تشهد العلاقات الروسية الإيرانية تحولا مثيرا يشير إلى إمكانية تغير في موقف موسكو تجاه البرنامج النووي الإيراني الذي أصرت على مدار السنوات الماضية على أنه لا يشكل تهديدا للغرب، كما عارضت بشدة محاولات عديدة من جانب الولاياتالمتحدة والغرب لفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران. يأتي هذا بعد الانتقادات الإيرانيةلروسيا بسبب تأييدها فرض عقوبات جديدة من جانب الأممالمتحدة على الجمهورية الإسلامية؛ حيث وجه الرئيس الإيراني «محمود أحمدي نجاد» توبيخا نادرا لنظيره الروسي «ديمتري ميدفيدف» وطلب منه "أن يتصرف بمزيد من الحذر" وان "يفكر كثيرا"، ورد الكرملين بأن على «أحمدي نجاد» أن يمتنع عن "الديماجوجية السياسية". ووصف «نجاد» تأييد روسيا لفرض عقوبات على طهران إزاء برنامجها النووي بأنه "أمر غير مقبول" معتبرا أن الاتفاق الخاص بتبادل الوقود النووي الذي وقعته بلاده مؤخرا مع تركيا والبرازيل يمثل فرصة تاريخية للرئيس الأمريكي باراك أوباما. في هذا السياق، اعتبر تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن التراشق بالتصريحات علانية بين طهرانوموسكو جاء برهانا على تحولات فعلية فى العلاقات بين روسياوإيران وللحد الذي يشكل خروجا على الموروث التاريخي للتحالف بين الجانبين. ورأت الصحيفة أن التحول الفعلي فى الموقف الروسي حيال إيران والخروج عن ثوابت لسياسات موسكو مثل معارضتها لفرض عقوبات على هذه الدولة أمر بدأ بالفعل فى أواخر العام المنصرم عندما رفضت القيادة الإيرانية مشروعا طُرح فى الأممالمتحدة بمشاركة موسكو بشأن تخصيب اليورانيوم. يشار إلى أن روسيا تعد شريكا تجاريا مهما لإيران، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين العام الماضي (2009) ثلاثة مليارات دولار، وتبيع روسيالإيران تكنولوجيا نووية وطائرات وبضائع أخرى، كما أن البلدين من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم ويجمعهما تعاون في هذا المجال. وعارضت روسيا مرارا فرض عقوبات جديدة على إيران في 2008 ومطلع 2009، وهونت من شأن تلميحات إلى أن إيران تستخدم برنامجها النووي لصنع أسلحة نووية، غير أن التقارب الأمريكي الروسي الذي حدث عقب تولي الرئيس باراك أوباما لرئاسة الولاياتالمتحدة والتفاهم الذي جرى بين البلدين فيما يتعلق ببعض القضايا الشائكة التي كانت سببا في الاحتقان بينهما كالدرع الصاروخي ومعاهدة خفض الأسلحة النووية، كانت سببا فيما اعتبره مراقبون تغيرا في موقف موسكو. وإضافة إلى ذلك، فقد جاء إعلان الغرب في سبتمبر الماضي اكتشاف منشأة إيرانية سرية للوقود النووي بالقرب من مدينة «قم» كسبب آخر في تقويض ثقة موسكو في إيران، وظهر ذلك في التصريحات الروسية التي اعتبرت أن المنشأة تمثل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن وأنها "مبعث قلق خطير"، ثم أيدت موسكو في نوفمبر 2009 قرارا للوكالة الدولية للطاقة الذرية يدين التصرف الإيراني.