اذا تاملت فى الاحداث منذ قيام الثورة تجد ان حالة التهدئة والشعور بالاستقرار يصاحبها خطاب سياسى ما من جميع الفصائل وحالة الفوضى والشعور بعدم الاستقرار يصاحبها خطاب سياسى اخر فمثلا فى الايام القليلة التى عم فيها الهدوء نجد تشابكا خطابيا بين العلمانيين والاخوان ويتبع ذلك فترة من الفوضى والشعور بالخطر على الثورة وما انجزته فاذا بالخطاب المتبادل بين الاخوان والعلمانيين يجنح الى التهدئة والقبول المتبادل وهذا هو سر اللعبة كلها ذلك انه لا شك فى رغبة امريكا فى وجود نظام ديمقراطى يمثل فيه الاخوان مع العلمانيين جناحين متوازيين لا يطغى فيه جناح على اخر اما من يقول بان الامريكان لا يريدون الاخوان فى الحكم فهذا غير صحيح لاعتبارات كثيرة والامركيان عموما دائما ما كانوا يظهرون موقفا مخالفا لرغباتهم الدفينة وهذه من سمات السياسة الامريكية ان يقولوا شيئا ويعنون شيئا اخر فاختفاء الاخوان من العملية السياسية يعنى سد الطريق امام التيار الاسلامى لممارسة العمل السياسى المتوافق مع الديمقراطية والذى يمثل فى حد ذاته انتصارا للمنهج الديمقراطى الذى تعمل امريكا على حمايته والتبشير به فى العالم كله وهو ما يؤدى الى البحث عن طريق اخر قد يكون الارهاب عند البعض وقد يكون الثورة عند البعض الاخر وهذا الاحتمال اصبح اقرب كثيرا من ذى قبل حين كان القمع البوليسى الوحشى هو الطريقة الوحيدة للتعامل مع التيار الاسلامى عموما اما الان مع الثورة التى لا يشترك صانعوها فى شئ الا فى كراهية ذلك التاريخ الاسود من القمع البوليسى وهو ذلك القمع الذى كان الوسيلة الوحيدة الناجعة فى ايقاف الاخوان والتيار الاسلامى فاذا لم يتواجد هذا الخيار بعد ان قامت الثورة عليه هو تحديدا فان تنحية الاخوان عن العمل السياسى لا يعنى الا ثورة اخرى لكنها هذه المرة ستكون اسلامية بلاشك لكن العلمانيين من ناحيتهم يريدون اقصاء الاخوان ومنع الشعارات الدينية واتخاذ كل الاجراءات الادارية التى اتخذها النظام السابق لوقف الاخوان وقد يذهب البعض الى الدعوة الى حظر الاخوان قانونا كما كانوا دائما وهم لا يدركون انهم بذلك يسرعون الخطى نحو الثورة الاسلامية المنتظرة اما الامريكان فلا شك يدرسون الامر جيدا لذا كان اول تصريح لاوباما بعد بداية الاحتجاجات فى مصر عن تلك الفئة التى من الممكن ان تصل الى الحكم وتتشبث به يعنى الاخوان فاول تقرير قراه اوباما عن الاحداث فى مصر كان متعلقا بنظرة امريكا للاخوان واحتماية استئثارهم بالحكم اذا ما فازوا بالانتخابات فهذا هو الاحتمال الذى يقلق امريكا اذا ما استطاعت ان تطمئن الى استحالة حدوثه فساعتها لا مانع عندها فى تولى الاخوان الحكم بالانتخابات لانها تستطيع ان تفشل حكمهم بطرق عديدة وفى نفس الوقت تقدم احزابا علمانية بصيغة يمكن ان يتقبلها الشعب مثل الغد والوفد واشكالهما اما حمزاوى وساويرس وهذه النوعية من البشر فامريكا تستعملهم لتخويف الاخوان من الشطط العلمانى فهذه ايضا من سمات السياسة الامريكية وهى استعمال المتطرفين بطريقة تؤدى الى القبول بالاقل تطرفا فحمزاوى وامثاله مجرد بعبع يتم التخويف بهم للقبول بايمن نور وامثاله ونفس هذا الامر يتم عمله مع العلمانيين من خلال السلفيين فالسلفيون هم ايضا بعبع العلمانيين لكى يقبلوا بالاخوان يعنى شغل امريكا الشاغل هو العمل على قبول الاخوان بالعلمانيين وقبول العلمانيين بالاخوان وهذا هو سر الفوضى والانفلات الامنى والحكايات التى تحكى عن السلفيين والحكايات التى تحكى عن البلطجية واثارة الفزع والرعب فى قلوب الجميع ختى تستطيع امريكا تشكيل الساحة بالطريقة التى تناسب مصالحها والساحة ستكون كالاتى احزاب اسلامية سلفية تنادى بالحد الاقصى وهو عند امريكا تطبيق الشريعة الاسلامية واحزاب علمانية متطرفة تنادى بالحد الاقصى وهو اذابة الهوية الاسلامية فى مصر لتصبح مصر مجرد دولة بلا اى مرجعية اسلامية وبين هؤلاء واولائك يتواجد الاخوان واحزاب مثل الوفد والغد