تيريزا ماى تلجأ للمعارضة العمالية لحل مأزق «بريكست»

قالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماى إنها ستطلب من الاتحاد الأوروبى، مجددا تأجيل موعد خروج بلادها من الاتحاد «بريكست»، لتحصل على مهلة كافية لمناقشة وإقناع أعضاء مجلس العموم بالموافقة على خطة الانفصال التي توصلت إليها مع بروكسل،، كما التقت «ماى»، أمس، زعيم حزب العمال المعارض في محاولة للتوصل لتسوية بشأن اتفاق «بريكست»، قبل أيام من الموعد النهائى المقرر لمغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبى.
وقالت «ماى» في مداخلة بمقر الحكومة في لندن، في ختام اجتماع مع حكومتها استغرق 7 ساعات، مساء أمس الأول: «سنكون بحاجة إلى تمديد جديد للمادة 50 من اتفاقية لشبونة تكون لأقصر وقت ممكن» لتجنب الخروج دون اتفاق، وأضافت ماى أنها ترغب في مقابلة جيريمى كوربن زعيم حزب العمال المعارض في محاولة للتوصل إلى حل يحظى بدعم البرلمان، الأمر الذي لاقى ترحيباً من قبل كوربن، وشدد على وجود بنود حول الاتحاد الجمركى وحماية حقوق العمال ضمن أي اتفاق، وقالت ماى، إنه إذا اتفق حزبها وحزب العمال على خطة، فإنها ستطلب تأجيلا قصيرا بقدر الإمكان ينتهى بمجرد تمريرنا اتفاقا عبر البرلمان، وتعهدت رئيسة الحكومة بالسماح للنواب بإدارة عملية «بريكست» إذا عجزت عن التوصل لاتفاق مع حزب العمال، وأكّدت أنّ «الحكومة مستعدة للالتزام بقرار البرلمان».
وتصر تيريزا ماى على أن تبقى خطتها بشأن بريكست مقابل تنحيها عن منصب رئاسة الوزراء إذا نجح مجلس العموم في الموافقة على اتفاق الانفصال عن الاتحاد الأوروبى والذى طرحته الأسبوع الماضى للمرة الثالثة، ورفضه البرلمان.
وذكرت تقارير صحفية أنّ العديد من مؤيدى «بريكست» في حزب المحافظين الذي يقود الائتلاف الحاكم، يعارضون التفاوض مع حزب العمال المعارض، وأكدوا أنهم يفضلون الخروج من أوروبا دون اتفاق، واتهموا رئيسة الوزراء منح زعيم حزب العمال، الهيمنة على المراحل المقبلة من عملية «بريكست» إلا أن أعضاء كثيرين أيدوا علنا نهج ماى الجديد، وقال الوزير البريطانى المكلف بشؤون بريكست، ستيفن باركلى لهيئة الإذاعة البريطانية «بى. بى. سى»: إنّه أمر غير مرغوب فيه، لكن هذا هو المنطق القاسى للأرقام في مجلس العموم، وقال النائب واسع النفوذ جاكوب ريس-موج، إنّ «العملية الآن أصبحت بشكل كامل تحت سيطرة المؤيدين للبقاء» في الاتحاد الأوروبى، وتابع: «ينبغى أن نغادر الاتحاد الأوروبى في 12 أبريل دون اتفاق»، واحتجاجا على عقد اللقاء، بين ماى وكوربين، استقال عضو الحكومة من الصف الثانى نايجل أدامز واتهم في خطاب الاستقالة رئيسة الحكومة المحافظة، بأنّها ترتكب «خطأ كبيرا»، وقال: «من الواضح أننا سينتهى بنا الأمر في الاتحاد الجمركى، هذا ليس بريكست الذي وعدنا به ناخبينا»، ويدعو حزب العمال لبقاء بريطانيا في الاتحاد الجمركى للاتحاد الأوروبى، فيما استبعدت الحكومة، حدوث ذلك مشددة على أنّ بريطانيا يجب أن يكون لها سياسة تجارية مستقلة بعد «بريكست».
وعقدت ماى، أمس الأول جلسة محادثات مع وزرائها، لمدة 7ساعات، لمناقشة آخر تطورات مأزق بريكست، بعد أن صوت أعضاء مجلس العموم، برفض 4 بدائل لاتفاق الخروج الذي أبرمته ماى مع الاتحاد الأوروبى، ويجب على رئيسة الوزراء البريطانية أنّ تعد خطة قابلة للتنفيذ لإنهاء علاقة بلادها المستمرة، منذ 46 عاما مع الاتحاد الأوروبى، قبل القمة المقررة مع قادة الاتحاد في بروكسل، الأربعاء المقبل، حيث ستطلب منهم تأجيلا جديدا لتطبيق اتفاق «بريكست».
وكان من المقرر أن تخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى في 29 مارس الماضى، إلا أن ماى حصلت خلال قمة أوروبية عقدت في 21 و22 مارس الماضى، على تأجيل الخروج حتى 12 أبريل الحالى، في حال لم يتم إقرار اتفاق الطلاق النهائى، وحتى 22 مايو المقبل، في حال تمت الموافقة على الاتفاق في مجلس العموم.
بينما يحذّر الاتحاد الأوروبى، من أنه لن يؤجل عملية «بريكست» إلى أجل غير مسمى، ولكن مع اقتراب حلول الموعد الثانى لخروج بريطانيا، رحب رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك بتصريحات ماى، وكتب على تويتر: «حتى الآن، لم نعرف ما هي النتيجة النهائية، ويجب أن نتحلى بالصبر».
وجاءت الاستراتيجية الجديدة لرئيسة الوزراء البريطانية بعد أشهر من انسداد الأفق السياسى بشأن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، إثر الاستفتاء الذي أجرته المملكة المتحدة في 2016، لكن عملية الخروج أدت إلى مفاقمة الانقسامات بين المواطنين والسياسيين، وحتى داخل الحكومة البريطانية، التي شهدت استقالة عدد من أبرز الوزراء المؤيدين ل«بريكست» احتجاجا على الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بمواد «الباكستوب» التي تحدد مستقبل الحدود بين مقاطعة أيرلندا الشمالية، التابعة لبريطانيا وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبى، وبعد إحكام مجلس العموم البريطانى سيطرته على عملية «بريكست» لكن النواب فشلوا في التوصل لخطة منفصلة، فيما يسعى نواب البرلمان من مختلف الأحزاب لدفع مشروع قانون في مجلس العموم لمنع مغادرة بريطانيا للتكتل الأوروبى، دون اتفاق، وهو «السيناريو الكابوس»، الذي حذرت منه العديد من الجهات الأوروبية والمؤسسات الاقتصادية البريطانية.