إيماناً بأهميتها وتاريخها وقيمتها التاريخية والمعمارية والفنية، ولما تحمله من عبق التاريخ، وما عاصرته من أحداث سياسية أحياناً، واجتماعية وثقافية فى أحيان أخرى، تبدأ «أيقونة»، بداية من هذا العدد سلسلة من الأعداد المتخصصة، التى تتناول بيوت ومنازل وقصور مصر المنسية لماذا لا يتم تحويله إلى متحف؟ كبرياء وسط القبح والفوضى والإهمال».. هنا تغفو بقايا الجمال والعراقة فى ذلك القصر القديم ذى الطراز المعمارى المميز، حيث تشاهد بين أروقة قصر طلعت حرب باشا كثيرا من الأحداث والتاريخ لرائد النهضة الصناعية الاقتصادية «أبى الاقتصاد المصرى»، فى رحاب مجموعة صور قديمة يمتلكها حفيد طلعت حرب باشا الخبير المصرفى الدولى محمود نبيل إبراهيم، تمثل توثيقا لتاريخ ولفخامة القصر لما كان عليه. «أتمنى حين تأتى مناسبة مئوية (بنك مصر) فى إبريل 2020 أن تحتفى مصر بإعادة تجديد وإحياء القصر وتحويله إلى أثر ينضم إلى قائمة الأماكن التراثية ثم تحويله إلى متحف يحمل اسمه ليرمز إلى نهضة مصر، تعرض فيه المشاريع الاقتصادية التى ساهمت فى نهضة مصر من وقت طلعت حرب باشا حتى الرئيس عبدالفتاح السيسى».. هكذا تحدث حفيد طلعت حرب باشا فى بداية حديثه ل«أيقونة» موضحاً أن تاريخ القصر يرجع إلى مطلع القرن العشرين قبل إنشاء بنك مصر فى عام 1920، وقال نبيل إن القصر يقع فى 365 شارع رمسيس «الملكة نازلى سابقا» أمام مسجد النور، وشيد القصر على الطراز النيو كلاسيكى ويتكون من دورين وتراس وبدروم وحديقة. ويضيف حفيد طلعت باشا حرب: «كلنا نعلم أن طلعت باشا أكد على أهمية السينما وتعتبر نشأة السينما المصرية على يده فأقام فى قصره قاعة سينما ومسرحا، وأقيم العديد من المأدبات فى هذه القاعة منها مأدبة على شرف الأمير فيصل الذى أصبح ملكاً وكانت مجهزة كقاعة مسرح وسينما لعرض أفلام استديو مصر قبل عرضها، وأشهر الافلام التى تم عرضها فى هذا الاستديو (فيلم وداد)، وكان يقيم العديد من الأمسيات الثقافية لحرصه على دعم التراث المصرى فيدعو كثيرا من الفنانين مثل كوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب اللذين قاما بالغناء على مسرحه فى كثير من تلك الأمسيات وكان أول فيلم لأم كلثوم من إنتاج ستديو مصر، وتعرض الاستديو للحريق وضاعت جميع معالمه ولم يتبق منه سوى عدسات كاميرات عرض الأفلام». نرى من خلال الصور، التى قدمها لنا الحفيد حصرياً، أن السلالم كانت من الرخام الكرارة، وكان ملحقا بالقصر حجرة بها آلات رياضية لمزاولة الرياضة، أما التراس فكان مقفولا بالزجاج، وقد تعرض هذا التراس للحريق قبل الثورة والذى اكتشف هذا الحريق هو السفير البريطانى آنذاك السير مايلز لامبسون أثناء مرور موكبه أمام المنزل، أما الحديقة فكانت منسقة على الطراز الفرنسى وكانت تحتوى على أشجار ونباتات نادرة، وكان طلعت حرب حريصا على إقامة مائدة إفطار فى تلك الحديقة فى شهر رمضان المبارك تجمع موظفى بنك مصر، وشهدت أروقته العديد من المحادثات والمناقشات فى قضايا مصر فى تلك الفترة السياسية والاقتصادية بين عدد من زعماء ومسؤولى عدد من الدول حول العالم». كما كان فى هذا المنزل مكتبة ثرية تجمع كتبا نادرة جدا من بينها مجموعة «وصف مصر» الذى كان بداية الأساس لعلم «المصريات» وكتبه مجموعة من العلماء الذين اصطحبوا نابليون بونابرت أثناء الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 وقد قامت العائلة بإهداء هذه المجموعة إلى متحف طلعت حرب المتواجد فى فرع بنك بنك مصر الرئيسى فى شارع محمد فريد، وكذلك كان المنزل يحتوى على قطع نادرة من كسوة الكعبة التى أهداها إلى طلعت حرب الملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية، حيث أنشأ فى ذلك الوقت شركة مصر للملاحة وتمويل الطريق بين جدة ومكة، وقدمت العائلة هذه الكسوة النادرة إلى مكتبة الإسكندرية ومنها قطعة واحدة متواجدة فى متحف طلعت حرب أيضاً.
