اعتدت، منذ انطلاق النسخة الأولى فى شرم الشيخ، الحضور والملاحظة عن قرب والتدقيق بالفحص والنقد بشمولية قدر المعرفة، لكل ما يتم تحضيره أو تنفيذه فى «منتدى شباب العالم» منذ لحظة وصولى حتى مغادرتى، مع كتابة هذه الملاحظات كاملة كعادتى الدائمة فى تدوين كل شىء فى أوراقى المحفوظة، التى أوثق فيها هذه الصورة، كواحدة من خبراتى الحياتية الإنسانية بسبب تنوع الحضور من شباب بلدان العالم المختلفة والمهنية فى الرصد والتحليل والتوثيق وخبرتى الإعلامية عبر تقديمى وإدارتى لجلسات وفعاليات متنوعة داخل أروقة المنتدى، كما كنت أحفظ دائمًا فى شريط ذاكرتى مشاهدات مختلفة لتعاملات الشباب من الحضور الأجنبى والعربى والإفريقى أو شباب المنظمين داخل هذا الحدث، ولاحظت على التتابع الزمنى أن المشهد برمته لم يكن ثابتًا، بل كان منتدى الشباب يتحسن فى أدائه، ويتطور فى أدواته يومًا بعد يوم ونسخة بعد نسخة، مُخفِّضًا مستوى ونسبة النقد المُوجَّه إليه عبر الإصلاح الذاتى والتعلُّم، مُجاريًا المعطيات والحراك العالمى على أصعدة مختلفة، حتى فى اختياره لقضاياه التى حاول الجميع أن يتم تقديمها بصور تتسق مع عالمية النموذج المصرى للمنتدى، الذى تجتهد مصر فى أن تخاطب من خلاله العالم بصوت شاب يافع، متنوع الهوى، أحادى الهوية، عميقها. ومنذ انطلاقه حتى الآن، أُسندت لى إدارة جلسات مختلفة، حمل معظمها طابعًا ثقافيًا نتيجة اهتمامى بهذا الملف، كما أحب أن أعتقد، وكانت تشمل دائمًا حضورًا أجنبيًا شابًا لتجارب وآراء متنوعة، أما فى هذه النسخة «2019» التى ستنطلق اليوم، فقد تم تكليفى بإدارة وتقديم جلسة تحمل عنوان: «دور الفنون فى التعامل مع القضايا الإنسانية»، والتى سيحضر للمناقشة فيها سبعة من الملهمين والفاعلين العالميين فى ملف الفن والإنسانية، من مطربين ومخرجين وممثلين ومؤسِّسين، وغيرهم من الباحثين فى دروب خدمة قضية الإعاقة عبر الفن، والتى أرى فيها أن «القوة الناعمة» أصبحت فى العالم كله هى القوة الصلبة الحقيقية، التى تستطيع أن ترصد الأزمات وتضع الحلول وتغير الواقع تلقائيًا عبر التفاعل البشرى السريع مع المعروض على الشاشات أو نوافذ أخرى، كان الفن فيها هو المُغيِّر للخريطة الإنسانية فى وقائع مختلفة. وهنا أتمنى أن يتحقق هذا التأثر الإنسانى المباشر بالفن وقوته فى مصر، والذى هو ممكن حدوثه عبر الإتاحة والدعم الحقيقى لملف الفنون وخدمة الإنسانية والتركيز على القضايا التى تضرب جذور وثوابت المجتمع المصرى، والذى نستطيع من خلاله توفير نفقات المجتمع المادية والمعنوية، ولذلك أعتقد أن عنوان هذه الجلسة يؤهلها لأن تكون من أهم الجلسات داخل المنتدى، ومن أهم الملفات فى الدولة المصرية الآن، والذى سبق أن طرحه الرئيس عبدالفتاح السيسى حين تحدث عن مشروع «بناء الإنسان» و«صناعة الوعى»، والذى كان العنوان الأوحد فى برنامجى الثقافى «المساء مع قصواء» على قناة ten، فالبناء والوعى كلاهما أوله الفنون النظيفة وآخره الإنسانية.
