بالورد، محافظ الأقصر يهنئ الأطفال باحتفالات عيد القيامة المجيد (صور)    غدا وبعد غد.. تفاصيل حصول الموظفين على أجر مضاعف وفقا للقانون    مئات الأقباط يصلون قداس عيد القيامة في دير سمعان الخراز (صور)    بث مباشر| البابا تواضروس يترأس قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    البنك المركزي: 8.9 تريليون جنيه سيولة محلية في البنوك بنهاية 2023    محافظ الغربية يتابع أعمال الرصف بطريق "المحلة - طنطا"    «القومى للأجور» يحدد ضمانات تطبيق الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص    الجامعة الأمريكية تستضيف زوجة مروان البرغوثي إحياءً لذكرى النكبة الفلسطينية    سفير فلسطين في تونس: مصر تقوم بدبلوماسية فاعلة تجاه القضية الفلسطينية    حريات الصحفيين تدين انحياز تصنيف مراسلون بلا حدود للكيان الصهيوني    الأهلي يضرب الجونة بثلاثية نظيفة في الدوري الممتاز (صور)    إصابة 4 أشخاص في تصادم ملاكي وربع نقل على طريق المنصورة    أسوان .. وفاة شخص سقط فى مياه النيل بمركز إدفو    تعرف علي موعد عيد الأضحي ووقفة عرفات 2024.. وعدد أيام الإجازة    الكويت تمنح جمهور حفلاتها هدايا خاصة ب"ليلة الشباب" بهاء سلطان وتامر عاشور (صور)    اكتشاف كتب ومخطوطات قديمة نادرة في معرض أبوظبي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    أحمد كريمة يعلن مفاجأة بشأن وثيقة التأمين على مخاطر الطلاق    أمين عام الدعوة بالأزهر الشريف يزور الإسماعيلية للاطمئنان على مصابي غزة (صور)    استشاري يحذر من شرب الشاي والقهوة بعد الفسيخ بهذه الطريقة (فيديو)    خبير تغذية يكشف فوائد الكركم والفلفل الأسود على الأشخاص المصابين بالالتهابات    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    بالصور.. محافظ الشرقية من مطرانية فاقوس: مصر منارة للإخاء والمحبة    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    شروط التقديم على شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. والأوراق المطلوبة    أمريكا والسفاح !    قرار جديد من التعليم بشأن " زي طلاب المدارس " على مستوى الجمهورية    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة عامل دليفري المطرية |تفاصيل    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    السكة الحديد تستعد لعيد الأضحى ب30 رحلة إضافية تعمل بداية من 10 يونيو    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توريد 398618 طن قمح للصوامع والشون بالشرقية    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحاكمية المغلوطة
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 12 - 2019

نجح بعض ممثلى الإسلام السياسى فى الوصول إلى الحكم، كل فى بلده، وأمكن لبعضهم تشكيل النظام السياسى وفق أيديولوجيتهم ومصالحهم، خاصة فيما يتعلق بالحاكمية، كما صاغها أبو الأعلى المودودى، ونقلها عنه أو انتحلها سيد قطب، جرى ذلك فى باكستان مع ضياء الحق، الذى أعدم ذو الفقار على بوتو، مؤسس المشروع النووى الباكستانى، وقد مات ضياء فى حادث طائرة، قيل إنه كان مدبراً للخلاص منه، وحدث فى السودان الشقيق مع عمر حسن البشير سنة 1989، الذى أثبت أنه كان ابنا نجيبا للإسلام السياسى، وقد أطيح به فى ثورة شعبية دعمها الجيش السودانى، فى إبريل 2019، وكان قادة الجيش قرروا أن ينفضوا يدهم منه، حين صارحهم بأنهم على المذهب المالكى، وذلك المذهب يجيز لولى الأمر- كما قال هو لهم- أن يتخلص حتى من ثلث الرعية، لتجنب الفتنة وليعش الباقون!!
وحدث فى مصر خلال العام الذى تولى فيه الإخوان الحكم، لقد حكم مبارك طيلة ثلاثين عاما، وفى النهاية هب حوالى 12 مليون مصرى يوم الجمعة 11 فبراير 2011 يطالبونه بأن يترك الحكم، وقد استجاب، أما الإخوان فخلال سنة واحدة قام ضدهم أكثر من ضعف العدد الذى تحرك ضد مبارك، ولم يستجيبوا فأقصاهم الشعب.
غير هذه النماذج الثلاثة، هناك نماذج أخرى عديدة فى أكثر من بلد، ولنا أن نتساءل عن مدى نجاح هؤلاء فى الحكم، ومقاييس النجاح معروفة، ويمكن أن نختصرها فى أربع قضايا رئيسة، وهى: هل نجح هؤلاء فى الحد من الاستبداد، وبناء مجتمع يمكن أن يخطو نحو تداول السلطة وتُحترم فيه الحريات الأساسية للإنسان وللمجتمع؟ هل استطاع أى من هؤلاء تحقيق تنمية تنهض بالمواطن وتحد من مستويات الفقر والعوز أو توفير الاحتياجات الأساسية لمعيشة المواطن؟
هل تمكن هؤلاء، كل فى بلده، من مواجهة الفساد والمفسدين، أم منح الفساد مشروعية وجعله قاعدة أساسية للحكم؟ هل استطاع هولاء الحفاظ على التماسك الوطنى وحدود الوطن وسيادته أم فتحوا الباب للانقسام والتفتت والتدخل الأجنبى؟
الإجابة فى كل الحالات سوف تكون بالسالب، فقد تراجعت معدلات التنمية وارتفع معدل الفساد وتجذر، فضلا من غياب تام للحريات واختفاء تداول السلطة، ناهيك عن اهتزاز السيادة الوطنية لكل بلد، انفصال جنوب السودان عن شماله وقت حكم البشير وبسبب سياساته واضح لنا جميعاً.
وهنا لابد للمرء أن يتساءل: من أين تأتيهم هذه الثقة وذلك الجبروت الذى يدفع صاحبه إلى عدم الاهتزاز أمام فقدان نصف مساحة بلده ولا يرتعد ضميره من غضب ملايين المواطنين، ناهيك عن انهيار معدلات التنمية ومستويات دخل المواطن؟!
هؤلاء جميعاً يتصورون أنهم قائمون على تنفيذ الآية الكريمة «إن الحكم إلا لله» وسائر الآيات التى اعتبروها آيات الحاكمية، ومن الناحية العملية، يصبح الحكم للتنظيم أو للجماعة أو للشخص الذى أجلسه التنظيم فى هذا الموقع. تأمل حالة الرئيس البشير، قضى ثلاثة عقود كاملة فى موقعه، ومُنى السودان بالعديد من الكوارث فى عهده، هو شخصياً ملاحق من الجنائية الدولية، ومع ذلك كان يتصرف بثقة مطلقة، يريد تعديل الدستور ليظل فى موقعه، ولما اشتدت الاعتراضات يطلب ببرود قتل 30% من المتظاهرين، ويرى أن المذهب المالكى، أى الدين، يجيز له ذلك، وبعد أن تم خلعه عن الحكم يقول إنه ربما أصيب بدعوة مظلوم، أى أنه لا يدرك حجم ما جلبه على بلاده وشعبه من ويلات.
تأمل كذلك الخطاب الأخير للرئيس المعزول محمد مرسى، كان تقدير الموقف الذى قدمته القيادة العامة للقوات المسلحة ينبه إلى ضرورة الاستجابة لمطالب المواطنين بتغيير الحكومة، الأطراف الدولية تنصحه بالاستجابة للمطالب و... و...، لكنه- بناء على أمر مكتب الإرشاد له- يرفض ويصر على أنه هو الشرعية ودونها «رقبتى»، هذه الثقة المطلقة لأنه، هو ومن شابهه، يتمثلون أنفسهم فى الآية القرآنية الكريمة، وعندها لا يرون الشعب ولا مطالب الناس، يرون أنفسهم فقط، ويحملون الآية الكريمة معهم، وكأنهم وكلاء عن الله سبحانه وتعالى.
وإذا عدنا إلى القرآن الكريم، وفى مجال حكم الله، نجد بعض المحددات أو السمات لذلك الحكم، ففى سورة الرعد، الآية 14، نقرأ قوله تعالى: «والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب»، هنا الحكم، قد يكون بمعنى القضاء والقدر، ومن ثم فإن حكمه نهائى وقاطع، لا مجال للتعقيب عليه أو المراجعة فيه، إنه أمر إلهى صارم، بل إن مراجعته وعدم الرضا به يعد لدى البعض نقصا فى الإيمان، وهذا بالتأكيد غير الحكم السياسى، لكنهم يأخذون النص القرآنى إلى أيديولوجيتهم ولا يذهبون هم إلى مقاصده.
وفى سورة الكهف، الآية 26، نجد قوله تعالى: «ما لهم من دونه من ولى ولا يشرك فى حكمه أحداً»، هنا نص صريح ومباشر أنه لا أحد يشترك مع الله فى حكمه، هو أمر خاص به وحده.. وفى القرآن الكريم كذلك يرد أن الله فعال لما يريد، أى ما يريده هو، لا ما يريده ولا ما يطلبه أو يتطلع إليه الآخرون، المواطنون، وهذا طبيعى فى مجال الخلق، خلق الكون وسننه، وتحديد مصير الإنسانية والحياة عامة لسائر الكائنات الحية، ولكن..
إذا أخذنا هذه السمات من مجال الخلق والكون كله إلى المجال الاجتماعى والسياسى، فإننا سوف نجد الحاكم البشرى، أى الإنسان، لن يشرك معه أحدا فى الحكم، لا برلمان ولا مستشارين ولا هيئات قضائية ولا حكومة ولا أجهزة رقابية، ولا رأى عام، لا أحد بالمرة، هو وحده فقط!!
أما فى مجال التنفيذ والفعل، فإنه يفعل ما يريده هو أو ما يتصور هو، لا ما يريده المحكومون، أى الشعب، لن يفعل لهم أى شىء، وليس مطالبا أمامهم بأى شىء، لأنه لن يحاسب أمامهم، ولن ينال موافقتهم ولا رضاهم، فهو جاء باختيار إلهى، ممثلاً لحكم الله، هنا تنتفى كلمات ومصطلحات مثل: المواطن.. الفرد.. الإنسان.. الشعب.. المجتمع، بل ينتفى كذلك الوطن ذاته، لذا وجدنا جنوب السودان ينفصل عن شماله ولم يمتعض أو يهتز ممثل الحكم الإلهى بالسودان آنذاك.. ولا اهتز المحيطون به، وفى مصر زمن حكم الإخوان كان معدل التنمية فى هبوط، والسياحة فى تراجع، والاحتدام الطائفى ملتهب، والملايين فى الشوارع، ولم يطرف للإخوان جفن، بل راحوا يهددون ويتوعدون، وعلى منصة رابعة العدوية سمعنا منهم أن سيدنا جبريل تنزل بينهم، رغم أن الوحى انقطع باكتمال نزول القرآن الكريم، أى انقطاع نزول جبريل إلى الأرض، وسمعنا من رأى فى المنام أن رسول الله يقدم محمد مرسى لإمامة المصلين، رغم أن الرسول لم يدع أحداً ولم يقدم أحداً لإمامة الصلاة فى وجوده، وإنما سمح لأبى بكر بالإمامة فى مرضه الأخير، حين لم يكن قادراً على القيام.
هذه الهلاوس التى انتابتهم، لأنهم تمثلوا الآية الكريمة: «إن الحكم إلا لله» ففسروها: إن الحكم إلا للمرشد أو من يختاره المرشد.. فاللهم قنا شر الفتنة فى الدين.
لكن هل هذا ما أراده الله لنا فى مجال تنظيم المجتمع والدولة، وهل هو مطلب قرآنى بالفعل؟!
بالتأكيد لا.. لم يرد الله لنا، بل إن هذا الفهم والتعامل المتعسف مع القرآن الكريم ونصوصه يتناقض مع روح الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.