تحيى إيران، بعد غد الإثنين، الذكرى الأربعين لانتصار ثورة الخمينى، وسط تصاعد التوتر مع الولاياتالمتحدة وتراجع اقتصادى حاد. وتنظم السلطات الإيرانية مسيرة إلى ساحة ازادى (الحرية) بطهران فى 11 فبراير، تتصادف مع اليوم الذى أطيح رسمياً بالنظام الملكى بعد 10 أيام على العودة المظفرة لزعيم الثورة آية الله روح الله الخمينى من المنفى. وستجمع المسيرة سياسيين إيرانيين وشخصيات عامة ومن المتوقع أن يلقى الرئيس حسن روحانى كلمة خلالها. ورغم أن إيران بدأت فى الأول من فبراير الاحتفالات السنوية ب«عشرة الفجر»، إلا أنها تواجه تحديات اقتصادية حادة بسبب مزيج من الصعوبات الداخلية والعقوبات الأمريكية. وانخفضت قيمة الريال مقابل الدولار، ما تسبب بارتفاع الأسعار، فيما حالت إعادة فرض العقوبات دون دخول الاستثمارات الأجنبية وحدّت من مبيعات إيران النفطية. وردّت السلطات الإيرانية بالتحذير من «مندسين» يمكن أن يهددوا البلاد من الداخل وحضت على «الوحدة الوطنية». وقال رئيس منظمة البيئة، عيسى كلانترى، إن إيران «تقدمت فى العديد من النواحى فى 40 عاما»، مشيرا إلى قطاعات الصحة والصناعة والخدمات والتعليم؛ لكنه أضاف أن سجلها البيئى «لا يمكن الدفاع عنه». فى الجانب العسكرى، وهو مصدر فخر لإيران، نظمت معرضين للأسلحة فى طهران ليتزامنا مع ذكرى الثورة ولعرض أحدث معداتها وقدراتها. وفى معارض بعنوان «40 عاما من الإنجازات الدفاعية» كشفت طهران عن صاروخ عابر جديد محلى الصنع قالت إنه تم اختباره «بنجاح». وتتهم واشنطن وحلفاؤها طهران بالسعى لتعزيز قدراتها الصاروخية ما يهدد الشرق الأوسط برمته، رغم تأكيد إيران أن أسلحتها هى فقط لأغراض دفاعية. وتنتشر اللافتات التى تفاخر بإنجازات الثورة فى أنحاء طهران. وتضع تلك اللافتات إيران فى المرتبة الأولى «فى الأبحاث العلمية السلمية فى الشرق الأوسط»، والتاسعة بالعالم فى عدد الكتب التى تنشر كل عام، والخامسة فى «أمن الفضاء السيبرانى». وفى عرض للتقدم التكنولوجى، أطلقت إيران، الشهر الماضى، قمرا اصطناعيا هو بيام (الرسالة بالفارسية)، لكنه لم يصل مداره. وتتزايد التكهنات التى تشير إلى أن إيران ستطلق قمرا اصطناعيا مصنعا فى الداخل خلال المراحل الأخيرة للاحتفالات السنوية. وذكر التليفزيون الرسمى أن المرشد الأعلى آية الله على خامنئى وافق على منح عفو عن «عدد كبير» من السجناء بمناسبة الذكرى الحالية للثورة. ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن رئيس السلطة القضائية، آملى لاريجانى، أن عدد السجناء الذين سيتم اطلاق سراحهم يبلغ 50 ألفا. وبحسب أرقام السلطة القضائية، فإن أكثر من 217 ألفا كانوا فى السجون الإيرانية فى مارس 2017. من جانبها، تعهدت الولاياتالمتحدة بمواصلة الضغط «دون هوادة» على إيران لردع برنامجها الصاروخى فى أعقاب كشف طهران عن سلاح باليستى جديد بعد أيام على تجربة صاروخ عابر. وكشف الحرس الثورى الإيرانى عن صاروخ باليستى جديد يبلغ مداه 1000 كلم، بحسب وكالة الأنباء التابعة لقوة النخبة فى إيران. وتزامن ذلك مع إحياء إيران الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية ووسط تصاعد التوتر مع الولاياتالمتحدة. وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، روبرت بالادينو، فى بيان، إن «تجاهل إيران الصارخ للأعراف الدولية ينبغى التصدى له». وأضاف: «يتعين علينا إعادة قيود دولية أكثر صرامة لردع برنامج إيران الصاروخى». وتابع: «إن الولاياتالمتحدة ستواصل دون هوادة حشد الدعم فى أنحاء العالم لمواجهة أنشطة النظام الإيرانى الصاروخية الباليستية المتهورة، وسنواصل ممارسة الضغط الكافى على النظام من أجل أن يغير سلوكه المؤذى، ومنها التطبيق الكامل لعقوباتنا». وقامت طهران بالحد من معظم برنامجها النووى بموجب اتفاق تاريخى عام 2015 لكنها واصلت تطوير تكنولوجيا صواريخها الباليستية. وانسحب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من الاتفاق فى مايو وأعاد فرض عقوبات على إيران لأسباب، منها البرنامج. وغرد وزير الخارجية الأمريكى، مايك بومبيو، فى ساعة متأخرة، الخميس، قائلا إن «عملية إطلاق الصاروخ الأخيرة لإيران تثبت مجددا أن الاتفاق الإيرانى لا يقوم بشىء فى وقف برنامج إيران الصاروخى». وتثير البرامج الباليستية الإيرانية قلق الغربيين الذين يتهمون إيران بأنها تريد زيادة مدى صواريخها وزعزعة استقرار الشرق الأوسط وإسرائيل. ويدعو قرار مجلس الأمن 2231، الصادر عقب الاتفاق النووى، إيران إلى «عدم القيام بأى أنشطة متعلقة بالصواريخ الباليستية المصممة كى تكون قادرة على حمل أسلحة نووية». وتكرر إيران أن برامجها الصاروخية تتعلق بمسألة الأمن القومى، وأن أهدافها «دفاعية» وتلتزم بالقرار الدولى.
