء مهم للغاية، حيث كشفت الدراسات إمكانية تجنب الإصابة بالمرض من خلال نظام حياة مثالى وممارسة الرياضة، ومن المعروف أن مريض السكر يأخذ العلاج طول العمر، الآن وفقا لبعض الدراسات الحديثة يمكن من خلال تغيير نمط الحياة ونزول الوزن بنسبة تتراوح بين 10% - 15% يمكن أن تؤدى لرجوع مستوى السكر للمعدل الطبيعى، وأن 10% من المرضى يمكن لهم الاستغناء عن العلاج خلال فترة زمنية من اتباع هذا النظام السليم تتراوح من 6 – 12 شهرا حسب الدراسة التى كانت نتائجها مبهرة ومشجعة لممارسة نظام رياضى وغذائى سليم. من ناحية أخرى، قال مصدر مسؤول بوزارة الصحة والسكان، إن اللجنة القومية لمكافحة السكر، والتى يُفترض بها وضع الخطط والاستراتيجيات وكل ما شأنه محاصرة المرض، لم تمارس عملها منذ فترة طويلة ولا يوجد لها رئيس حتى الآن، ولم تجتمع بوزيرة الصحة منذ توليها الوزارة. وأشار المصدر وثيق الصلة بعمل اللجنة، إلى أنها شبه معطلة لا تجتمع ولا تقدم خططا رغم أنها تضم فى عضويتها أساتذة كبارا، فى ظل التجاهل والتهميش لدورهم من قبل وزيرة الصحة، مؤكدا أن أعضاءها لم يلتقوا بالوزيرة ولم تجتمع بهم مرة واحدة منذ قدومها للوزارة، وأنهم يشعرون بتهميش متعمد وتجاهل لا يتناسب مع دورهم ولا مع الخطر الداهم الذى قد يسببه هذا المرض. وأضاف المصدر، أن الوزيرة أنابت مؤخرا مستشارة «شابة» لها للتواصل معهم، ولكن هذه المستشارة لا تملك شيئا، ومن ثم أصبحت هذه اللجنة فى حكم العدم، وأضحى حائط الصد الأول لهذا المرض «شبه مُعطل».