الكلمة ليست مجرد «حروف» متشابكة عائمة فى الهواء. الكلمة مضمون ومحتوى له دلالة وأبعاد، وربما رسالة. الكلمة منطوقة أو مكتوبة من المفترض أنها تحررت من الضغط والخوف وأشياء أخرى. الكلمة طلقة فى وضح النهار، تزيل العتمة. ■ ■ ■ للكلمة مذاق وأحياناً لها عطر، وقد تحرضنى على البوح أو السكوت. قد ترهق ذهنى أو تلقينى فى خيمة أكسجين. وقد تثير عاصفة لا أعرف مداها، يعقبها «ندم اضطرارى»! وقد تعودت المراجعة لا الندم لأن الكلمة خرجت فى حراسة عقل، وحين أكون مسؤولاً عن كلمة لا أمارس الندم لأنى أعرف المسؤولية الأدبية والأخلاقية لما يخرج من فمى. ■ ■ ■ هناك كلمة مباشرة، «دوغرى» كما كان يسميها فكرى أباظة، وكلمة مطاطة تقبل التأويل على ألف وجه، وهى كلمة فاجرة تتعرى وتقنعنا بأنها ملتحفة بأوراق الشجر. وحين أكتب أختار من الكلمات ما يخدم الموضوع لأصل إلى الهدف، فكلمتى لا تلعب على أوتار ولا تعرف إمساك عصا من منتصفها، ولهؤلاء أحزاب اسمها «الإمساك بالعصا من نصفها» وهؤلاء يبغون السلامة والوصول إلى الشاطئ بأقل الخسائر الممكنة! هؤلاء يقفون فى منطقة الحياد الكاذب والحياد موت للأشياء..! ■ ■ ■ حين تكون الكلمة مبتلة بالحرية أو مكحلة بالجسارة، أتبناها وأصف بجوارها وقد أُقبّلها خلسة. فما أحلى الكلمات التى لا تخشى زنزانة معتقل أو إيقاف قلم. ما أجمل الكلمات التى تحمل فى طياتها التبصير أو التغيير. ما أعظم أن تضرب كلمة الاعوجاج الذى تراه وتكشف أوراقه وتعريه، فهذا هو دور الكلمة فى مجتمع نامٍ من المجتمعات النامية. وما أرخص الكلمة عندما يؤديها شواكيش المهرجانات، وما أبخس ذوق العامة الذين يعطونها آذانهم بشغف الجهلاء. ومعذور جمهور الشواكيش والمسامير، فلم يقابلوا الكلمة الراقية فى شدو أم كلثوم وترتيلات فيروز!