حزب "المصريين" يعقد اجتماعًا موسعًا لوضع خطة عمل الفترة المقبلة| صور    الحبس شهر وغرامة 100 ألف جنيه عقوبة دخول المناطق الأثرية بدون ترخيص    ترامب: تصريحات بيل جيتس تظهر أننا انتصرنا على "خدعة المناخ"    تحرير 977 مخالفة مرورية في حملات أمنية على شوارع قنا لاعادة الانضباط    مدينة العلمين الجديدة: إنجاز الأعمال بالحي اللاتيني "زون 2" بنسبة 91%| صور    بلومبرج: ترامب يعتزم تعيين مساعد البيت الأبيض رايان باش مفوضا للجنة التجارة الفدرالية    نيوكاسل يونايتد ضد توتنهام.. السبيرز يودع كأس الرابطة    نبيل فهمي: لا أحمل حماس كل تداعيات أحداث 7 أكتوبر.. الاحتلال مستمر منذ أكثر من 70 عاما    تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية.. وهجوم على قرية "برقا"    مصطفى محمد يسجل في هزيمة نانت أمام موناكو بالدوري الفرنسي    بيراميدز يواجه التأمين الإثيوبي في مهمة حسم التأهل لدور المجموعات الإفريقي    بايرن ميونخ يهزم كولن في كأس ألمانيا ويحطم رقم ميلان القياسي    إنتر ميلان يواصل التألق بثلاثية نظيفة أمام فيورنتينا في الدوري الإيطالي    مصطفى محمد يشارك بديلا ويسجل في خسارة نانت من موناكو بال 5    التحفظ على جثتي مصوري بورسعيد اللذين سقطا من أعلى ونش أثناء مهمة تصوير لعملهم    كواليس العثور على جثة شاب مشنوقا داخل شقته بأوسيم    النرويج تؤكد الحكم بالسجن 21 عامًا على منفذ هجوم مسجد أوسلو    أبراج وشها مكشوف.. 5 أبراج مبتعرفش تمسك لسانها    إزاى تحول صورتك بالزى الفرعونى وتشارك فى تريند افتتاح المتحف المصرى الكبير    قبل ساعات من افتتاحه، اختصاصات مجلس إدارة هيئة المتحف المصري الكبير    علي صوتك بالغنا، افتتاحية نارية لمدربي "The Voice" في موسمه السادس (فيديو)    إسرائيل تصادق على بناء 1300 وحدة استيطانية جنوب القدس    القضاء الإسرائيلى يلزم نتنياهو بتقديم شهادته 4 أيام أسبوعيا بسبب الفساد    جامعة المنيا: فوز فريق بحثي بكلية الصيدلة بمشروع بحثي ممول من الاتحاد الأوروبي    أسعار الذهب فى أسيوط الخميس 30102025    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    أخبار × 24 ساعة.. مدبولى: افتتاح المتحف المصرى الكبير يناسب مكانة مصر    الشرقية تتزين بالأعلام واللافتات استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير    حارس بتروجت: كنا نطمع في الفوز على الأهلي    الزمالك يسعى للعودة إلى الانتصارات أمام «طموح» البنك الأهلي    ارتفاع الأخضر عالميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس بغد قرار الفيدرالي    بالصور.. تكريم أبطال جودة الخدمة الصحية بسوهاج بعد اعتماد وحدات الرعاية الأولية من GAHAR    حماة الوطن: نقدم نوابا يحملون هموم المواطن والمال السياسي غير موجود    5 ساعات حذِرة.. بيان مهم ل الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم: ترقبوا الطرق    مدمن يشعل النار فى شقته بالفيوم.. والزوجة والأبناء ينجون بأعجوبة    من تأمين المصنع إلى الإتجار بالمخدرات.. 10 سنوات خلف القضبان لاتجاره في السموم والسلاح بشبرا    النيابة الإدارية تُعاين موقع حريق مخبز بمنطقة الشيخ هارون بمدينة أسوان    متهمين جدد.. تطور جديد في واقعة قتل أطفال اللبيني ووالدتهم    رسميًا.. أسعار استخراج جواز سفر مستعجل 2025 بعد قرار زيادة الرسوم الأخير (تفاصيل)    مطروح تستعد ل فصل الشتاء ب 86 مخرا للسيول    نبيل فهمي: ترامب أحد أعراض التحول الأمريكي.. وأؤيده في شيء واحد    وزيرة الخارجية البريطانية: العالم سيحاسب قيادة قوات الدعم السريع على الجرائم التي ارتكبتها بالسودان    زينة تطمئن جمهورها بعد إصابتها: «وقعت على نصي الشمال كله» (فيديو)    3 أبراج «بيسمعوا صوتهم الداخلي».. واثقون في بصيرتهم وحدسهم يرشدهم دائمًا    المالية: حققنا 20 إصلاحا فى مجال التسهيلات الضريبية    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الخميس 30102025    ختام البرنامج التدريبي بجامعة المنيا لتعزيز معايير الرعاية المتمركزة حول المريض    سوهاج تكرّم 400 من الكوادر الطبية والإدارية تقديرًا لجهودهم    أهمية المنصة الوطنية للسياحة الصحية.. يكشفها المتحدث باسم الصحة ل "ستوديو إكسترا"    جولة تفقدية لمتابعة انتظام الخدمات بالقومسيون مستشفى العريش العام    «العامة للاعتماد والرقابة الصحية» تختتم برنامج تأهيل المنيا للانضمام للتأمين الصحي الشامل    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    محاكمة صحفية لوزير الحربية    باريس سان جيرمان في اختبار سهل أمام لوريان بالدوري الفرنسي.. بث مباشر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جنتهم و«جنة العبيط»
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 01 - 2020

■ «جنة العبيط»، كتاب يحتوى على مجموعة من المقالات ل «زكى نجيب محمود»، صدر فى العام (1947)، وذلك بعد عودته من البعثة الدراسية فى بلاد الإنجليز وحصوله على «الدكتوراة» فى الفلسفة. و«جنة العبيط»، هو أيضاً عنوان إحدى المقالات التى يتضمنها الكتاب، والتى يوضح فيها الكاتب ساخراً أنه هو ذاته المقصود بوصف «العبيط». أما المقصود بالجنة، فهو عالم وهم أحلامه ومفاهيمه الخاطئة غير الواقعية، مقارنة بالمفاهيم الغربية الإيجابية الواقعية. والكاتب، حينما يسخر من «الذات»، إنما هو يعنى الإسقاط على «المجتمع». ومفاهيمه عن الفضيلة والعطف والإحسان، التى هى مجرد لغو غير مجد. فيقول الكاتب:
■ «ها أنا ذا أحنو على البائس عطفًا وإن كنت لا أُعطيه؛ وأذوب على المُصاب أسًى وإن كنت لا أُواسيه؛… فقلبٌ عطوف خير للفقير من قرش إنفاقه سريع، وفؤاد ذائب أبقى له من عون لا يلبث أن يضيع. إنى أعوذ بالله من إنسان يفهم الإحسان بلغة القرش والمِليم؛ تلك لعمرى مادية طَغت موجتها على العالم كله…؛ لقد أقفر العالم حول جَنتى فلا عطف ولا عاطفة، واستحالت فيه القلوب نيكلًا ونحاسًا تعرفها بالرنين… أهكذا يُقوَّم كل شىء بالمال حتى إحسان المُحسِن..؟ فالقرش والمِليم هو معنى الإحسان فى الغرب الذميم، الذى غلظت فيه الأكباد...؛ كم جامعة عندهم أنشأها ثرى؟ وكم دارًا أعَدها للفقير غنى؟… لا، بل إن هذا الغرب المنكود ليسير إلى هاوية ليس لها من قرار؛ إذ هو يسعى إلى محو الفقر محوًا، حتى لا يكون لفضيلة الإحسان عنده مَوضِع! فاللهم إنى أحمدك أن رضيتَ لى الإسلام دينًا، وجعلت لى الإحسان ديدنًا».
«أنا فى جَنتى العالم العلَّامة، والحبر الفهَّامة؛ أقرأ الكف وأحسب النجوم فأُنبئ بما كان وما يكون، أُفسِّر الأحلام فلا أُخطئ التفسير، وأُعبِّر عن الرؤيا فأُحسِن التعبير، لكل رمز معنًى أعلمه، ولكل لفظ مغزًى أفهمه».
«أنا فى جَنتى الحارس للفضيلة أرعاها من كل عدوان، لا أغُض الطرْف عن مَجانة المُجَّان، والعالم حول جَنتى يغوص إلى أذنيه فى خلاعة وإفك ورذيلة ومُجون؛ دَعهم يطيروا فى الهواء ويغوصوا تحت الماء، فلا غَناء فى علم ولا خير فى حياة بغير فضيلة، دَعهم يُحلِّقوا فوق رءوسنا طيرًا أبابيل ترمينا بحجارة من سجيل، فليس الموت فى رداء الفضيلة إلا الخلود. إنى والله لأُشفِق على هؤلاء المساكين، جارَت بهم السبيل فلا دنيا ولا دين، أتَدرى ما معنى الفضيلة عند هؤلاء المجانين؟ معناها كل شيء إلا الفضيلة! فالنساء عندهم يُخالِطن الرجال، والنساء عندهم يُراقِصن الرجال، ثم النساء عندهم يعملن مع الرجال، وهُن يُقاتِلن مع الرجال! أرأيتَ أفحش من هذا الإفك إفكًا! وأقبح من هذا المُجون مُجونًا؟».
■ ثم يصف الكاتب حرية التعبير، خارج «جنته».. فى الغرب، ويقول: «… يتصايَح الناس بما يجيش فى صدورهم، لا يكُم أحد أحدًا؛ لأن أحدًا ليس له سلطان على أحد، كأنهم ذباب يطِن، لا تملك ذبابة منها أن تُسكِت عن الطنين ذبابة؛ والمطبعة فاغرة فاهًا تلتقم من الأقلام حنظلها وشهدها..؛ لتُخرِجه للناس صحفًا وكتبًا؛ وما ظنُّك بقوم يأذنون لرجل من أعلام كُتابهم أن يقول فى كتاب مطبوع: إن الفتيان والفتيات، فى المعاهد والجامعات؛ ينبغى أن تُشرِف الدولة على تنظيم غرائزهم، فتُدبِّر لهم لقاءً لا يُنسِل. إن الدولة التى تدرأ عن أهلها السموم، من واجبها أن تكُم هذه الأفواه، لكنهم قوم لا يعقلون».
■ وعن المساواة بين الناس فى الغرب يقول: «.. فى هذا الخليط لا يُؤمِن الناس بأن الليل لا ينبغى له أن يسبق النهار، ولا الشمس أن تُدرِك القمر، وأن كلًّا فى فلك يسبحون؛ فهم يُريدون لأجرام السماء كلها أن تسبح فى فلك واحد، ثم تختلف بعد ذلك أوضاعها وأشكالها ما شاءت أن تختلف؛ وذلك الفلك الواحد عندهم هو صفة الإنسانية التى تجعل الإنسان شيئًا غير الكلب والحمار؛ فكُن عندهم فقيرًا ما شئت، أو كُن عندهم غنيًّا ما شئت؛ لكنك إنسان. كُن عندهم جاهلًا ما شئت، أو كُن عندهم عالمًا ما شئت؛ لكنك إنسان. كُن عندهم ضعيفًا ما شئت، أو كُن عندهم قويًّا ما شئت؛ لكنك إنسان. كُن عندهم زارعًا أو صانعًا؛ فأنت إنسان. كُن عندهم خادمًا أو مخدومًا وأنت فى كلتا الحالَين إنسان؛ كأنهم جماعة من النمل لا تختلف فيها نملة عن نملة! وأقرِن فوضاهم هذه بالنظام فى جنتى، فأحمد الله على سلامتى… كلا! لا أُريد لهذا الغرب اللعين أن ينفذ إلى جَنتى، ولا لمدينة الغرب أن تُفسِد مدنيَّتي؛ وإنه لتُغنينى عن سيارته حمارتى، وتكفينى دون طيارته بَغلتي؛ ما دُمت عن رذيلته فى حصن من فضيلتى»… «.. لكل جَنة إبليسها، وإبليس جَنتى وَسواس خناس، ما ينفكُّ يُوسوِس فى صدرى هاتفًا: يا وَيح نفسك، لقد ضلَّت ضلالَين؛ ضلالًا بغفلتها، وضلالًا بتضليل قادتها.».
■ هكذا كانت رؤية «زكى نجيب محمود» - فى فترة عنفوان شبابه الفكرى، وتبنيه للوضعية المنطقية . رؤية مفندة لجانب من أسطورة ؛ «الشرق الروحانى»، مقابل «الغرب المادى»، وذلك عبر سخريته ممن يبررون التخلف والعجز الحضارى، بل ويتمسكون به، بدعوى التمسك بقيم روحية وأخلاقية، وهى قيم غير متحققة على أرض الواقع.
■ «جنة العبيط» هى المجتمع الذى يتستر بأوهام وأحلام عالم افتراضى، منعزلاً وغاضاً للبصر والبصيرة، عن تسارع تغير مهول لعالم الواقع، مع كل طرفة عين والتى رحل مؤسسها، ولكنها مازالت تثمر وتزدهر حولنا.
 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.